عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صدفة لابد أن تعني شيئاً للرئيس!

الصدفة التي جعلت جسرا ينهار صباح الأحد في الدقهلية، بعد أيام فقط، من الجولة التي كان الرئيس قد قام بها، فجرا للاطمئنان علي أن عملية تنفيذ الطرق الجديدة، تسير كما يجب.. هذه الصدفة نفسها، هي التي لابد أن يقرأ فيها الرئيس، معني مهما من المعاني، وأن يتوقف عنده، وأن يتحرك علي أساسه، خاصة أنها ليست المرة الأولي، التي  تظهر فيها عيوب قاتلة؟ في جسر هنا أو في طريق هناك.

والمعني الذي أقصده، وأريد من الرئيس أن ينتبه إليه، هو أن إنشاء طرق جديدة، بامتداد ثلاثة آلاف كيلو متر تقريبا، خلال العام الأول من توليه السلطة، لا يعني أن يغض البصر، عن حال شبكة الطرق القديمة، بل ربما تكون هذه الشبكة القديمة أولي بأن تكون موضع رعاية، واهتمام، وصيانة جادة، من عمليات إنشاء الطرق الجديدة نفسها!
أقول هذا، رغم إيماني بأننا أحوج الناس إلي مضاعفة مساحة الشبكة القائمة،ولأنك لا يمكن أن تتكلم عن عمليات تنمية حقيقية في أنحاء البلد، ما لم يكن ذلك مقرونا بشق مساحات من الطرق، وبجودة عالية، في كل اتجاه!
ثم أقول هذا، لأن تفصيلة من تفاصيل سقوط جسر الدقهلية، تقول لنا، بأبلغ بيان، إنه من الواضح أنه قد جاء علينا وقت، كانت الشركات المنفذة للطرق، لا تراعي في أي طريق جديد تشقه، ما يجب مراعاته من أصول الجودة في عمليات الإنشاء، ولم يكن المهم عندها، عندئذ، أن يكون الطريق صالحا لأن يمر البشر عليه آمنين، ولا أن يكون الجسر متاحا لأن يعبر فوقه أي بني آدم، وهو مطمئن إلي سلامته..لا.. لن يكون هذا واردا، ولا كان فيما يبدو، من بين الأولويات، وإنما كان القصد أن يكون هناك طريق، وأن يكون هناك جسر، من حيث المعني المادي المجرد للوجود في الحالتين.. أما  أصول الإنشاء، وقواعده، ومبادئه، فقد ظلت غائبة بكل أسف، ولم يكن أحد يعبأ، بأن هذا معناه أن تكون حياة العابرين فوق الطرق والجسور، في خطر حقيقي، ولا كان أحد يعبأ، بأن هذا معناه، أن تكون هذه الطرق، وتلك الجسور، كمائن للبشر!
عندي هنا ملاحظتان أساسيتان أضعهما أمام كل مسئول تعنيه حياة الإنسان في هذا البلد، ويعنيه أن من حق هذا الإنسان، أن يعبر أي طريق، وأي جسر، وهو مطمئن تماما الي أن المسئول الذي مده تحت قدميه، كان ذا ضمير وأن ضميره إذا غاب فإن القانون، والقانون وحده، لابد أن يعيده إليه!
أما الملاحظة الأولي، فهي أن تفصيلة من تفاصيل انهيار جسر الدقهلية تقول،. إن هيئة الطرق والكباري لم تتسلمه من الشركة المنفذة، لوجود عيوب فنية

ظاهرة فيه، رغم مرور ما يقرب من عشر سنوات علي افتتاحه أمام الجمهور! والسؤال هو: لماذا سكتت الهيئة عشر سنوات، علي جسر تعرف هي أنه غير صالح لمرور الناس عليه؟! ثم سؤال آخر: لماذا سمحت بافتتاحه أمام الناس، رغم عيوبه الظاهرة أمامها؟! وسؤال ثالث: هل مجرد رفضها تسلمه يعفيها من المسئولية ومن الحساب؟! وهكذا.. وهكذا.. الي آخر الأسئلة الحائرة بلا جواب، والتي تقول لك، إن الإنسان كعنصر حاكم في الموضوع كله كان غائبا عنه، منذ البداية، سواء علي مستوي الشركة المنفذة، أو علي مستوي هيئة الطرق والكباري، فلقد كان كلتاهما حريصة، كما تري أنت، علي استيفاء  «الشكل» في الموضوع.. أما المضمون فلم يكن يعنيهما، وكانت المحصلة هي انهيار الجسر، وسقوط ثلاث سيارات في الرشاح الذي يعبره الجسر!
والملاحظة الثانية الأساسية سوف تكشف عن أن الشكل أيضا، هو الذي يشغل القائمين علي الأمر كله، بصفة عامة.
لقد سمعت الرجل المسئول عن مثل هذا الملف، في الغرفة التجارية، يقول ذات يوم، لفضائية مصرية إن شركات كثيرة تنفذ الطرق التي يكون عليها إنشاؤها، في حدود ما هو متاح لها من ميزانيات! والمعني، أن ضعف الموارد قد يؤدي أحيانا، الي أن تخصص الحكومة نصف مليون - مثلا - للطريق الذي يتكلف مليونا من الجنيهات، وتكون النتيجة أن الشركة التي تنفذه لا ترفضه، بل تنشئه «علي قد فلوس الحكومة» إذا صح التعبير، أي أنها تجعله شبه طريق، وليس طريقا كما يقول الكتاب، ولا كما يقضي الضمير، ولا كما ينبغي مراعاته، حين يكون الموضوع هو موضوع تقديم خدمة عامة للمواطنين علي مستوي معين من الجودة، ومن الالتزام.
المصريون يستحقون معاملة أفضل، والذين يفرطون في حق المصريين، يستحقون معاملة أقسي بكثير!