عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حدث كبير.. وحكومة صغيرة!

نخدع أنفسنا، ونضحك علي الناس، ونضللهم، إذا تصورنا أن ما صدر عن حكومة إسرائيل، أمس الأول، هو اعتذار منها عن قتل الضباط والجنود المصريين علي الحدود.. فما صدر ليس اعتذاراً بالمرة، وليست هناك أدني صلة بينه وبين الاعتذار كما يفهمه أي مواطن عاقل،

وإنما هو مجرد «أسف» علي ما حدث، جاء علي لسان «باراك» وزير الدفاع الإسرائيلي، وكأن ما جري علي حدودنا، من قتل ضباطنا وجنودنا، مجرد شيء عابر، وغير مقصود، وبالتالي فإن كلمة أسف من جانبهم تكفي لإرضائنا.. أو هكذا يتصورون!

الشيء المحزن، والذي يدعو إلي الخجل، أن حكومة عصام شرف ظلت طوال الساعات التي أعقبت صدور الأسف، تصوِّره للمصريين وتروج له بينهم، دون حياء، علي أنه اعتذار، وما بين الاعتذار والأسف، كما قلت، مسافة طويلة وهائلة، لا تخطئها أي عين منصفة، ولذلك، فإن ترويج الحكومة لـ «أسف» باراك، علي انه اعتذار، لابد انه قد جعلنا اضحوكة أمام العالم الذي كان بالضرورة يقرأ عبارة الأسف الواردة علي لسان وزير الدفاع الاسرائيلي، ويقارن بينها، في نصها الأصلي علي وكالات الأنباء، وبين ترجمتها العبيطة لدي حكومتنا علي أنها اعتذار، فيضحك - أي العالم - علينا، وعلي حكومتنا، وعلي عجزها، وضحالة تفكيرها، وسطحيته، وقلة حيلتها!

لم يكن يضير الحكومة في شيء، أن تقول للناس الحقيقة، وأن تصارحهم بأن إسرائيل بالكاد تأسف، وأنها لم تعتذر، وأننا، كمصريين، نقبل الأسف، مضطرين، ونطالب بما هو أكثر منه، ونصمم عليه، وهو ما تفعله - بالمناسبة - حكومة أردوغان في تركيا هذه الأيام.. إذ تصر علي أن تعتذر لها الحكومة الإسرائيلية، علانية، عن جريمة الاعتداء علي سفينة الحرية التركية في البحر المتوسط.

رئيس وزراء تركيا مصمم علي اعتذار إسرائيلي صريح، وقد وصل في تصميمه إلي حد أن الرئيس الأمريكي «اوباما» نفسه، راح يضغط هو الآخر، علي رئيس الوزراء الإسرائيلي، ليعتذر للأتراك، ورغم ان نتنياهو لا

يزال يساوم في الاعتذار، ويماطل إلا أن «أردوغان» لم يتنازل عن مطلبه، بوصة واحدة، وهو يؤكد في كل لحظة، علي أن تطبيع أي علاقة مع تل أبيب، مرهون كاملاً، بالاعتذار، وانه إذا لم يصدر اعتذار واضح، ومعلن، وصريح، عن حكومة إسرائيل، فلا تطبيع، بين بلده وبينها، في العلاقات من أي نوع، ولا علي أي مستوي!

هكذا يتصرف رئيس وزراء تركيا، وهكذا يتعامل مع اسرائيل، وهكذا يقدر قيمة أبنائه ومواطنيه الأتراك، وهكذا ترفع حكومة تركيا قامتها بين الحكومات، لا أن يصدر عنها، كما جري عندنا خلال الأزمة، بيان يقول باستدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة، ثم بعدها بساعة، ينشر موقع مجلس الوزراء بياناً آخر يقول بسحب السفير المصري من تل أبيب، وبعدها بساعة أخري، يتم سحب البيان، ولا يعود الذين يتابعون الموقف داخل مصر وخارجه يعرفون ما هو بالضبط موقف حكومة مصر مما يجري علي حدودها، إذا كان هذا هو حالها، وإذا كان مستوي أدائها علي هذا القدر من التخبط، والارتباك، والتردد، والعجز الفادح، والفاضح!

حين يقارن المرء بين أداء حكومة أردوغان، وبين أداء حكومة شرف، يستقر لديه يقين راسخ، بأن حكومتنا أقل من الحدث، وأصغر منه، وأن بلدنا يعيش، رغم حجم الازمات فيه، وحوله، بلا حكومة!