12 ساعة مع القذافى
ساقتنى الاقدار ان اكون بصحبة العقيد معمر القذافى لمدة 12 ساعة من بينها قرابة 30 دقيقة وجها لوجه اتحدث معه واشرح له ويجادلنى فى اشياء ومسلمات لا تقبل اى نقاش بينت لى اننى امام عقلية متسلطة لاتفهم ولا تعى الا مايرى هو عملا بمنطق فرعون "ما اريكم الا ما ارى".
فى عام 2001 واثناء وجودى فى مكتبى بمنطقة اثار الفيوم تلقيت اتصال تليفونى من مديرية الامن بان الرئيس الليبى سيزور قصر قارون بعد ساعة وان هناك سيارة ستقلنى الى المنطقة الاثرية التى تبعد عن مدينة الفيوم قرابة 60 كيلو متر لاتولى الشرح للعقيد القذافى .وطوال الطريق وانا اضرب اخماسا فى اسداس , فهذه اول مرة اتولى هذه العملية لشخصية بهذا المستوى ,وصلت الى قصر قارون فى الحادية عشرة صباحا, وجدت المنطقة قد تحولت الى ثكنة عسكرية وفور وصولى حدث موقف طريف من امين التذاكر بالمنطقة الاثرية الذى سألنى بسذاجه (هنقطع تذاكر لهم ) ولم ارد عليه !!!
المهم ماهى الالحظات حتى وصل موكب الرئيس الليبى الذى كان يستقل اتوبيس (فخم ضخم)حضر به من ليبيا اثناء الحظر الجوى على القطر الشقيق فى اوائل القرن الحالى , امام وخلف الاتوبيس اسطول من السيارات ذات الدفع الرباعى استقل احداها بعد نزوله من الاتوبيس على الطريق الرئيسى حتى يصل الى مدخل قصر قارون ..كان جالسا فى الكرسى الامامى بجوار السائق وطلب منى مدير الامن الذى حضر بالنيابة عن محافظ الفيوم والذى غاب عن الزيارة لتواجده فى اجتماع بالقاهرة خاصة وان زيارة العقيد كانت بدون ترتيب مسبق بعد ان (طقت فى دماغة) زيارة الفيوم صباحا اثناء وجوده فى القاهرة . مرت حوالى خمس دقائق وانا فى انتظار نزول العقيد من السيارة ,ونزل فجأه ,تقدمت منه وعرفته بنفسى وبدأت اشرح له تاريخ الفيوم ولاحظت ان احد مرافقية يسير امامنا بشكل عكسى او كما نقول(بظهره) ولاحظت ايضا انه عندما يرفع قدمه يضع العقيد قدمه مكانها وهذا الرجل يشير الى العقيد اشارة يفهم منها أن يضع قدمه موضع قدم هذا الرجل تماما دون زياده اونقصان ,وتيقنت وقتها ان الزمرة والحاشية حول الرؤساء والملوك تزين لهم انهم يفدونهم بانفسهم (قال يعنى لو فيه لغم هاينفجر فيه ) ويفدى القذافى بنفسه -- وبالطبع لم يكن احد امامى لاضع قدمى مكان قدمه--!!
كان العقيد يسير الى جوارى والجميع خلفنا يسمع باهتمام ويسأل وارد عليه واستطردت فى الشرح وان هذا القصر عبارة عن معبد من العصر اليونانى
وقبل ان يغادر القذافى المنطقة طلب منى مدير الامن مصاحبة الزيارة حتى يرحل عن الفيوم خشية ان يسأل على الرئيس الليبى مرة اخرى وانه- اى مدير الامن بالطبع وليس العقيد القذافى - لا يتحمل مسئولية عدم وجودى. وبالفعل اضطررت ان اكون فى معية العقيد وموكبه الذى انتقل الى قرية الاصفر فى مدخل الفيوم لزيارة اقاربة هناك ولم تنتهى زيارته لهم الا فى ساعة متأخرة من الليل امضيت هذا الوقت الطويل اصب لعناتى على جراهام بل والتليفون الذى اخترعه وكان سببا فى معاناتى قرابة 12 ساعة بالتمام والكمال.
[email protected]