عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اخلوا مواقعكم للقادرين علي إطفاء الحريق


«السياسات العشوائية والقرارات الارتجالية..
لم تخدم يوماً سوي مافيا استيراد السلع ومستلزمات الإنتاج»

كانت مصر أسبق بلاد العالم الثالث في الصناعة والزراعة والخدمات.. أصبحت ـ بقدرة قادر ـ آخر بلاد العالم الثالث في كل هذه الميادين.
وبلا أعذار ولا مبررات.. كانت مصر جاهزة بعد ثورة يوليو 1952 لقفزة نوعية كبري تتخطي حدود الزمن وتسبق بها كل دول المنطقة.. كانت عوامل القفزة كامنة في تراكم حضاري هائل مهدت له انطلاقة «محمد علي» ومبادرات «إسماعيل» ومباداءت «طلعت حرب».. وهيأت  مناخه صحوة فكرية وثقافية كبري.. جعلت من مصر مصدر إشعاع حضاري عظيم عم العالم العربي والإسلامي طيلة النصف الأول من القرن العشرين.
لم تستورد مصر طيلة هذا التاريخ حبة قمح واحدة.. ولم تستدن قرشاً واحداً.. وكانت تصدر العديد من المنتجات.. كالمنسوجات القطنية.. وصدرت الكتاب والمجلة والاسطوانة والفيلم.. وتمكنت خلال الحرب العالمية الثانية من إمداد جيوش الحلفاء المتحاربة علي أرضها بالغذاء والكساء.. وخرجت من الحرب العالمية الثانية دائنة لبريطانيا العظمي بأربعمائة وخمسين مليون جنيه  استرليني «أي ما يعادل 5 مليارات جنيه مصري».. وكانت تحتفظ مصر  باحتياطي ذهبي بالبنك المركزي يبلغ 520 طناً من الذهب.
ما الذي جري وأدي بمصر إلي هذا التراجع  الاقتصادي الخطير، وهذا السقوط المهين في حبائل الفقر والاستدانة.. بل والسعي الذليل وراء المنح والمعونات.. وهي البلاد التي خصها الله بثروات طبيعية متنوعة.. وكنوز أثرية هائلة.. وموقع عالمي متميز..  ومناخ متوسطي رائع؟!!!
ماذا جري حتي تقف مصر وراء اندونيسيا  وماليزيا وكوريا وتايوان.. بل وراء دول عربية عديدة لم تبدأ مسيرتها الاقتصادية إلا منذ عدة سنوات؟!.. هل هو سوء الحظ أم سوء النية الذي هوي بمصر إلي هذا القاع؟!!
دعونا من التعلل بالحروب لتبرير الخيبة والفشل.. فبيننا وبين آخر حرب خضناها حوالي 42 سنة.. هذه السنوات كانت كافية جداً لانطلاق  التنمية واللحاق بالركب.. لو كان هناك عمل جاد وجهد جاد وإرادة سياسية حقيقية للانطلاق نحو الهدف.
ولا يجوز أيضاً التعلل بالزيادة السكانية.. فالسكان يتزايدون بمعدلات مرتفعة منذ بداية القرن الماضي.. ومن المفروض أن تواجه  كل حكومة هذه الزيادة بزيادة الموارد وزيادة الخدمات.. فأين هذه الزيادة التي حققتها الحكومات السابقة.. ثم أين النجاح الذي حققته هذه  الحكومات  في ضبط الزيادة السكانية التي تتهمها دائماً بالتهام الزيادة في الموارد؟!!!
إن الأعذار والحجج والمبررات التي يسوقها لنا القادة السياسيون، لا يمكن أن تقف علي قدميها أمام الحقائق الثابتة.. وهي أن مصر قد حصلت علي أكبر الفرص للتنمية منذ الانفتاح الاقتصادي  في عهد الرئيس السادات.. والذي تميز بتدفق القروض والمعونات.. وهجرة الملايين من القوي العاملة المصرية للعمل في دول الخليج، واكتشافات البترول، وإعادة فتح قناة السويس.. وبالتالي ميلاد مصادر جديدة للدخل القومي تكفي لتمويل التنمية و دعمها.. فما الذي شل قطار التنمية وأوقف تحركه بعد كل هذه الامكانات الجديدة التي توفرت لمصر في مرحلة السلام وأهلتها للانطلاق السريع نحو البناء والانماء؟!!!.
يقول الرسميون.. إن بناء  البنية الأساسية ـ صرف صحي، مياه، كهرباء، تليفونات.  قد استهلك كل القروض وكل الجهود.. مع تسليمنا بضرورة البنية الأساسية ولزومها.. إلا أن هذه البنية علي أهميتها لا يمكن أن  تستهلك كل القروض وكل الجهود الحكومية، ولأربعين عاماً متواصلة ـ سنوات حكم السادات ومبارك ـ إلا إذا كانت الحكومات التي تخطط وتنفذ مهملة أو جاهلة أو فاسدة.. لا تعرف كيف تنمي البنية الأساسية بالجهود الذاتية وبالمشاركات  الشعبية.. ولا تدرك كيف تشرك القطاع الخاص في أعباء بناء هذه البنية.
ثم هاهي السكك الحديدية أحد

