رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل المرأة كائن مقدس والرجل كائن مُدنّس؟!

 

كتبت في 2010  مقالا بعنوان" هل المرأة كائن مقدس والرجل كائن مدنس؟"، وتناولت فيه قضية المرأة،  وتساءلت ما هي قضية المرأة؟ ولماذا للمرأة قضية، ولماذا لا نسمع عن قضية الرجل؟ وقضية الطفل وقضية الشيخ المسن؟!

وكتبت عن الرأي الذي لا يعترف بالقضية، معتمدا على حجته الجاهزة دوماً والمضحكة أحياناً، وهي أن التشريعات التي صدرت في المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة قد (أعطت) للمرأة حقوقاً لم يسبق لها مثيل، لدرجة أنه أصبح يستوجب على الرجل البحث عن حقوقه والمطالبة (بمساواته) بالمرأة!

ورغم أن الإسلام قد كرم المرأة، إلا أن المجتمع لا يعترف أحياناً بذلك.. فهناك نظرة متدنية للمرأة وكأنها كائن فضائي يتعجب الرجال من وجوده معهم في الحياة، أو كأنها "عالة" على المجتمع بالرغم من أن المرأة في مصر هي ذاتها من تعول زوجها العاطل غالبا.. ناهيك عن صورة المرأة في الإعلانات، فهي رمزاً للفتنة، هذا غير الإعلانات التي تبرز دور البشرة وبياضها في الحصول على وظيفة، وهو إعلان انتقدته منظمات حقوق الإنسان عندما عُرض في الهند لإساءته لأصحاب البشرة السمراء، وهو في الحقيقة يسيء للمرأة والبشر. وبعدما هزت إعلانات مساحيق الغسيل صورة الشعب المصري أمام نفسه بإظهاره كمتسول للجنيهات الذهبية، جاء البعض الآخر ليربط مفهوم الشرف بنصاعة الملابس "نضافة تشرّف"!

فهل الشرف يُختذل في درجة بياض الجلابية؟!

وما دفعني لوضع هذا التساؤل كعنوان للمقال "هل المرأة كائن مقدس؟"، هو النظرة إلى المرأة في الشارع المصري، فعندما كنت أنظر إلى "خناقات الشوارع" بين الجهلاء كنت أجد أن السباب الذي يتعلق بالأم هو الأكثر جرحاً للكرامة!! وإذا حاولت أن أعرف السبب، أجد من يقول أن ذلك يرجع لكون (الأم) رمزا مقدسا!!!

لكن هل يتم التعامل مع المرأة في الشارع المصري كرمز مقدس؟؟ وهل يعني ذلك أن الرجل كائن مُدنّس؟!!

دارت كل هذه الأفكار بذهني عندما تابعت قصة "عبير" التي أشهرت إسلامها وأثارت فتنة مؤخرا ، سواء كان ذلك قد تم عن اقتناع أو للهروب من زوجها، لا أحد يعرف بالنوايا إلا الله، وإن كان الخطأ هنا يكمن في زواجها  بغير حصولها على الطلاق من زوجها الأول...لكن ما فجر الأحداث هو احتجازها في إحدى الكنائس، ثم تصعيد المشاعر الدينية من جانب بعض المتشددين والمناداة بتحريرأختهم (متناسين أخوات يتعرضن للظلم ولأسباب متنوعة)، ثم القبض عليها بتهمة " تكدير" الأمن العام!!

تعالت الأصوات لتلعن عبير التي أشعلت مصر، هنا أيضا قد اتهموها ضمنيا بـ " تكدير" صفو حياتهم وما كانوا يعيشونه من سعادة واستقرار!

أحمد آدم في برنامجه -الذي أتابعه لإعجابي به- لم يسعه سوى السخرية من عبير والتعجب من إقبال رجلين على الزواج منها رغم قلة نصيبها من الجمال من وجهة نظره وكما جاء في سياق حديثه الذي حزنت لسماعه ..

الشيخ سالم محمد سالم عضو لجنة الإشهار بالأزهر، والذي استضافه إبراهيم عيسى في برنامجه "في الميدان" على قناة التحرير، قال أن الإسلام ليس بحاجه لمزيدا من المسلمين إسما، وأنه من الأولى أن يشهر بعض المسلمين "بالميلاد" إسلامهم بتبني سلوكيات الإسلام..ولكنه فاجئنا بالتعليمات التي كانت تأتيه من أمن الدولة بعدم قبول إسلام البعض منعا للمشاكل.. معلقا على ذلك بقوله أن المشاكل عادة  تأتي من الستات.. " الستات مشاكلهم كتير"! وهو ما ردده البعض أيضا من أنه عند إسلام أو تنصر الشباب قد يمر الأمر، وعندما يتعلق الأمر بسيدة تقوم الدنيا وتصبح قضية شرف وتكدير للمواطنين، ولا أعرف لماذا كلما سمعت تهمة " التكدير" أشعر أن المقصود بها " تعكير" مزاج الشعب على أساس أننا شعب صاحب مزاج!

