هستيريا المؤامرة..؟
لاشك أن الارهاب ــ ممثلا فى داعش والنصرة والقاعدة وغيرها من الجماعات التى خرجت من رحم الاخوان الارهابيين ــ قد استفاد وحصد نتائج ما يجرى فى المنطقة من عاصفة الأحداث، وهو ما أوقع الساحة العربية بأكملها تحت وطأة مؤامرات الغرب المريض وتهديدات الارهاب الأسود، وهما عاملان متضافران متوافقان فى المضمون وإن اختلفا فى الشكل بحيث غدا كل منهما يمد الآخر بأسباب التطرف والعنف والتوحش ويشتركان معا فى كونهما معول هدم للنسيج الاجتماعى العربى.
ولازالت المحاولات تجرى على قدم وساق لإسقاط سوريا من خلال التلاحم بين جهود أمريكا وتركيا ودول عربية للأسف من أجل توحيد الفصائل المعارضة المسلحة التى تم تسليطها على سوريا فى ظل وعود دولية بفك الحظر عن مضادات الطيران وتوفير مناطق آمنة داخل سوريا للمعارضة وللسوريين المنضويين تحت لوائها. وفى محاولة الالتفاف على الحقيقة لجأت أمريكا إلى الخداع وهو ما اعتادته سياستها حيال المنطقة. وأحد روافد هذا الخداع تمثلت فى تنسيق المواقف مع تركيا ودول عربية من أجل تدريب وتسليح ما أسمته تجاوزا بالمعارضة المعتدلة بدعوى محاربة الارهاب رغم أنه من الصعب وضع حدود دقيقة بين الفصائل الارهابية وما يسمى بالمعارضة المعتدلة والتى لا يأمن أحد من أن تتحول تلقائيًا إلى تنظيمات ارهابية لاسيما وأن كثيرا من الفصائل المقاتلة فى سوريا قد نحت صوب التطرف وأخذت صبغة التنظيمات الارهابية الطائفية.
أما حرص تركيا البالغ على اتمام مهمة تدريب هذه العناصر فقد يكون نابعا من سعيها للتحضير لعمل عسكرى برى عبر الحدود والتمهيد له من خلال دعواتها المستمرة بإقامة حظر جوى ومناطق آمنة
سيصعب التنبؤ بمسار الأحداث والتحكم فيها مع ما يتم طبخه اليوم لسوريا على نار هادئة. وسيغيب بالقطع عن الكثيرين ما قد يتمخض عن هذه الطبخة من نتائج بالنسبة لسوريا وبالنسبة للمنطقة التى لابد وأن تكون مقبلة على وقائع تاريخية من شأنها تغيير التوازنات فيها. وهو أمر لو حدث سيؤدى إلى عواقب كارثية على الوضع العربى بأكمله. فى الوقت الذى يظل الأساس لدى أمريكا والغرب منحصرا فى توفير أقصى قدر من الحماية للوجود الصهيونى اللقيط.