رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حين التقي رؤساء الأركان



من ناحيتي، أشعر بأني أسعد الناس بما جري في القاهرة، يومي السبت والأحد الماضيين.

أما الذي جري، فهو أن رؤساء أركان الجيوش العربية قد اجتمعوا في مقر الجامعة العربية، برئاسة الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
وأما الذي يدعو إلي السعادة حقاً، فهو أن اجتماعهم لم يكن مثل اجتماعات كثيرة سابقة للساسة العرب، كانت تنتهي في العادة بكلام، وتوصيات، وربما إدانات لأشياء من حولنا.. ثم لا شيء!
لا.. فهذه المرة كُنا أمام اجتماع مختلف تماماً، إذا ما قورن بأي اجتماع سياسي مماثل سابق عليه، باستثناء اجتماع القمة العربية الذي انعقد في شرم الشيخ نهاية مارس الماضي.
وأقول باستثناء هذه القمة تحديداً، لأن هي التي أسست لاجتماع رؤساء أركان جيوش الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وهي، أقصد القمة، التي اتخذت قراراً بإنشاء قوة عربية مشتركة تحمي الأمن القومي العربي، بمفهومه العام، ثم بمفهومه الخاص علي مستوي كل دولة عربية، في هذا الزمن الصعب، الذي تتكالب فيه كلاب العالم، علي منطقتنا، كما كان الحديث الشريف قد توقع، حين قال ما معناه، إنهم سوف يتكالبون علينا، كما تتكالب الأكلة علي قصعتها!
وأهم ما في اجتماع رؤساء الأركان، أنه ما كاد ينعقد في مرة سابقة، ثم في مرة ثانية هي هذه الأخيرة، حتي اتفق الحاضرون فيه علي تشكيل القوة التي أقرتها القمة العربية الماضية، وحتي اتفقوا علي كل شيء يخصها تقريباً، وحتي اتفقوا أيضاً، علي أن اجتماعهم المقبل سوف يكون اجتماع الاتفاق حول البروتوكول، بما يعني أن الموضوع جد لا هزار فيه، وأن القمة بمثل ما أخذت الأمر بجدية تليق بأهميته في حياة كل عربي، بمثل ما كان رؤساء الأركان يستقبلون الأمر علي الموجة نفسها من الإرسال وبمثل ما أخذوه بالجدية نفسها.
وإذا كان الدكتور نبيل العربي، أمين عام الجامعة، قد قال في ختام الاجتماع، إن الهدف من تشكيل مثل هذه القوة، هو الحفاظ علي استقلال وسيادة دولة عربية، وعلي سلامة ترابها الوطني، فإن هذا المعني مهم للغاية، وهو معني لابد من أن نركز عليه طول الوقت، وأن نظل نقوله ونردده، حتي يفهم الذين قد يتخوفون خارج المنطقة من القوة العربية المشتركة، أنها كقوة، ليست ضد أحد، وليست للعدوان علي أرض أحد، ولا هي لغزو أي أرض، وأنها قوة دفاعية بحتة، وأنها بهذا المنطق تخرج إلي النور، لتدافع عن حدود كيانات ودول عربية قائمة، ضد كل ما يهددها، وأن هذا هو سقف طموحها وأنه طموح بطبيعته لا يجوز أن يخيف أحداً، ولا يجب أن يثير مخاوف أحد، اللهم إلا إذا كان هذا الأحد يضمر شراً لنا.
وبالمناسبة، فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي، كان قد أكد علي هذا المعني مراراً، وكان يؤكد عليه، في كل مرة أكد فيها عليه، عن قصد، وهو ما حدث من جانبه، في اللحظة التي قامت فيها قواتنا المسلحة بضرب معسكرات لإرهابيين في ليبيا.. إذ كان من الطبيعي، ألا يخلو الأمر يومها، من كثيرين حاولوا أن يتاجروا بالضربة، وأن يشوشوا عليها، وأن يصوروها وكأنها غزو مصري لأرض دولة جارة وشقيقة، هي ليبيا، ولم يكن في الموضوع شيء من هذا كله، وقد كان كل ما فيه، أننا أحسسنا بخطر علينا، علي حدودنا، وأننا تعاملنا مع هذا الخطر بما يستحقه، ولم نتجاوز هذا الهدف،

ولو كانت الدولة الليبية في عافيتها الطبيعية لكنا قد تركنا لها أن تتعامل مع الخطر بما تراه، لأنها دولة مستقلة، وذات سيادة، ولا أحد يملك أن يناقش في استقلالها، ولا في سيادتها.
نحن، بناء علي كل ما سبق، نجد أنفسنا في هذه اللحظة، أمام قمة عربية انعقدت في شرم، قبل شهرين، ولكنها لم تكن ككل القمم التي سبقتها، وكانت مختلفة بكل معيار، لأنها لم تشأ أن تجتمع، ثم تنفض، إلا وفي يدها شىء ملموس لكل مواطن عربي، وإذا كان هذا الشيء قد جاء في صورة القوة العربية المشتركة، فهو يكفي جداً، علي أمل أن تكون القمة المقبلة في المغرب، علي الدرجة نفسها من الوعي بما حولها، ثم من التصرف الحي استناداً إلي هذا الوعي.
ولابد أنها ليست صدفة، أن تزداد عربدة تنظيم «داعش» الإرهابي، في شرق سوريا، وفي غرب العراق، خلال الفترة نفسها التي انعقد خلالها اجتماع رؤساء الأركان، كما لابد أنها ليست صدفة، أن يضرب الإرهاب الجبان، مصلين أبرياء في مسجد بشرق السعودية، في أثناء صلاة الجمعة، دون مراعاة لحرمة صلاة، ولا لدم مسلم.
ليست صدفة، لأن هذا الإرهاب، في هاتين الحالتين، وفي غيرهما، يعرف ما ينتظره علي يد القوة العربية المشتركة عند اكتمالها، ويعرف أن عربدته هذه لابد أن يكون لها آخر، وأن آخرها سوف يكون في الغالب علي يد قوتنا العربية المشتركة، التي لم يعد بينها، وبين اكتمالها، سوي خطوة واحدة.
يعرف الإرهاب هذا جيداً، في الحالتين اللتين أشرت إليهما، وفي غيرهما، ويعرف مناصروه هذا جيداً أيضاً، ليبقي أن علينا في المقابل أن نعرف كذلك، أنه لا بديل عن هذه القوة العربية المشتركة، وأنها ستكون بمثابة سلاح مرفوع في يد كل عربي، ولن تكون ضد أي إنسان غير عربي، إلا بقدر ما يفكر هو في إيذائنا كعرب.
إن الذئاب لا تأكل، كما قيل، إلا الشاة القاصية، وهذا بالضبط هو الدرس الذي لابد أن يعيه رؤساء الأركان، وهم يشكلون هذه القوة، كما أنه هو أيضاً الدرس الذي لابد أن يعيه معهم كل مواطن عربي، دون استثناء، إذْ لا سبيل آخر أمامنا، نستطيع به أن نفسد شهية كل هذه الذئاب ضدنا!