عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تزوير فى أوراق خليجية!

على الصفحة الأولى من صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، وفى عددها الصادر صباح السبت الماضى، كشفت مصادر وصفتها الصحيفة بأنها مطِّلعة، معلومات جديدة، عن بيانين كانا قد صدرا عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجى، مساء الخميس، حول العلاقة بين دول الخليج، ومصر!

البيانان صدرا باسم السيد عبداللطيف الزيانى، أمين عام المجلس، وكان كل بيان فيهما، ضد الآخر على طول الخط، مما أوقع الذين تابعوهما فى التباس شديد، وحيرة أشد!

كان الأول يقول، إن الأمانة العامة للمجلس ترفض اتهام السفير طارق عادل، مندوب مصر فى الجامعة العربية، لمندوب قطر فى الجامعة، بأن بلاده تدعم الإرهاب، وأن هذا الاتهام، على حد تعبير البيان، لا يخدم جهود دول المجلس، من أجل بناء موقف عربى قومى، وأن.. وأن.. إلى آخر ما قيل مما جرى تصويره للمتابعين، في لحظته، على أنه تغير طارئ فى موقف دول الخليج الداعم لمصر، منذ ثورتها على الإخوان فى 30 يونية 2013.

ولم يكن أى متابع للبيان، بصورته هذه، في حاجة إلى جهد كبير، ولا لذكاء أكبر، لكى يدرك أن البيان يغالط نفسه مرتين: مرة لأن دول الخليج الداعمة لنا، سياسيًا بالذات، وهى تحديداً السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وعُمان، لا يمكن أن تغير موقفها منا، فجأة هكذا، وبزاوية 180 درجة، ثم مرة أخرى لأن أي متأمل لأسباب اتهام مندوبنا، لمندوب قطر، بأن بلاده تدعم الإرهاب، إنما هي أسباب لها وجاهتها تماماً، وإلا، فما معنى أن يتحفظ مندوب قطر، على الفقرة الثانية من بيان الجامعة، على مستوى مندوبيها الدائمين، الذى أيد حق مصر فى توجيه ضربات جوية ضد معسكرات تنظيم «داعش» الإرهابى، فى ليبيا؟!.. ما معنى أن يؤيد مندوبو دول الجامعة الدائمين، حق القاهرة، فى أن تؤدِّب «داعش» وفى أن تطارده حتى تقضى عليه، على حدودها، ثم تتحفظ الدوحة على هذا الحق؟!.. وأين، بالضبط، تقف حكومة قطر فى هذه الحالة؟!.. مع الإرهاب، أم ضده؟!

البيان الثانى، الذى صدر عن  الأمانة العامة لدول مجلس التعاون بعد بيانها الأول بساعات، وفى الليلة نفسها، كان يتحدث لغة مناقضة، وكان يتكلم عن أن موقف دول الخليج، من دعم مصر، ودعم حكومتها، موقف ثابت دون أى تغيير فيه!

وكما ترى، فإن قصر المسافة الزمنية، بين البيانين، قد أوقع ملايين المشاهدين المتابعين للفضائيات ليلتها، فى أشد أنواع الحيرة، ولم يعودوا يعرفون، والحال هكذا، أى البيانين يصدقون، وأيهما صواب، وأيهما خطأ؟!

هنا.. تأتي المعلومات الجديدة، التى نشرتها «الشرق الأوسط» على لسان مصادر مطَّلعة، لم تشأ أن تكشف عن هويتها، لتكشف الحقيقة كاملة، وتضعها فى إطارها الصحيح.

فالمصادر تقول، إن البيان الأول، صدر بشكل أحادى، ومن خارج مقر الأمانة العامة، وأنه أثار امتعاضاً خليجياً، لأنه لم يكن يمثل وجهة نظر دول الخليج كاملة!

وهنا، مرة ثانية، نجد أنفسنا أمام واقعة من أغرب وقائع

التزوير فى أوراق رسمية خليجية، صادرة عن مقر الأمانة العامة، لغرض واحد، وواضح، ومحدد، هو إفساد العلاقة بين القاهرة، من ناحية، وبين دول الخليج الخمس، من ناحية أخرى!

ولابد أن واقعة كهذه، تذكرنا بوقائع التسريبات إياها، التي كانت قناة «الجزيرة» تذيعها مراراً في الفترة الأخيرة، وربما لا تزال تذيعها، منسوبة إلي الرئيس، وإلي رجال من حوله، بهدف واحد وواضح أيضاً، هو محاولة إفساد علاقة مصر، بدول الخليج الخمس، مرة واحدة!

وإذا كان الرئيس باتصالاته السريعة، وقت التسريبات، قد طوق الأزمة، وقتلها في مهدها، من خلال تفاهم كبير، لدي الطرف الآخر، علي مستوي خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والشيخ صباح الأحمد أمير الكويت، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، والملك حمد، ملك البحرين، فإن تحركات سياسية سريعة، وقوية، نجحت هذه المرة أيضاً، في تطويق أزمة البيان المزور، وأظن أن علاقتنا مع دول الخليج الخمس، قد خرجت بعد الأزمتين، أقوي مما كانت عليه، قبلهما، ثم أظن أنه قد تبين الآن، لأشقائنا في الخليج، ماذا يُراد بهذه العلاقة الفريدة بيننا، وبينهم، ومن بالضبط يريد بها كل سوء، وكل شر!

تبدو عبارات المصادر المطلعة، التي نقلتها «الشرق الأوسط» مهذبة للغاية، ودبلوماسية إلي أقصي ما تكون اللغة الدبلوماسية، غير أن هذا هو الشكل فقط، ولابد أن وراء هذا الشكل شيئاً آخر، وهذا الشيء هو أن دول الخليج، التي صدر باسمها بيان مزور، دون أن تكون علي علم به، ولا بمضمونه، سوف لا تدع هذه الأزمة تمر، دون أن يكون بينها، وبين الطرف الذي أصدر البيان بشكل أحادي، كلام كثير، ثم فعل يتبعه!

كلام سوف يقول، إن الشغب بين الدول، قد يجوز، إلا أن له حدوداً، لا يجوز أن يتخطاها، لأنه حين يتخطاها إنما يتعرض لأمن دول بكاملها، وهو ما لا يمكن أن يكون محل عفو، أو غفران!