رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المقلب الذي يشربه المصريون!

يتمني المرء، لو أن جهة ما، قامت برصد جائزة لمن يفهم اسباب أزمة البنزين القائمة بقوة هذه الأيام.. فالأزمة تتصاعد حدتها يوماً بعد يوم، وتداعياتها تتزايد، ويسقط المصابون من المواطنين والسائقين علي الجانبين،

وتتوقف مصالح الناس بلا عدد ولا حصر، ويضاعف بعض معدومي الضمير، من سائقي الميكروباص، قيمة الأجرة، علي المواطن الذي لا بديل آخر أمامه، فيتحمل عواقب الأزمة بمفرده.. ومع ذلك كله.. فإن الحكومة بجميع مسئوليها، علي إختلاف مستوياتهم، تتفرج، ويتفرجون.. ولو أنت دققت النظر في «الموضوع» إجمالاً، فسوف تكتشف أن، ما كان قائماً قبل الثورة لا يزال كما هو، ولا شيء مطلقاً قد تغير!

إن نـظرة واحدة إلي صحافة ما قبل 25 يناير، سوف تشير بوضوح كامل إلي أن الأزمة المشتعلة حالياً، اشتعلت من قبل، عدة مرات، بالطريقة نفسها، وبالشكل نفسه، وبالإخراج نفسه، دون أي تغيير يكاد يذكر!

فجأة، ومن جديد.. يستيقظ المصريون علي الأزمة في كل مرة، دون مقدمات، ودون أسباب ظاهرة، ودون مبررات مقنعة، فالبنزين هو البنزين، والناس هم الناس، والإستهلاك هو الاستهلاك، والمسئولون هم المسئولون، ورغم ذلك كله، هناك أزمة مشتعلة، وسوف تنطفئ نارها بمثل ما اشتعلت دون مقدمات أيضاً، لا لشيء، إلا لأنها - في الحقيقة -  مفتعلة، ، وليست طبيعية!

طبعاً.. الأسباب التي تقال لتفسيرها، مضحكة، وأكاد أقول مبكية، ليس وهي أسباب أولها أن واحداً من المسئولين عنها، قال إن «التوك توك» هو السبب!!.. ولا آخرها أنه قد قيل علي لسان واحد من المسئولين العباقرة، إن تغير طريقة الاستهلاك هو السبب!! .. كيف؟!.. الله وحده.. ثم المسئول اياه، يعلم!.. فهذه هي المرة الأولي.. ولن تكون الأخيرة قطعاً، التي نسمع فيها أن طريقة الاستهلاك لأي سلعة، تتغير خلال أسبوعين - فجأة - وتتسبب في أزمة بهذا الحجم، وكأن الذي يقف وراءها، ويدبر لها، شيطان، وليس بني آدم!.. وهو كلام كما تري، يقال لمجانين، لا لعقلاء!

قارن من فضلك، بين أزمة

البنزين الحالية، وبين أي أزمة مماثلة لها قبل الثورة، وسوف تجد أن هذه الأزمة الاخيرة صورة بالكربون، مما سبقها، وأن القاسم المشترك الأعظم بين كل الأزمات من هذا النوع، أنها مصنوعة، عن قصد، وعن  عمد، وأنها تستولي علي اهتمام الرأي العام، وأنها تشتغله، وتستغرقه، وتستنزفه في نهاره، إلي أن ينام.. «وهذا هو المطلوب إثباته» كما كنا نقول زمان، في المدارس، عندما نتوصل إلي حل لمسألة من مسائل الحساب.

فما هو المعني؟!.. المعني أن أصحاب النوايا الحسنة الذين يتصورون أن ثورة قد قامت في 25 يناير، واهمون تماماً.. فالثورة لا تذهب بأشخاص وتأتي بآخرين في أماكنهم، وانما تقتلع طرائق التفكير العتيقة والعقيمة من جذورها.. وهذا ما لم يحدث بأي مقدار إلي هذه اللحظة.. وإذا لم تكن تصدِّق، فحاول أن تقارن من جديد، بين أزمة البنزين الحالية، وبين أي أزمة من نوعها سابقة عليها، من حيث استغراق الناس فيها.. وساعتها سوف يتبين لك، أن الثمانية اشهر التي مضت من يوم قيام الثورة، إلي الآن، لم تمر علينا، ولن تمر، مادام هذا هو الحال، وما دامت هذه هي طريقة التفكير التي لم تختلف لدي الحكومة الحالية، عن أي حكومة اخري سابقة عليها.. سلام علي الثورة التي لا ذنب لها في هذه المعضلة!