رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رابع أيام شرم!



لا يكفي أن تطلب الحكومة من الشعب أن يعمل.. وإنما لابد أن تبين له أين وكيف يعمل؟

حديثي هنا، ليس عن الرسالة الأعم، التي خرجت من مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، إلي العالم، فهي رسالة قيل عنها كلام كثير، ولا أظن أنها من هذه الزاوية في حاجة الي زيادة مني، أو حتي من غيري!
لذلك، أتجاوزها الي غيرها، وتحديدا الي قمة الرئيس في ختام المؤتمر، لأني وجدت فيها ثلاث رسائل مجتمعة، لا رسالة واحدة!
وقبل أن أتوقف عندها، واحدة بعد أخري، أريد أن أقول إنه بات من الواضح، منذ تولي الرئيس منصبه، أن ارتجاله في الحديث إلي المصريين، أفضل بكثير من الكلمات المكتوبة له سلفا، وأنه في ارتجاله ينفذ إلي أعماق مستمعيه، وأن كلماته المرتجلة تصيب هدفها، لدي كل مواطن، بسرعة، وسهولة، وأنه يجيد ذلك تماما!
وفي كل مرة سوف يجد نفسه في حاجة إلي الحديث مع الناس، مستقبلا، فإنني أدعوه إلي أن يرتجل، وألا يلجأ لنص مكتوب، إلا لضرورة يكون فيها مضطرا لأن يبعث رسائل محددة، إلي العالم من حولنا.
وليس معني ذلك، أني أُغلِّب العامية علي الفصحي.. بالعكس.. فأنا أفضّل الفصحي دائما، غير أن هناك من المعاني القليلة، بيننا وفي حياتنا، ما لا يمكن التعبير عنه، إلا بالعامية، وفي روايات نجيب محفوظ نفسه، نجد من حين لآخر، حديثا بالعامية  بين شخوص هذه الرواية أو تلك، ولا يكون ذلك طبعا، لأن «محفوظ» لم يكن يجد الكلمة الفصحي المناسبة للتعبير عما يريده من المعاني، وإنما لأنه يجد أن اللفظة العامية، في حالات معينة، منطبقة تماما، وبالمقاس، علي ما يجب أن يقول!
فإذا انتقلنا من هذا الشكل، إلي الموضوع، فسوف تكون الرسالة الأولي التي بعث بها في كلمته، هي تحيته لروح الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية الراحل.. الذي كان هو دون غيره، صاحب فكرة المؤتمر، ولذلك كانت تحية الرئيس لروح الرجل، واجبة وكان معناها أن مصر لا تنسي أبدا، أولئك الرجال الذين يقفون معها.. لا تنساهم.
وحين قرأت في أول أيام المؤتمر، عن أن هناك جدارية للرئيس، في شرم، تستقبل القادمين، وأن إلي جوارها، أو في مقابلها، جدارية أخري للشيخ زايد، يرحمه الله، فقد تمنيت لو أن جدارية ثالثة قامت إلي جانبهما، للملك الراحل، وإذا كان أمر كهذا، قد فاتنا، ولا أدري كيف، فإنني أرجو ألا يفوتنا في عامنا المقبل، مادمنا قد قررنا أن ينعقد المؤتمر في موعده، من كل عام.
كانت الرسالة الأولي، إذن، أننا لن ننسي وقفة «عبدالله» معنا.. فماذا عن الثانية؟!
لقد جاءت، بدورها، عندما أعلن الرئيس، أن زخم المؤتمر، في انعقاده الأول، يدعونا لأن نعقده في كل سنة.. وحين صفق الحضور لقراره هذا، استحسانا وتأييدا، فإنه قد استمهلهم ليكمل ما هو أهم في القرار.. وما هو أهم..كان أننا سوف نعقده سنويا، ليس من أجل أنفسنا وحدنا، ولكن من أجل شركائنا في التنمية، ومن أجل الذين يشبهوننا في وضعنا الاقتصادي، ومن أجل حلفائنا، ومن أجل مصلحة المنطقة من حولنا، لا من أجل مصلحتنا نحن بمفردنا.
وتلك، في حد ذاتها، كانت الرسالة الثانية وقد كانت هي الأخري واضحة، وواصلة، وكان معناها أن

القاهرة لا تريد أن تستأثر بشيء من دورها العام لنفسها، وأنها بمثل ما أهدت مشروع قناة السويس الجديدة، للعالم، بمثل ما قررت أن يكون انعقاد المؤتمر في موعده السنوي، فيما بعد، وانتظامه، هدية من نوع آخر للذين يبحثون عن محفل مثله، يلتقون خلاله مع بعضهم البعض، ويفكرون مع بعضهم البعض، ويعملون من أجل مصالح بعضهم البعض كذلك.
وأما الرسالة الثالثة، فكانت في وقوفه عن قصد عند أهمية عنصر الوقت، في تمويل ما تم في المؤتمر، من توافقات وتفاهمات ومذكرات إلي أشياء حية يجري في عروقها الدم!
وتلك كانت رسالة موجهة ليس إلي العالم من حولنا، ولا إلي الذين جاءونا في مؤتمرنا، ولا إلي  الذين شاركونا هم إنجاحه، ولكنها بالأساس كانت موجهة إلينا نحن أنفسنا.
تلك رسالة أتمني صادقا، لو أن كل مسئول في مكانه، قد وعاها جيدا، ثم أتمني بالصدق نفسه، لو أن كل واحد منا قد وعاها بالدرجة ذاتها، لأن نجاح المؤتمر، علي النحو الذي تابعنا، يتطلب بالأساس إنجاحا لما بعده، وما بعده هذا، هو مسئوليتنا نحن المصريين، وليس مسئولية أي طرف آخر.
وإذا كنت قد قدمت المسئولين، علي المواطنين والمصريين الذين ليسوا في أي موقع مسئولية، فلأن الدولة، في كل مستوياتها المسئولة، يقع عليها العبء الأكبر، في عملية الإنجاح هذه، ولأن أي شعب يلزمه في النهاية حكومة مسئولة ترسم له الطريق الذي سوف يكون عليه أن يسير ويعمل فيه.
إذ لا يكفي أن تطلب الحكومة من الشعب، أن يعمل.. لا يكفي أبدا.. وإنما لابد أن تبين له أين وكيف يعمل!
وربما كان هذا هو الجزء الغائب، من الرسالة الثالثة، ثم ربما كان أيضا علي الرئيس، وعلي حكومته، أن يستكملا هذا الجزء الغائب، بأن يعملا معا ومباشرة، منذ صباح اليوم الرابع، أي اليوم التالي لانتهاء المؤتمر، علي حشد الناس في هذا الطريق، من أجل إنجاح ما بعده، فالمؤتمر نفسه قد نجح في حدود أيامه الثلاثة، وانتهي الأمر، وما أهم من أيامه الثلاثة تلك، هو ما سوف يكون علينا أن نبدأه، في اليوم الرابع. ودون مساومة أو فصال!