رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تتوقعوا نتيجة مختلفة!

ما كاد البلد يفيق من فاجعة المريوطية، التي غاص فيها 13 مواطناً، في قاع الترعة، وأصيب 14 آخرون، صباح السبت، حتى استيقظنا بعدها بـ 48 ساعة، على فاجعة أخرى، على الطريق الزراعي في بني سويف، راح ضحيتها 15 مواطناً، ما بين قتيل ومُصاب!

< لابد="" أن="" الله="" تعالى="" وحده،="" هو="" الأعلم="" بمكان="" وحجم="" الفاجعة="" المقبلة،="" فالطرق="" عندنا="" لا="" تخلو="" بكل="" أسف،="" من="" شىء="" من="" هذا،="" في="" كل="">
ورغم أن التحقيقات لاتزال جارية، في حادث المريوطية، إلا أن المعلومات الأولية المتناثرة بين ضحية هنا، وأخرى هناك، يقول نقلاً عن شهود عيان، أن سرعة السائق كانت سبباً أساسياً فيما جرى، وأن سرعته الزائدة على الحد، قد جعلته عاجزاً عن تفادي سيارة نصف نقل قطعت عليه الطريق، فوق الكوبري، فقفز  في الترعة بالركاب!
فما معنى هذا الكلام؟!.. معناه أن الخطأ هنا، إذا صح، نقلاً عن شهود العيان، إنما يقع على السائق في المقام الأول، ومعنى هذا أيضاً، أنه كسائق، لم يتعلم كيف يقود سيارة على طريق عام، وأنه، بالتالي، لم يكن من حقه الحصول على رخصة قيادة، وأن المخطئ الأصلي في الموضوع، هو الشخص الذي أعطاه الرخصة عن غير وجه حق، وأنه يجب أن يقع تحت طائلة القانون، قبل السائق ذاته!
وربما أعيد تذكير القارئ الكريم، أني في هذا المكان، كنت قد كتبت وقت حادث البحيرة الذي هز مصر، قبل أشهر من الآن، عن أن الحملات المرورية التي تنطلق في أعقاب كل حادث مماثل، قد تعمل على تهدئة الرأي العام في وقتها، وقد تُشفى غليل الذين يؤلمهم تكرار الحوادث علي كل طريق عندنا، بهذا الشكل المأساوي، وقد تمتص بعض غضب الرأي العام والناس عموماً، وقد.. وقد.. إلى آخره.. غير أنها لن تتعامل مع جذور المأساة، ولن تقضي عليها في مهدها، ولن تؤدي الى ما نريده فعلاً من أمان للركاب والمسافرين على كل طريق!
مرة أخرى، وثالثة، وعاشرة، نقول بإن انشاء ثلاثة آلاف كيلو متر جديدة، من الطرق، في أنحاء الجمهورية، خلال عام، وهو ما وعد به الرئيس، في أول يوم تولى فيه الحُكم، لن يعفينا من قضية أخرى لابد أن تكون موازية لها، وهى إصلاح الطرق القديمة كلها، بطولها الذي يبلغ 24 ألف كيلو متر، بحيث لا يبقى متر واحد منها، إلا ويخضع لمراجعة شاملة، تجعل منه طريقاً صالحاً للمرور الآدمي!
ثم.. مرة أخرى، وعاشرة، بل للمرة المائة نقول: إن حملات المرور المفاجئة، والمصاحبة لكل حادث جديد، أو التالية له، لا تُغني، ولن تغني، عن أن يتم إخضاع السائقين كلهم، بامتداد الجمهورية، لإعادة كشف شامل، ووفق جدول زمني واضح له أول، وله سقف ينتهي عنده، حتى إذا بلغنا هذا السقف، مهما كان طوله، كنا على يقين، وقتها، من أن مثل هذا الكشف الشامل قد ألغى كل رخصة غير صالحة، دون أي مساومة، وقد استبعد كل سائق لا يصلح لأن يقود سيارته على أي طريق.
إلى هنا، سوف نكون قد فرغنا مما يخص الطريق، ومما يخص السائق، ليبقى بعدها ما يخص السيارة ذاتها، التي تمثل العنصر الثالث في القصة على بعضها.
وهو ما يستلزم أن تخضع كل السيارات التي تجري في شوارعنا، لمراجعة شاملة كتلك التي نفترض أن السائقين سوف يكونون قد خضعوا لها، من قبل، وكذلك مسافات الطرق بكاملها من شمال البلد لجنوبه.
هذا وحده، هو الذي سوف يضمن لنا، أن تكون حوادث الطرق لدينا، في معدلاتها العادية، التي تعرفها كل الدول حولنا في المنطقة.. فليست هناك دولة حولنا، تخلو من حوادث الطرق، ولكن المتابع لما تشهده في نطاقها، ولما نشهده نحن في اطارنا، سوف يكتشف أن هناك فرقاً بيننا، وبينهم، كالذي بين السماء والأرض، وأن الحوادث في تلك الدول، من النوع العادي، والمقبول، والمعقول بل والمتوقع.. أما عندنا، فالطريق.. أي طريق انما هو كمين، أو مصيدة، لكل سائر عليه، إلا أن يكتب له الله النجاة!
وإذا ما أرادت الحكومة، أن تجد هذا الكلام الذي أقوله، منذ أول هذه السطور، كلاماً منظماً، ومرتباً، على طريقة 1+1=2، فلتطلب المشروع المحكم الذي أعدته وكالة «جايكا» اليابانية، عن حلول مشكلة المرور في مصر.
فـ «جايكا» لمن لا يعرف، جاءت الينا بناء على طلب منا، وكان ذلك قبل 25 يناير 2011، ودرست المرور في طول البلد وعرضه، ثم جلس خبراؤها، وقالوا في مشروع مكتوب أن الحل هو كذا، وكيت، على وجه التحديد، وأننا إذا أردنا مروراً يشبه الموجود في سائر بلاد الدنيا، فلنفعل كذا، وكذا.. وبغير ذلك، فسوف تبقى المشكلة، وسوف تتفاقم، وسوف نظل ندور حلو أنفسنا!
إنني أتساءل في حيرة، وفي ألم: لماذا كنا نطلب حلولاً من «جايكا» إذا لم نكن ننوي الأخذ بها؟!.. ولماذا أنفقنا على الدراسة التي أعدتها هي، إذا كنا قد أخذناها ثم ركناها على الرف!
لا يمكن أن نواجه المشكلة، في كل مرة، ومع كل حادث جديد، بالطريقة نفسها، ثم نتوقع نتيجة مختلفة.. لا يمكن!