رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لو أن «الجماعة» أنصفت نفسها!

رد فعل الجماعة الإخوانية، علي قرار إحالة «مرسي»، و«بديع» و«الشاطر» وغيرهم، إلي فضيلة المفتي في قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» ينطق بأن ما قاله فيها جمال البنا، ذات يوم، كان صادقا تماما!

إن جمال البنا، الذي رحل قبل نحو عامين، هو الشقيق الأصغر لحسن البنا، مؤسس هذه الجماعة، وقد بلغ الضيق من «الجماعة» عند البنا الشقيق حدا، جعله يقول بأن هذه جماعة لا تتعلم، ولا تنسي، وهو حين قال بذلك، لم يكن يقوله لمجرد الاستهلاك في الكلام، وإنما كان يقوله، وهو يقارن بين أسرة «البوربون» التي حكمت فرنسا يوما، وكان ذلك في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، ولكنها، كأسرة حاكمة لم تكن تريد أن تتعلم، من تجارب الأيام، ولا كانت تريد أن تنسي، فكانت النتيجة أنها اختفت بالكامل، وصارت مجرد سطور في تاريخ فرنسا كله!
عندما تكون المقارنة، عند جمال البنا، بين الجماعة الإخوانية، وبين تلك الأسرة الفرنسية الحاكمة، علي هذا المستوي، وفي هذا الاتجاه، وبهذا المعني تحديدا، فلابد أنه كان يفعل ذلك، وعنده قدر من التخوف من أن تلقي «الجماعة» مصير الأسرة البوربونية، إذا ما صممت مثلها علي ألا تتعلم وألا تنسي!
إن إحالة «مرسي» و«بديع» و«الشاطر» وسائر إخوانهم إلي فضيلة المفتي، هو قرار من المحكمة، وليس حكما، لأن الحكم نفسه سوف يصدر يوم 2 يونية المقبل.
هذه نقطة.. والثانية أنه حتي لو كانت الإحالة للمفتي حكما، وليست مجرد قرار فإن رأي المفتي في المسألة، رأي استشاري، يجوز للمحكمة أن تأخذ به، ويجوز ألا تأخذ، في حين أن رجوع المحكمة إلي المفتي، وجوبي، أي أنه رجوع لابد منه في كل الأحوال.
والنقطة الثالثة، أنه حتي لو قضت المحكمة في الثاني من الشهر المقبل، بإعدام كل الذين أحالت أوراقهم للمفتي، فإن الحكم لن يكون نهائيا، وسوف تكون هناك فرصة، وربما أكثر، للطعن عليه، من جانب المتهمين، ومراجعته بالتالي من جانب المحكمة.
هذا من حيث الشكل.. أما من حيث المضمون، فإن كل الذين تابعوا جلسات القضيتين منذ البداية، بمن فيهم المتهمون أنفسهم، يعلمون تماما، أن كل متهم فيهم تجري محاكمته أمام القاضي الطبيعي، لا أمام محاكم خاصة، ولا أمام محاكم عسكرية، وقد كان في إمكان الأجهزة المعنية في الدولة، أن تحاكمهم

أمام محاكم خاصة، أو أمام محاكم عسكرية، ثم لا يكون عليها لوم ولا عتاب من أحد.
لا يكون علي تلك الأجهزة لوم ولا عتاب، لسببين مهمين: أولهما أن الرأي العام في البلد، في أغلبه كان ولا يزال يطلب ذلك، وكان ولا يزال يلح علي ما يطلبه، وكان ولا يزال يواصل الإلحاح، والسبب الثاني أن القضيتين لمن يقرأ تفاصيلهما المنشورة، خطيرتان جدا.. إنهما خطيرتان إلي درجة يستغرب معها كثيرون بيننا، أن تكون هذه هي اتهامات الموقوفين فيهما معا، ثم تكون محاكمتهم أمام القضاء العادي الطبيعي في النهاية!
ولو أن في رؤوس الذين غضبوا من قرار الإحالة، بقية من عقل، لكانوا قد أدركوا بسهولة، أن القرار جاء بعد محاكمات وجلسات كاد الرأي العام يمل منها، إن لم يكن قد ملّ فعلا، ولكن المحكمة لم يكن يعنيها أن يمل الرأي العام، أو لا يمل وكان يعنيها، بل ويهمها أن تأخذ المحاكمات وقتها الطبيعي، وأن تتاح لكل متهم فيها فرصة الدفاع عن نفسه، من خلال محاميه الذي يختاره.
فإذا جاء قرار الإحالة، لاحقا، أو الحكم نفسه، كان الأمر في الحالتين مبنيا علي أدلة وقرائن، توافرت لهيئة المحكمة، وكان مستندا في الوقت نفسه، إلي كلام شهود قالوا بما رأوه بأعينهم وعاينوه بأنفسهم!
لو أنصفت «الجماعة» نفسها، قبل أن تنصف غيرها، لخيبت ظن جمال البنا فيها!.. ولكنها، بكل أسف، تبدو كمن يمضي الي هلاكه، معصوب العينين، ولو رفع العصابة عن عينيه، لأنقذ نفسه، وأنقذ بقاياه!