رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لغز تفشى الإرهاب فى شمال سيناء.. دون جنوبها




«بدو جنوب سيناء تصدوا لغزو إرهابى من الشمال قبل فض رابعة بأسبوع واحد»

سؤال طرأ على ذهنى.. وشغل تفكيرى.. وربما شغل كثيرين مثلى.. لماذا يعشش الإرهاب فى شمال سيناء.. دون أن يعشش فى جنوبها؟!.. رغم أن جنوب سيناء يتميز بكثرة الجبال الوعرة الشاهقة والدروب التى يسهل الاختباء فيها، ويصعب على الأجهزة الأمنية مطاردة الإرهابيين فيها أو الوصول إليهم؟!.. بمعنى آخر: لماذا بدو شمال سيناء قبلوا احتضان الإرهاب.. بينما بدو جنوب سيناء رفضوا ذلك وتصدوا له بكل قوة؟!!
لفك طلاسم هذا اللغز المحير.. رحت أبحث عن جذور تلك القبائل البدوية.. أقصد تلك الموجودة فى شمال سيناء.. وفى جنوبها أيضًا.
بداية.. وحتى لا يغضب بدو شمال سيناء وسكانها وأهلها.. أؤكد أنه لا أنا ولا غيرى نملك تخوين بدو شمال سيناء أو اتهامهم بالعمالة.. أنا أتحدث فقط عن قلة منهم.. فكما يوجد وطنيون وأبطال من بدو شمال سيناء رفضوا الضغوط الإسرائيلية لإعلان انفصال سيناء عن مصر أثناء الاحتلال الإسرائيلى لسيناء.. وكما أن هناك رجالاً قاوموا الاحتلال وتصدوا له بكل قوة.. بل ونفذوا عمليات انتقامية ضد الجيش الإسرائيلى ولقنوه درسًا قاسيًا.. إلا أن هناك قلة ارتأت لنفسها أن تخون الوطن.. وأن تلوث الثوب الناصع البياض.. وهو ما يحدث الآن من إرهاب وتدفع مصر كلها ثمنه فى العريش ورفح والشيخ زويد.
والحقيقة.. أن قبائل شمال سيناء يختلف نسبها وطباعها وعاداتها وتقاليدها وتفكيرها وعقليتها عن تلك القبائل التى تقيم فى جنوب سيناء.. إذ أن شمال سيناء يقطنها قبائل «الترابين» و«السواركة» و«الفواخرية» و«التياهة» و«البياضية» و«السماعنة».. وغالبية هذه القبائل ترجع جذورها لمناطق الشام وفلسطين وتركيا.. وقد نزح بعض منها من تلك المناطق إلى شمال سيناء منذ مئات السنين.. استوطنوا فيها وامتهنوا الزراعة.. وبعد أن احتلت إسرائيل أرض فلسطين وابتلعتها.. كان أبناء تلك القبائل هم أول ضحايا التقسيم الصهيونى للمنطقة.. إذ أن 70٪ من أبناء تلك القبائل ظل على أرضه فى تركيا والشام وفلسطين المحتلة وتحديدًا فى غزة وصحراء بئر سبع والنقب وهى ملاصقة لسيناء.. ورغم تقطع سبل الانتقال بين قبائل شمال سيناء وأبناء عمومتهم فى غزة وصحراء النقب وبئر سبع والمناطق القريبة من إيلات.. إلا أن روابط الدم وعلاقات المصاهرة وتبادل الزيارات ظلت قائمة.. ومن ثم ظلت قبائل شمال سيناء تقدم الدعم بكل صوره إلى أبناء غزة ودون توقف.. مثلاً فى حالة حصار غزة من قبل الجيش الإسرائيلى.. كانت قبائل شمال سيناء تهرب لهم الغذاء والسلع والبنزين والسلاح عبر الأنفاق من ناحية.. وعبر الطرق البرية والبحرية من ناحية أخرى.. وتهريب البشر من ناحية ثالثة.. إلا أن الموساد الإسرائيلى لعب دورًا خطيرًا فى تجنيد قلة من شباب القبائل لتنفيذ المخطط الصهيونى الشيطانى.. ففى سنوات الثمانينيات تحديدًا استخدمت إسرائيل بعضًا من أبناء بدو شمال سيناء فى تهريب المخدرات والعملات المزيفة إلى مصر.. والتجسس على قواتنا فى سيناء.. بل دعمت إسرائيل المتطرفين فى شمال سيناء لضرب السياحة فى شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا، لإجبار تلك السياحة للتوجه إلى إسرائيل.. وقد أثر قرب شمال سيناء من الشيطان الإسرائيلى فى سلوكيات القبائل هناك.. إذ أصبحت أكثر عنفًا وأكثر بحثًا عن المال وسادت ثقافة الخيانة وعدم الثقة بين أفراد القبيلة الواحدة.. وبين القبائل بعضها البعض.. ومن ثم فإن العلاقات بين أهالى غزة وبدو شمال سيناء انتقلت من مرحلة روابط الدم وعلاقات المصاهرة إلى مرحلة البزنس والمصالح والتى حقق خلالها قلة من الجانبين ـ شمال سيناء وغزة ـ ثروات طائلة.
أما قبائل جنوب سيناء.. فجذورها يعود إلى القبائل القادمة من الجزيرة العربية.. لذا فهم يتميزون بالطبع الهادئ.. ويمتهنون رعى الأغنام.. ومن أشهر قبائل جنوب سيناء «الحويطات» و«العليقات» و«المزنية» و«الصوالحة» و«الحرارشة».. وغالبية هؤلاء يسكنون المناطق الجبلية.. وتتميز هذه القبائل بترابطها وتماسكها.. واحترام نفوذ وحدود كل قبيلة.. والوفاء بالوعد.. والثقة فى الآخرين. كما تتميز قبائل الجنوب بحرصها الشديد على عدم دخول أى غريب إلى مناطق نفوذها.. وهذا الأمر تحديدًا منع انتقال

