عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرئيس "المكلف"

أيام قليلة ويحتفل المصريون بأول عيد لثورتهم المجيدة وليكتشفوا أنهم أمام مشهد من مسرحية كوميدية للراحل فؤاد المهندس وهو يعاند مع تلميذه النجيب، الذي كلما طالب بشيء عانده أستاذه ليس لشيء اخر إلا العناد، هذا المشهد المسرحي يذكرنا بما نمر به الان، فلو عدنا إلي الوراء منذ أن أدار المجلس العسكري شئون البلاد

لوجدنا أنه كلما إرتأي في منحة يمنحها لنا عاد ليجعلنا نتمني لو أنها لم تمنح من الأساس والسؤال هنا..إلي متي يستمر الوضع لما هو عليه بعد مرور عام كامل علي ثورة يناير..لقد اكتشف السواد الأعظم من الشعب أنه لم يأخذ إلي الان سوي الوعود، فبالرغم أن الكل بات يعرف المطالب المشروعة لجموع المصريين، إلا أنه حان الوقت لنتعرف علي مطالب المجلس العسكري وهي الأخري قد تكون مطالب مشروعة من وجهة نظره من أجل الحفاظ علي ما تبقي من هيبة الدولة..
إنه منذ عام وعلي نظام "خالف تعرف" يحاول المجلس العسكري إعداد "طبخة" علي مزاجه الشخصي بداية من إجراء استفتاء مارس الشهير لتعديل بعض مواد دستور 71، بدلا من أن يتم انتخاب لجنة تأسيسية لإعداد الدستور علي غرار ما حدث في تونس فمن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت علي مدار العام المنصرم أنهم لم يعرفو بعد أن قيام ثورة تعني اسقاط أي دستور.. كما أنه لم يسلم السلطة إلي مجلس إنتقالي مدني يدير المرحلة الانتقالية كما حدث في ليبيا .. بالإضافة إلي عدم اتخاذ بعض القرارات الحاسمة مثل محاكمة رموز النظام السابق ورجاله إلا بعد ضغط من الشعب الثائر الذي يمتلك الشرعية الثورية وعدم إصدار قانون إفساد الحياة السياسية إلا قبل أيام من إنتخابات مجلس الشعب.. في الوقت الذي يروج فيه الإعلام لما يسمي بالطرف الثالث أو الساعين للإنقضاض علي الثورة هذه العبارات التي هرمنا من سماعها دون أن تتحقق أمنيتنا في التعرف علي هوية هذه الأيادي الخفية التي تلعب منذ عام كامل في إرادة البلاد .. فعلي الرغم من أن المجلس العسكري قد أتي برئيس وزراء من ميدان التحرير وأعطاه صلاحيات كما يصرح في مناسبات عديدة إلا أننا في الواقع كنا نجد رئيس الوزراء سواء رقم 1 أو 2 أو 3 عاجزا عن اتخاذ الكثير من القرارات المصيرية، وهو أيضا ما تكرر في تشكيل مجلس استشاري موازي للحكومة الانتقالية غير كامل الصلاحيات مع احترامنا لجميع أعضائه.
أننا نعيش منذ عام كامل في مرحلة هي الأسوأ في تاريخ الشعوب بين شد وجذب، وإتهامات لحكومات سابقة بأنها مغلولة الأيدي يقابلها رد الإدارة الحاكمة بأن الجميع ليس علي توافق كامل من أجل الصالح العام في الوقت أيضا الذي
يعيش فيه شريحة كبيرة من الثائرين في مرحلة مراهقة سياسية بعضهم يغلب مصلحته الذاتية علي مصلحة الوطن، إذا الجميع يعيش في حالة فوضي شخصية.. مجلس عسكري مرتبك ..

وثوار ليس لديهم سوي مهارة الإحتجاج التي أصابتهم بالمراهقة السياسية فلا يعرفون متي يضغطون علي السلطة الحاكمة ومتي يتركونها لتنفيذ رغباتهم وكأن هناك ثأر مبيت بين المجلس العسكري والشعب في ثورته المجيدة لأنه من البداية لم يكن يرغب في أن يتولي مدني إدارة البلاد، وهو ما يدعونا للتساؤل عما إذا كان رفض المجلس العسكري لفكرة التوريث قد جاء لمجرد أن جمال مبارك مدنيا وليس عسكريا أم أنه بالفعل كان صادقا في نواياه وإرادته وازت إرادت الشعب في التصدي لمخطط التوريث وإسقاط النظام السابق؟! فماذا لو سلمت السلطة إلي رئيس مدني منتخب، هل سيظل المجلس العسكري في حاجة لمن يشعره أنه فوق الشعب وهل بالتالي ستشهد مصر في القادم تغييرا في المسميات فقط ؟! إن وثيقة السلمي التي إختفت وسط زخم الأحداث المتوالية والتي تضمن سيطرة الجيش علي البلاد وتمثل صداعا في رأس النخبة والعالمين ببواطن الأمور تشير بدرجة كبيرة إلي أن رئيس مصر القادم في ظل غياب الصلاحيات قد يكون رئيس "مكلف" بصلاحيات محدودة .. وما يزيد من هذه الشكوك هو ظهور الفريق أحمد شفيق فجأة ليعلن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية بدعم وتأييد من أنصار مبارك الذين ينادون بضرورة إقحام العسكري في انتخابات الرئاسة، في الوقت الذي أكد فيه "العسكري" مرارا وتكرارا أنه لن يدفع بأي مرشح للرئاسة أو يدعم مرشح ذو خلفية عسكرية وهو ما جعل البعض يفكر في نوعية الصفقات المبرمة مع "العسكري" ومع من تمت هذه الصفقات !!
إذا هي مرحلة إنتقالية صعبة تمر بها مصر وتحتاج إلي فهم معقد، فقد تنجح الشعوب في أن تقوم بثورة لكنها قد تفشل في إنحاج ثورتها والأمثلة علي ذلك عديدة، فلابد لنا أن نتعلم من التجارب السابقة حتي لا نفاجأ بإعصار "واشي" قد يقضي علي الأخضر واليابس، وحتي يظل الربيع العربي ربيعا حتي النهاية.

--------

بقلم: سهام صالح