رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

في الفتنة الطائفية.. فتش عن الشباب!

- عشرة آلاف سلفي معظمهم من (الشباب) يحاصرون الكاتدرائية بالعباسية

- (شباب) الأقباط ينظمون مليونية داخل الكاتدرائية ردا على مظاهرات السلفيين

- (شباب) مسيحيون يهتفون أمام الكاتدرائية: السلفية فين الأقباط أهم!

- العناصر المتشددة من (الشباب) المسلم والمسيحي أشعلت أحداث "فتنة إمبابة"

- تراشق بالحجارة بين (شباب) مسيحيين وعشرات من (الشباب) المسلمين في ميدان عبد الرياض

عندما تقرأ هذه الأخبار التي حدثت خلال أسبوع مضى وحتى الأمس مع وقوع "فتنة إمبابة"، تدرك أن العامل المشترك بينها هو (الشباب).

ففتيل أي فتنة طائفية يبدأ دائما من الشباب، الذين يقعون فريسة للتعصب والتفرقة، وبحماس الشباب ينسون أنهم أبناء وطن واحد، كما تلعب مشاعر الشباب دورها هي أيضا في اشعال الفتنة، من خلال قصص الحب التي تجمع بين شباب مسلم وفتيات مسيحيات، أو بين شباب مسيحي وفتيات مسلمات.

فلماذا الشباب تحديدا، وما هي مسئولياتهم لوأد الفتنة، وكيف يمكن استغلال طاقاتهم؟.. أسئلة طرحناها على الخبراء والمتخصصين خلال السطور التالية.

تقبل الآخر

الدكتور نبيل عيد الزهار، أستاذ علم النفس ومدير مركز تطوير التعليم الجامعي بجامعة قناة السويس، يؤكد على وجود تقبل بين الشباب المسلم والمسيحي كل منهما للآخر، بدليل تواجدهم أثناء ثورة 25 يناير بجانب بعضهم البعض دون تفرقة أو حدود طائفية.

إلا أن ظهور جماعات ذات توجهات طائفية لا تتفق مع التعاليم الدينية السمحة التي تحثنا على تقبل الآخر واحترامه تفسد هذا التقبل، فظهرت قضايا هامشية أشعلت نار الفتنة في المجتمع مثل قضية كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين سابقا، ثم عبير طلعت حاليا.

ويتساءل الزهار: "ماذا سيزيد أو ينقص أي من الديانتين دخول واحدة أو اثنتين في أي منهما، لتتعرض مصر في هذه المرحلة الحرجة إلى هذه الفتنة الطائفية العنيفة؟".

يكمل: "أعتقد أن مسئولية كبيرة تقع على عاتق الشباب المصري من كلتا الديانتين في هذه المرحلة، فكما تكاتفوا في أزمة تحرير الوطن لابد وأن يتكاتفوا في سبيل تحرير العقول من سيطرة أي أفكار متطرفة تخرج تماما عن مفهوم الإسلام الوسطي وتعاليم المسيحية السمحاء، وعليهم تذكر مشاعر التماسك والود والتعاطف التي أذهلنا بها العالم".

ويتطرق الزهار لسبب يشعل دائما الفتنة الطائفية، وهو ما يتعلق بتواتر قصص الحب بين شباب مسلم وفتيات مسيحيات، أو بين شباب مسيحي وفتيات مسلمات، وهذا يكون نتيجة تقصير كبير من الأسرة في تربية أبنائهم التربية الدينية التي توضح لهم الحكمة من إجازة الإسلام للرجل الزواج بامرأة من ديانة أخرى، وهي أننا كمسلمين نؤمن بجميع رسل الله ونعترف بهم، بينما المسيحي واليهودي فلا يؤمنون إلا بدياناتهم، وبالتالي كيف للمسلمة أن تتزوج بإنسان لا يؤمن بوجود نبيها.

إفساد وحدة الشباب

"يوم أن تتخلى الدولة عن هيبتها فإنها تتخلى عن مصداقيتها"، هذا ما يشدد عليه المحامي "ممدوح نخلة" مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان، مشيرا إلى ضرورة عدم تخلي الدولة عن هيبتها لبعض السلفيين المتطرفين، فالسلفية كمبدأ شيئ راقي وتقترب من الصوفية المسيحية في التسامح وغيرها من المبادئ السامية.

يكمل: "أفسر الوضع الراهن بوجود قوى خارجية تدخلت لإفساد وحدة الشعب المصري وخاصة الشباب، ومن هنا فأعتقد أن دورنا يتمثل في توعية الشباب ليأخذ حذره ولا يتأثر بمن يريدنا أن نحيا مثلهم في القرن السابع الهجري، فهناك مشكلات أكثر عمقا ينبغي من الإلتفات لها ومحاولة إيجاد حلول لها، مثل البنية التحتية، البطالة، العنوسة..إلخ"..

ويرى نخلة أنه لابد من صرف إنتباه الشباب في الجانبين عن صغائر الأمور، "فحتى قصة كاميليا تعد أمر فرعي، ووجهة نظري أن نطلق المسألة فهي إمرأة ناضجة وحرة، ولا ينبغي أن نحجر على حريتها، وأن نعترف بأن كونها مسيحية او مسلمة لن يزيد أو ينقص أي من الديانتين شيئا، لذا فلابد من أن تتظافر جهودنا لبناء مصر الموحدة التي لمسنا وجودها ابتداء من 25 يناير".