الإرهاب من شمال سيناء إلى جنوبها.
وهناك واقعة خطيرة وقعت أحداثها قبل فض اعتصامى رابعة والنهضة بأسبوع واحد فقط.. إذ تحركت أكثر من مائة سيارة دفع رباعى تحمل اسلحة ثقيلة ومتفجرات يقودها جيش من الإرهابيين قادمة من شمال سيناء متجهة إلى جنوب سيناء فى محاولة منها للاختباء فى الجبال والدروب الوعرة.. تمهيدًا للانطلاق من تلك الأماكن التى يصعب الوصول إليها لضرب وتدمير السياحة فى شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا.. بل وتدمير المنشآت السياحية نفسها.. اجتمعت قبائل جنوب سيناء وحشدت شبابها وتصدت لقافلة الإرهاب ومنعوهم من دخول الجنوب.. وظلت قبائل جنوب سيناء حارسة لكل شبر فى مناطق نفوذها لمنع تسلل أى إرهابى إلى الجنوب.. وأنقذوا مصر من كارثة محققة.
لذا عندما عقدت مصر مؤتمرها الاقتصادى فى شرم الشيخ الأسبوع الماضى.. ودعت إليه قادة العالم وكبريات الشركات العالمية كانت مطمئنة.. وواثقة من أن جنوب سيناء لن يصل إليه إرهابى واحد.. وهو ما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى توجيه الشكر لأهالى وقبائل جنوب سيناء تحديدًا.
إن القلة الضالة الفاسدة فى شمال سيناء، والتى اختارت لنفسها طريق الشر والغدر والخيانة بتحالفها مع بعض البدو فى إسرائيل وفى غزة لتخريب مصر.. لن تستطيع هدم التاريخ الوطنى لقبائل شمال سيناء.. وأذكر هنا قصة بطولية لطفل من أبناء بدو شمال سيناء.. هذه القصة وقعت أحداثها خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلى لسيناء (1967 ـ 1973).. القصة تتلخص أحداثها فى أن طفلاً بدويًا يدعى «صالح» يبلغ من العمر 10 سنوات.. كانت أمه تقوم بتربية الدواجن.. وكان «صالح» يقوم ببيع البيض لجنود الجيش الإسرائيلى فى أحد المعسكرات والذى يعد أحد أهم المراكز القيادية بشمال سيناء.. أحب الجنوب والضباط الطفل «صالح» لخفه ظله وسمار بشرته.. ووثقوا فيه.. كانوا يدعونه إلى مكاتبهم لمداعبته ومنحه الحلوى.. التقطه أحد ضباط المخابرات المصرية الذى كان يتخفى فى زى بدوى وقام بتجنيده.. وتمكن الطفل «صالح» من زرع أجهزة تنصت داخل عدد من مكاتب قيادات مركز القيادة الإسرائيلى بعد أن تلقى تدريبات شاقة على يد ضباط المخابرات المصرى.. وقد ظلت هذه العملية الناجحة لسنوات.. وتمكنت المخابرات المصرية من الحصول على معلومات هامة ودقيقة ساعدت قواتنا المسلحة فى ضرب العدو الإسرائيلى ضربات قاسمة وفى العمق خلال حرب أكتوبر 1973.. وبعد انتهاء الحرب استقبل الرئيس أنور السادات الطفل البطل «صالح» ومنحه مكافأة كبيرة.. بل وأصبح فيما بعد، أحد رجال المخابرات المصرية.
هذه واحدة من مئات.. بل آلاف القصص والبطولات التى سطرها أبناء قبائل شمال سيناء.. لذا فإن أهلنا فى شمال سيناء مطالبون بتطهير أنفسهم من هذه القلة الضالة الفاسدة.. وهم قادرون على تحقيق ذلك.