رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أصبح عندي الآن ورشة!


"أصبح عندي الآن ورشة".. قالها "محمد" بمنتهى الفرحة بعد أن افتتح ورشة لتصنيع التحف والأنتيكات من مادة البوليستر، على الرغم من معرفته التامة بالأضرار الصحية التي يسببها التعامل مع تلك المواد سواء عليه أو على العاملين معه، خاصة في ورشة تعمل بدون ترخيص وبدون إجراءات سلامة مهنية تحمي العامل أو البيئة المحيطة به.
محمد بيومي، الذي ولد في عام 1978 في أسرة مكونة من أب وأم وخمسة أولاد، التحق بمدرسة مدينة نصر الثانوية الصناعية لترميم الآثار وتخرج مع أول دفعة منها في العام الدراسي 1994- 1995، وكان من المفترض أن يلتحق بالعمل في هيئة الآثار المصرية مع زملائه بموجب خطاب تكليف، كما كان مقررا لجميع خريجي هذه المدرسة، خاصة أنه لم يكن متاحا لهم من قبل الالتحاق بالجامعة بعد إنهاء دراستهم الثانوية.
ولكن هذا العمل تأخر لثلاث سنوات قضاها محمد وزملاؤه في "اللف" على المسئولين لتنفيذ هذا التكليف، وعندما وافقوا في النهاية تم إلحاقهم للعمل في المجلس الأعلى للآثار بإدارة الهرم بنظام "السَرك"، أي اليومية، بدون تعيين أو حتى عقد.

5 جنيهات يومياً

هذه اليومية وقتها كانت تتراوح ما بين 7 و8 جنيهات، أما الآن فانخفضت لتتراوح بين 5 و6 جنيهات (دولار واحد)، وبعد 7 سنوات من العمل قام المجلس بتسريح محمد وزملائه، فاتجهوا بالشكوى إلى جمعيات حقوق الإنسان وأعضاء مجلس الشعب لكن لم يستجب لهم أحد، ولكن البعض ممن يمتلكون "واسطة" نجحوا في العودة إلى العمل بنظام "السرك" مرة أخرى.

أما الباقون ممكن لا يمتلكون واسطة فقد اتجهوا للأعمال الحرة من خلال عملهم في الورش كفنيي "فايبر جلاس"، وهو ما فعله محمد أيضا بعد أن فشل في أن يجد عملا آخر، فكما يقول: "البلد حالها واقف، والشغل الموجود مطلوب فيه العمل حوالي 12 ساعة مقابل 200 جنيه وأيضا عمل غير ثابت بدون تعيين، فكان الحل العمل في الورش، وعندما توفر لي مبلغ من المال قمت بافتتاح ورشة خاصة بي، واستعنت بمجموعة من

زملائي الذين تم تسريحهم من المجلس".

"الفينش لازم يكون حلو"

يبدأ محمد يومه بالاستيقاظ قبل الظهر بقليل، ثم يتوجه إلى الورشة الخاصة به ليتابع العمل بها ويتابع عمل الصناع وجودة القطع التي يقومون بإنتاجها، ثم يقوم بعملية "التشطيب" بنفسه لأنها من وجهة نظره هي التي تضع البضائع في شكلها النهائي الذي يقوم الزبون بناءً عليها بالشراء، لأن الزبون لن يشترى قطعة "الفينش بتاعها مش حلو".

وبعد المغرب يقوم بجولة على مجموعة من أصحاب البازارات ومكتبات الهدايا التي يتعامل معها ليعرض عليهم الجديد من القطع التي قام بتصنيعها ويتعرف على احتياجاتهم الجديدة.

محمد، يعرف الأضرار الناتجة عن أبخرة البوليستر والكوبلت والبروكسيد، ولكنه يرى أن أضرار العمل في هذه الورش شر لابد منه لأنها الشيء الوحيد المتوفر، كما أن العاملين فيها يتعودون على أضرارها بمرور الوقت.

يشير محمد إلى أن العمل في تلك الورشة موسمي ويرتبط بموسم السياحة الشتوي إلى حد كبير، قائلا إنه في غير هذا الموسم يعمل على إعداد القوالب والأورنيكات، إلى جانب متابعة دراسته، فعندما فتح باب التعليم الجامعي أمام خريجي المدرسة الصناعية لترميم الآثار التحق محمد بكلية الآداب قسم الآثار بالجامعة المفتوحة على أمل أن ينجح في العودة يوما للعمل بالمجلس الأعلى للآثار بعيدا عن نظام "السرك".

** نقلا عن كتاب (روشتة ضرب البطالة).