عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هي فرصة لإبعاد وجوه لا تمثِّل إلا نفسها


المُفترض في أهل القانون، حين تطلب منهم الدولة، وضع قانون جديد، أنهم يأتون بنسخة من الدستور القائم، ثم يقارنون طول الوقت، بين كل مادة في هذا الدستور، وبين مواد القانون الجديد، مادة وراء مادة!

هذا هو المُفترض، الذي لا يتصور أي عاقل، أن يغيب عن بال رجل القانون، خصوصاً إذا كان من بين الذين يفهمون. ويستوعبون، حجم المهمة الموكول بها إليهم، ويقدَّرون الأمانة التي تعهد بهم إليها الدولة، حق تقديريها، وفي حالة كالتي بين أيدينا.
هذه مقدمة أريد أن أقول من خلالها، أن أحداً بيننا لا يفهم، حتي الآن، كيف غابت بديهيات كهذه، عن أذهان الذين وضعوا قانون تقسيم الدوائر، بما أدي إلي أن تحكم المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية، فنعود إلي المربع الأول من جديد، وقد كان البرلمان الجديد علي وشك أن يشكل!
وما يزعجك حقاً، أنك تكتشف، أن القانون المحكوم بعدم دستوريته، كان القانونيون وحدهم قد انفردوا بوضعه، وبصياغته، وكانت هناك شكوي دائمة، في وقت بدء العمل فيه، والانتهاء منه، من استحواذ أهل القانون وحدهم، عليه، وكانت هناك مطالبات قوية، ومستمرة، بأن يكون لأهل السياسة مكان، بين أهل القانون، وإلي جوارهم!
وقد كان انفراد أهل القانون، به، كفيلاً بأن يجعله، كقانون: سليماً بنسبة مائة في المائة من حيث مدي دستوريته، فلا يكون فيه من هذه الناحية، أي شك، وبأي نسبة!
وحين يأتي الأمر، في النيابة، علي العكس مما كنا نظن، فلا نملك إلا أن ندعو الحكومة إلي أن تختار جيداً، إذا أرادت أن تتعامل مع أهل القانون في المستقبل، لأن الذين اختارتهم لقانون تقسيم الدوائر، كما نري، لم يكونوا بكل أسف، عند مستوي الأمانة، ولا كانوا علي قدر أمل الناس فيهم!
وربما لو كانت الحكومة قد أنصتت كما يجب، إلي ما كتبه كثيرون من أهل الرأي، وقت إعداد القانون، لكانت قد جاءت بعدد من أهل السياسة، وأهل العقل، وجعلتهم شركاء في عملية الإعداد نفسها، وكنا، عندئذ، سوف نكون أغني الناس عن تضييع الوقت في تعديل تشريع قانوني مات قبل أن يولد البرلمان الجديد علي يديه بلحظات.
وقد تمنيت لو أن الحكومة قد نشرت علي الرأي العام، أسماء الذين وضعوا هذا القانون المعيب، ليكون المواطن علي بينة مَمْن لم يكن أميناً مع مصلحة بلده، حين وضع قانوناً سقط عند أول اختبار علي عتبات الدستورية العليا.
تمنيتُ هذا، ثم تمنيت لو أن الحكومة سارعته دون إبطاء، إلي الأخذ بما أمر به الرئيس، في أعقاب صدور حكم «الدستورية» مباشرة، حول الفترة التي يجب أن يستغرقها تعديل القانون، محل الطعن الدستوري، فلا نتجاوزها يوماً واحداً، لانه لا وقت عندنا نضيعه!
وربما يكون أفضل ما أمر به رئيس الدولة، هو ألا يتجاوز التعديل شهراً، وأن نكون بالتالي عند أول أبريل المقبل، علي موعد مع قانون لتقسيم الدوائر، لا تشوبه شائبة، وأن نواصل طريق تشكيل البرلمان، الذي كان قد بدأناه، لأننا أحوج الناس إلي أن يكون لدينا برلمان يليق بنا، وببلدنا، ويليق ببلد قامت

فيه ثورتان في أقل في ثلاث سنوات!
ورغم روح الإحباط التي سادت لدي كثيرين، بمجرد صدور حكم الدستورية العليا، ورغم أن البلد بكامله، كان قد هيأ نفسه، لخوض انتخابات البرلمان في مواعيدها المحددة، إلا أنه ربما يكون التأجيل خيراً، من حيث لا ندري!
ربما يكون خيراً، وأظنه كذلك، لأن الانطباع العام عن البرلمان الجديد، لو كان قد جاء بالقانون القديم، قبل الطعن عليه دستورياً، لم يكن انطباعاً مريحاً في كل أحواله.. بل كان انطباعاً سيئاً، ولم يكن من اللائق بنا أن نقبل ببرلمان هذا هو انطباع الناس في عمومهم عنه، ولمجرد أننا راغبون في أن يتشكل البرلمان الجديد، بأي طريقة، أو لمجرد أننا نريد أن ننتهي من الخطوة الثالثة، من خريطة الطريق، بأي ثمن، أو حتي علي طريقة: برلمان والسلام.. خير من لا برلمان!
لا.. فمصر بالتأكيد، تستحق أفضل من هذا، بكثير، ومصر تستحق برلماناً يضم وجوهاً أفضل، ولو بقليل، من كثير من الوجوه الكاملة التي راحت تطل علينا خلال الأسابيع الماضية، وقد كان كل واحد من أصحاب تلك الوجوه، يطرح نفسه، كمرشح، دون حياء، ولم يكن يسأل نفسه عمَنْ سوف ينتخبه، ولا عمَنْ سوف يرضي أن يأتمنه علي صوته!
إن أفضل ما فعله الرئيس، أنه حدد سقفاً زمنياً لفترة تعديل القانون، بحيث نذهب بعدها مباشرة إلي انتخاب برلمان أفضل، مما كان سيكون، .. برلمان بمصر حقاً، لان البرلمان الذي كتب الله له ألا تتم إجراءاته، لم يكن يليق في الحقيقة، إلا بالذين كانوا يتصارعون عليه، وكأنهم ذاهبون إلي غنيمة تحت القبة، لا إلي ممارسة مسئولية وطنية بكل معانيها.
تعديل القانون فرصة لأن تختص وجوه، لا يستطيع كل واحد من أصحابها، أن يمثِّل نفسه، في أي محفل، ثم يطمح، في تبجح، في أن يمثِّل أمة بكاملها في البرلمان!.. إنه فرصة لأن نسأل أنفسنا، بأمانة.. عما نريده من البرلمان، ثم نشكله علي أساس إجابة هذا السؤال.. لا أن نشكله، ثم نسأل أنفسنا ذات السؤال!