توأمة لتغذية عقول الشباب

من جانبه يؤكد الداعية الإسلامي "شريف شحاته" على أن شباب الثورة لم يتغيروا فهم شباب مصر الواعي، إلا أننا نعيش في صورة غير محددة المعالم، مشيرا إلى أسباب ثلاث أدت للوضع الراهن، أولها الجهل بالدين سواء من الشاب المسلم في التعامل مع أهل الذمة المسيحيين واليهود، أو جهل الشاب المسيحي بأسس التعامل مع الغير، من حيث التزام بأحكام القانون الإسلامي في المعاملات المدنية، واحترام الشعائر الإسلامية ومراعاة مشاعرالمسلمين.

ثاني الأسباب التي أدت لتلك الفتنة هو التعصب، والسبب الثالث الثورة المضادة وإدخال الناس في مشاكل تطيح بالوحدة الوطنية، فلازلنا نعيش في ظل النظام السابق الذي يشوه كل مبدأ مستخدما كل وسيلة ممكنة ومنها وضع برامج تصطنع أخبار تسعى لتشويه صورة الإسلام.

ويلقى شحاتة باللوم على مختلف وسائل الإعلام، وخاصة تلك المنتمية لإتجاهات سياسية معينة، قائلا: "هذه المرحلة تحتاج وبشدة لتظافر جميع وسائل الإعلام وكل صاحب رأي وفكر معتدل، في سبيل تغذية عقول الشباب مسلما كان أو مسيحيا بالمعاني والمفاهيم الدينية الصحيحة، والتي تتناول حقوق وواجبات كل منهما تجاه الاخر، مع تسليط الضوء على نماذج

الشباب الناجح المؤثر والفعال، الشباب غير الراغب في الشهرة الذي شاهدناه في الميدان يضحي بنفسه في سبيل تحرير الأرض".

وبرأي شحاتة أنه لابد من التفكير في كيفية إيجاد توأمة بين الدعاة الشبان، وبين من يتحدثون في الكنائس مع الشباب المسيحي، فبالنسبة لموضوع كاميليا وصدق رواية دخولها للإسلام من عدمها، فلايجب أن نحمل الموضوع أكبر من حجمه، فكما يريدون أن نتعامل بحرية لابد وأن يطبقوها أولا، فاعتناق الدين حرية، ولكي يقطعوا الشك باليقين لماذا لا نشاهدها في بث مباشر في أحد القنوات تحت رعاية الكنيسة.

حرية العقيدة حق للجميع

من كنيسة الأدفنست برمسيس يقول القس "سامح دانيال": "لا أجيد التحدث في الأمور السياسية، وكل ما أعرفه أن كل الأشياء تعمل للخير، والشيطان وحده يعمل للشر، وأن الله هو الخير ولا يرضى عن هذا الشر".

مضيفا: "على الرغم من قناعتي من وجود أيادي خفية متطرفة من الداخل والخارج تعبث بعقول شبابنا، مع أستبعاد النظام السابق فأغلب رموزه مكبلة في السجن، إلا إنني أرى أن للكبار دور ريادي في هذه المرحلة، فالشباب يمتلكون طاقة وحماس يمكن توجيهها للخير أو الشر، من هنا لابد من عمل حملات تكثيفية توعوية في الجوامع والكنائس، فالخطاب الديني له تاثير بالغ المدى".

وتابع: "مادمنا نطالب بالحرية والديموقراطية فلابد إذن من الإعتراف بحرية اعتناق العقيده، فهناك جهات رسمية ينبغي اللجوء إليها فلسنا في مجتمع الغاب، وباستعراض التاريخ نتذكر كم تعرضت الكنائس لحرائق ومشكلات عديدة، لكن الرب منحنا التسامح والغفران، بشرط عدم تجدد الأحداث وما يصاحبها من مشاعر سلبية". مشيرا إلى سعادته بتصريحات المفتي وشيخ الأزهر حول حادثة إمبابة متمنيا أن يكون كل شيخ وقس على هذا القدر من الإعتدال والمسئولية.

وأضاف فيما يتعلق بزواج المسيحية من غير ديانتها، فالجميع يعرف جيدا أنه لا زواج لمسيحي أو مسيحية من غير ديانتهما "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين"، لكن التصدي لهذه الإشكالية مسئولية دور العبادة الكنائس والمساجد على حد سواء.

الإرهاب لا دين له

من جانبها رفضت الدكتورة "ميري عبد الله" أستاذ علم النفس، اطلاق أي مسميات دينية أو طائفية على الشباب الذين دبروا لهذه الفتنة التي أدمت قلب شعب مصر مسيحيين ومسلمين، فهي تندرج تحت الجرائم، فلا يوجد دين خلقه الله يبرر ما حدث فمن يعرف الله تغلب عليه الإنسانية، والكل يعرف أن المجتمع المصري يتميز بالتعددية والمسلمين والأقباط فيه إخوة.

وبرأي د.ميري أن على المثقفين دور كبير في حماية الثورة والحفاظ على مكتساباتها وعدم تخريبها، وذلك من خلال استهداف توعية الشباب من مختلف الديانات بموضوعية وليس توجيههم، بحيث نعيد للمجتمع المصري تماسكه الذي عايشناه على مدى قرون مضت.

هذا بالإضافة إلى المسؤلية التي تقع على كاهل رجال القانون والتعامل الفوري مع الموقف، فنحن دولة مؤسسات وليس أفراد، مع ضرورة وضع القوات المسلحة للأحكام الرادعة بلا تأجيل أو تسويف يؤدي لآثار سلبية وأولها جرأة المتعدين، ووضع أي تهديد في إطاره الرسمي، فتأخذ الحكومة والجيش حذرهما منه ولا تتهاونا في الرد عليه.

بدوره أكد الناشط السياسي الدكتور "أشرف بيومي" أن لقضية الفتنة الطائفية بعد سياسي ضارب بجذوره في التاريخ، ومن هنا لابد من حلها ومعالجتها بشكل جذري، وليس بتقبيل القس للشيخ أو ما إلى ذلك.