لكن لماذا تتسبب حرية العقيدة في تكديرأو (بالبلدي) تعكير المزاج العام، وإلى متى يقودنا المزاج إلى كوارث أبسطها التعدي على حرية سيدة والتقليل من شأنها فداء لسياسة القطيع ؟ وهل قامت الثورة إلا لتحرير المواطن؟ لا أريد أن يساء فهم وجهة نظري على أنها تعصبا لأصحاب ديانة بعينها، بل الأمر يتعلق بالمبدأ وهو أن الدين بين الفرد وربه، بغض النظر عن اتهام البعض لمغيري

الديانة بالتلاعب من أجل المصلحة الشخصية فهذه قضية أخرى.

أجمل ما سمعت كان في قناة دريم في لقاء الدكتور نصر فريد واصل وأحد رجال الدين المسيحي الذي لا أعرف أسمه للأسف، وأحد الشباب المهتمين بحقوق الإنسان الذي لم أستطع أيضا معرفة أسمه حيث شاهدت جزءا قصيرا من الحلقة، تحدث القمص بأسى _أشاركه فيه_ حول كارثة التهجم على الكنائس وحرقها، (ولا أعرف كيف يتحدث الإعلام عن الجريمة بالمفهوم الديني وليس الجنائي فالجريمة لا تصنف بكونها دينية فهي جريمة إتلاف ممتلكات عامة)،  واستنكر القمص ما يحدث لدور العبادة المسيحية، وكان تعليق الشاب الذي يعمل في مجال حقوق الإنسان -والذي أعتَذِر عن عدم معرفتي لأسمه رغم تقديري لرأيه- هو أنه لايمكن المطالبة بكف الأذى عن الكنائس كمطلب منفرد، فالجريمة حلقة في سلسلة انتهاك الحريات بدأت بإساءة معاملة الزوج لزوجته، ثم إقناع آخر لها بالفرار والزواج به، ثم ملاحقتها من جانب العائلة واحتجازها في الكنيسة، ثم لجوء المتشددين للتعدي على الكنيسة.

(تفوح من المسألة رائحة السيطرة الذكورية الأبوية على المجتمع على اعتبارأن المرأة تابعا للرجل يجب السيطرة عليه)، وأكد الضيف أنه يجب تجريم الاعتداء على الكنائس كما يجب إتاحة حرية العقيدة  ومنع كل حلقة من حلقات السلسلة قبل أن تحدث.

تذكرت ردود الأفعال عند إعلان الإعلامية (بثينة كامل) ترشحها للرئاسة، ورغم وجود الكثير من المرشحين، إلا أن البعض قد قابل هذا الترشيح بالذات بالاستخفاف على أساس "هي ناقصاكي" ، وقد سمعت من أحد الشباب تعليقا غريبا " تبقى تشوف مين اللي هينتخبها " ، فهل اختزل الرأي العام بثينة كامل في كونها أنثى؟؟

عندما قامت الثورة شاركت المرأة الرجل، شاركت كل أم فقدت ولدها.. وكنت أعتقد أن ما حدث قد يغير تقييم الناس للأمور، كما نادى الأديب الدكتور يوسف زيدان بأهمية "تأنيث الثورة"، وتفعيل دور المرأة بعد هذا الحدث العظيم.

كنت قد ذكرت عند كتابتي للمقال الأول أنه إذا كان "جوزيف ناي" الأستاذ في جامعة هارفرد قد أشار إلى أن القرن العشرين هو قرن "أمريكا"، فهي سيدة العالم في كل المجالات، فإنه من كثرة ما سمعنا عن مصطلح (تمكين المرأة) أصبح لدينا انطباعا بأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن المرأة . وإذا كانت أمريكا  قد تسيدت العالم من خلال القوة الناعمة وهي قوة الثقافة .. فقوة المرأة أيضا مستترة من كثرة اعتياد النساء على إخفاء مقومات هذه القوة.

ومازلت أتساءل إذا كانت الأعوام المقبلة ستأتي بجديد، بعد أن رأينا أن الشهور التي عاشتها مصر بعد الثورة قد أثبتت أن مجرد قيام الثورة لا يعني تغيير المجتمع، فقد ثبت أن تغيير الحكومات أسهل كثيرا من تغيير المجتمعات.