رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رجل الإرادة..

يوم الجمعة الماضى احتفى الأزهر الشريف بذكرى شيخ الأزهر الأسبق «جاد الحق على جاد الحق» الذى توفى فى مارس 1996. والرجل عن حق يستحق كل تقدير وإجلال لمواقفه المشرفة وتشبثه بالدين الاسلامى وإعلائه للثوابت والمبادئ التى آمن بها. رحم الله العالم الحكيم صاحب السيرة العطرة والمواقف المبهرة ودفاعه عن الحق دون أن يخشى فى الله لومة لائم. عرفته عن قرب من خلال الأحاديث الصحفية التى أجريتها معه سواء بالمكتب أو بالمنزل، حيث كانت تربطنى بزوجته علاقة صداقة. كان نموذجا فريدا من العلماء والدعاة، كان زاهدا فى الدنيا نقيا صالحا صاحب قرار وارادة فولاذية عفيف النفس عف اللسان يرفض تقاضى آية مكافآت تزيد على راتبه. خلال عهده حظى الأزهر بمرحلة جديدة من الازدهار كمؤسسة دينية وعلمية.

كثيرا ما ذهبت إلى لقائه فى منزله المتواضع الذى يقع فى منيل الروضة كان يسكن بالدور الخامس فى شقة ايجار قديم ولم يكن هناك مصعد بالعقار. ورغم ذلك لم يستغل نفوذه وظل فى شقته المتواضعة. ولم يكن هناك حرس أو خدم. كان يجسد النموذج الوضاء لعالم من علماء الأزهر الأفذاذ الذى يذود عن الحق ويقف بحزم أمام الباطل ليزهقه. مواقفه تشهد له بالوطنية الصادقة، ومنها رفضه لقرار الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ورفضه حصول إسرائيل على مياه النيل من خلال مشروع ترعة السلام حيث قال: (حصول إسرائيل على مياه النيل أصعب من امتلاكها سطح القمر). وموقفه من قضية القدس ورفض التطبيع مع إسرائيل، ورفضه زيارة المسلمين للقدس خلافا لإجازة بعض العلماء لها بعد اتفاقية أوسلو 1993.
أحد المواقف كنت شاهد عيان عليها، فبينما أقوم بإجراء حديث معه فى عام 1993جاءه اتصال هاتفى من الرئاسة. كان المتحدث زكريا عزمى

حيث أبلغ الشيخ الجليل بأن الرئاسة حددت له موعدا فى الغد للقاء «عيزرا فايتسمان» رئيس إسرائيل الذى كان يزور مصر وقتئذ. يومها لم يعقب الشيخ الجليل. فقط امتعض وجهه ولم ينطق إلا بكلمة علم، وفى اليوم التالى ــ الذى كان مقررا له أن يلتقى بفايتسمان ــ لم يذهب للقاء وبحثوا عنه فى كل مكان ولم يعثروا عليه. أحكم رأيه بعدم لقاء هذا الصهيونى، فكان له ما أراد بعد أن أبت نفسه الشفافة التعامل مع إسرائيل العدو الأبدى للعرب والمسلمين. بيد أنه فى المقابل سبب حرجا بالغا للرئاسة المصرية. ومن ثم كان المردود سيئا. غير أنه لم يكترث بالتداعيات التى سيسفر عنها موقفه. وجاء المردود صعبا،فلم تنس له الرئاسة ما فعل وانعكس هذا بالتبعية على تعاملها معه إلى الحد الذى لم تراعه عندما مرض وأصيب بأزمة ولم تجد زوجته يومها أنبوبة أوكسجين تنقذ حياته. وأسلم الشيخ روحه الطاهرة لبارئها وهو راض تماما عما فعله وعن مواقفه التى تعكس ثقل ووزن صاحبها، صاحب القرار والإرادة الفولاذية بحيث لم يكن بمقدور أحد أن يجبره على فعل مالا يريد. رحمه الله رحمة واسعة.