رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوزير المُنقذ!

في صيف العام الماضي، كنت في مكة المكرمة، وفي أحد فنادقها دار حوار عابر بيني، وبين صاحب أعمال يملك مصنعاً في العاشر، وفهمت منه أننا في الإعلام نتجاوز الحقيقة، عندما نتكلم عن عدم وجود فرص عمل في السوق، لأن الحقيقة كما سمعتها منه، وبحكم تجربته في عمله، أن هناك فرص عمل كثيرة، ولكن المشكلة هي أن الخريجين المتاحين في الأسواق، غير مؤهلين لها، بل إنهم، في غالبيتهم، غير مستعدين لدخول دورات تدريب تؤهلهم للعمل، ولا لبذل أي جهد فيها!

تذكرت ذلك الحوار العابر، عندما قرأت ضمن التعديل الوزاري الأخير، عن استحداث وزارة جديدة، للتعليم الفني والتدريب.
فالدكتور محمد يوسف، الذي يجلس علي كرسي الوزارة الجديدة، أمامه مهمة كبيرة، وهي مهمة لا بديل أمامه عن إنجازها، ولا عن البدء فيها، الآن، وبسرعة!
مهمة الرجل أن تكون إحدي عينيه، علي خريجينا، الذين قذفت وتقذف بهم الجامعات، في كل عام، بينما العين الأخري، علي سوق العمل.. ليعرف، وبالأرقام ماذا يريد، وبأي عدد!
وبهذه الطريقة، سوف تكون عندنا للمرة الأولي، هيئة في صورة وزارة، هي وحدها المسئولة عن إعادة تأهيل خريجينا، بما يجعل كل واحد فيهم، مستعداً، لأن يجد عملاً يوافق مؤهلاته، بدلاً عن أن يظل يندب حظه!
وسوف يجد الدكتور يوسف، عندما يبدأ مهمته، أنه أمام نوعين من الخريجين: نوع تخرج في الجامعة، ولم يحصل علي أي علم، ولا عنده أي خبرة، ومع ذلك يريد عملاً، ويصف نفسه بأنه عاطل، مع أن العاطل الحقيقي، هو الذي يملك مؤهلات العمل المُتاح في السوق، ثم لا يجد فرصة مناسبة.. أما أن يكون غير مؤهل لشيء، رغم أنه جامعي، ثم يشكو من أنه بلا عمل، فلابد أنه ذنبه هو، لا ذنب أحد غيره، أو بمعني أشمْل، هو ذنب التعليم الذي التحق به، ثم خرج منه كما دخل، بل ربما أكثر جهلاً مما كان عليه، قبل أن يدخله!
والنوع الثاني، الذي سوف يجده أمامه الدكتور يوسف، يتمثل في خريجين حصلوا علي علم فعلاً، أياً كان حجمه، غير أنهم في حاجة إلي أن يلتحقوا بدورات تدريب قصيرة، تصل ما بين العلم الذي حصلوا عليه، وبين العمل الذي سوف يكون علي كل واحد منهم أن يؤديه.
صاحب العمل الذي دار حواري معه، في مكة، كان يبحث عن خريج مؤهل، فلا يجد، وكان يختار من بين المتقدمين للعمل لديه، عدداً من الشباب، ثم يذهب بهم إلي دورة تدريبة، فيكتشف أنهم غير جادين في أخذ الدورات علي نحو ما يجب أن تؤخذ عليه، من جد، وكان يكتشف أيضاً،

أنهم يريدون عملاً سهلاً، وأنهم لا يريدون أن يُتعبوا أنفسهم، وأنهم، تقريباً، يريدون عملاً يذهب إليهم في بيوتهم، إذا جاز التعبير، وأنهم لا يريدون أن يفهموا أن العمل، عمل، وأنه لا هزار فيه، وأنه كعمل، له شروط، ومتطلبات، ومقتضيات، لا غني عنها لمَنْ يطلب عملاً، أي عمل، وبجدية كاملة!
تلك، بالضبط، هي المشكلة التي سوف يكون علي الدكتور يوسف، أن يحلها، وتلك أيضاً هي المسافة التي سوف يكون عليه أن يقطعها، بين الجامعة، وبين سوق العمل في البلد.
وأتصور أن يكون الرجل قد بدأ، منذ يومه الأول، في عملية إحصائية لابد منها، عن عدد خريجينا في مجملهم، ثم عدد الفرص التي تبحث عنهم، ثم عن دوره هو، ودور وزاراته، في مد جسر بين الطرفين.
لقد كنا نشكو، طوال أعوام مضت، من أن فجوة تقوم بين هذه الطرق، وبين ذاك، وكنا نبحث عمَنْ يردمها، سواء كان شخصاً مسئولاً، أو هيئة مسئولة، فلا نجد.. واليوم، أصبح عندنا مسئول بدرجة وزير، نعرفه، ونعرف اسمه، وتخصصه، ومهمته، وأصبح عندنا في الوقت نفسه، وزارة بكاملها، لا عمل لها، حسب مُسماها، وحسب مهمتها التي جري استحداثها من أجلها، سوي أن تفتح طريقاً لخريجين في أيديهم شهادة من الجامعة، غير أنها شهادة نظرية، لا تسعف صاحبها في أي عمل، ومطلوب إسعافه بها، وسريعاً، من خلال وزارة نعرفها للمرة الأولي، ونعرف أن اسمها وزارة التعليم الفني، والتدريب، ومن خلال رجل نراهن عليه، اسمه محمد يوسف!
فليذكر الدكتور يوسف، أن مهمته ثقيلة، ولكنها ممكنة جداً بشىء من التنظيم، والتفكير العلمي، وليذكر أن طابوراً طويلاً من الخريجين، غير المؤهلين، يضع آمالاً عريضة علي كتفيه، ونريد أن نري، في الأمد المنظور، أنه لها!