أهم عناصر البنية الأساسية، تعاني الدمار والانهيار في خطوطها وعرباتها ومحطاتها وإداراتها.. وهاهي الكهرباء تعاني من الانقطاع الدائم في البلاد، شرقها  وغربها، شمالها وجنوبها.. وهاهي الطرق  تعاني من سوء الرصف.. وهاهو الصرف الصحي بدأ يتهالك، علاوة علي عدم وصوله إلي معظم القري المصرية.. وهاهي  المرافق الأساسية التي لم تصل بعد إلي بعض المدن الجديدة رغم كل  الضجيح الذي تثيره الحكومات حول هذه المدن والدعاية الواسعة التي  تحظي بها من الإعلام.. ومرة أخري، هل هو سوء الحظ أم سوء النية الذي عطل قطار الاستثمار وأشعل فيه النار؟!!!
إن كافة المؤشرات تؤكد وجود قوي خفية.. كانت ومازالت تعمل حتي الآن.. هذه القوي لا مصلحة لها في دفع قطار الاستثمار.. ولاهم لها إلا  احتراق هذا القطار.. هذه القوي باختصار تتعيش من استيراد السلع ومستلزمات الانتاج.. ومن المضاربة علي الأوراق المالية والعملة.. ومن نهب أموال البنوك بالمشروعات الوهمية.. هذه القوي الخفية تعادي بشدة أي خطوة لتصنيع مصر وإنمائها.. وتكره بشدة أي مشروع إنتاجي وطني يغني عن الواردات.. وهي  مستعدة في سبيل حماية مصالحها أن تقاتل الشيطان.. وأن تهدم المعبد علي من فيه.. ولا راد لشرورها إلي بسياسة جديدة وقيادة قادرة علي تحريك قطار الاستثمار ودفعه في الاتجاه الصحيح.. والقيادة التي أعنيها هي الحكومة القادرة علي تشغيل هذا القطار للوصول به إلي أفضل محطات الرخاء.
هذه الحكومة لا يمكن أن تأتي بالتعيين.. ولا بالانتخابات المزورة والمزيفة.. بل يجب أن تأتي بالانتخابات الحرة النزيهة.. ومن خلال برنامج عمل تؤيده الأغلبية وأن يكون من فوقها مجلس نيابي  يحاسبها ويراقب أداءها حتي لا تنحرف ولا تنجرف، أو تبتعد عن البرنامج الذي التزمت به، وانتخبت من أجله.
إن حكومة من هذا النوع، سوف تعيد الثقة إلي حقل الاستثمار، عندما تضرب الفساد والاتجار بالنفوذ، وعندما تتطهر الإدارة من المحسوبية والروتين، وعندما تخلص القوانين من التعقيدات والألغاز، وعندما تفرض في النهاية الاحترام الحقيقي للحريات والمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات.
ليت في قيادة قطار الاستثمار من يحس أو يدرك مالحق بالقطار من خراب ودمار بسبب العشوائية والقرارات الارتجالية التي لم  تخدم  يوماً سوي مافيا الاستيراد.. ولم تحقق يوماً سوي مصالحهم.. ليتهم يفهمون أن حريق الاستثمار قد طال  كل بيت في مصر.. وعليهم اليوم أن يخلوا مواقعهم للقادرين  علي إطفاء الحريق.