عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حتى لا نفاجأ بمؤذن جديد في البرلمان

في كل مرة أقرأ فيها اعتراضاً من جانب أي مرشح للبرلمان المقبل، على توقيع الكشف الطبي عليه، أتذكر على الفور اعتراض مدرسين كثيرين، على ربط الكادر الشهير الذي كان قد تقرر للعلمين، فيما قبل 25 يناير، بمستوي أي مدرس مهني!

وقتها، كما نذكر جميعاً، كانت الدولة قد قررت أن يخضع المدرسون لشىء اسمه الكادر الخاص، وكان يقضي باختصار، بأن المدرس الذي سوف يكون عليه مسئولية القاء الدروس على التلاميذ، سيخضع لكادر يزيد راتبه الشهري، بنسبة ملحوظة، بشرط أن يكون مؤهلاً هو، لوظيفة مدرس، كما ينبغي أن يتأهل لها أي شخص.
وكان انطباق الكادر على صاحبه، يستلزم اجتياز اختبار محدد، ولكن الذين كان عليهم أن يجتازوا هذا الاختبار اعترضوا بشدة، وأقاموا الدنيا في الاعلام، وكان منطق الاعتراض عجيباً حقا، إذ كيف يجوز للمدرس الذي تخرج في الجامعة، أو في غير الجامعة، وعمل بالتدريس فعلاً أن يخضع لاختبار من جديد، وكأنه لايزال طالباً أو تلميذاً؟!.. هكذا كان يقال!
وهو منطق كما ترى، عجيب، ولم يكن الاختبار إياه يعني، في حالة خضوع أي مدرس له، أنه، أي الخاضع للامتحان الشخصي، قد عاد تلميذاً، أو طالباً.. وإنما كان القصد كله، أن الدولة كانت قد خصصت مئات الملايين للانفاق على الكادر وتطبيقه، وكان تريد أن يكون لمثل هذا التطبيق عائداً حقيقياً في حياة الطلاب، لا أكثر، ولا أقل!
ولم يكن لعائد كهذا، أن يتحقق، إلا إذا تيقنت الدولة، من أن هذا المدرس مؤهل، فيحصل على الكادر، وأن ذاك غير مؤهل فلا يحصل عليه!
وأذكر أن الدكتور حسام بدراوي كان قد قال في عز احتدام النقاش حول تلك الحكاية، أن الدولة عليها أن تتمسك باختبارات الكادر، وألا تتنازل عنها، لأنها إذا تنازلت، فسوف تكون كالرجل الذي راح يوكل محامياً في قضية خاسرة، فيخسر ليس فقط القضية، وإنما يخسر معها أمواله أيضاً!
وكنت من جانبي قد كتبت في الموضوع مراراً، وكنت أتساءل في كل مرة، في حيرة، عما عسى أن يخيف أي مدرس من الاختبار، إذا كان يعرف، مقدماً، أنه سوف يجتازه بسهولة، وأنه يملك من المؤهلات ما يجعله قادراً على اجتيازه دون مشكلة.
التساؤل اليوم هو نفسه قائم، ولكن على مستوى المرشحين للبرلمان، لأن اعتراض أي مرشح على الكشف الطبي ليس معناه أنه يرى أن كشفاً كهذا، سوف يقلل من شأنه، وإنما معناه أنه يشعر في أعماقه بأن الكشف يمكن أن يكشف عن أنه غير مؤهل لأن يكون عضواً في برلمان جاء في بلد مر بثورتين!
لا أعرف ماهى الدواعي التي جعلت الحكومة تقرر اجراء الكشف على المرشحين، هذه المرة، ولا أعرف لماذا لم يكن الكشف ذاته موجوداً في كل انتخابات سابقة، ولكن ما أعرفه أن عدم وجوده من قبل، ليس معناه بطلانه هذه المرة، خصوصاً وأن دولاً عديدة في العالم تأخذ به، وتطبقه على كل مرشحيها، دون حرج.
ولو كان الأمر في يدي، لأخضعت كل المرشحين لاختبار يقيس ليس فقط مستوى صحته البدنية، ولكن يقيس مدى ما لدى كل واحد من قدرة على النظر الى الأمور العامة بعقل، وبمنطق، وبحكمة، واتزان.. ولماذا لا؟!.. ونحن نتكلم عن مرشحين المفترض فيهم أنهم سوف يصيرون نواباً، وسوف يكون عليهم أن يراقبوا أعمال الحكومة، على نحو ما يتعين أن تكون الرقابة، ثم سوف يكون عليهم أن يشرعوا القوانين العصرية للناس.
مهمة كهذه، ألا تتطلب منا أن ندقق فيمن سوف يكون تحت القبة، وأن نفرز الأسماء فرزاً جيداً، لاستبعاد كل الذين يريدون أن يذهبوا هناك، بحثاً عن حصانة أو سعياً وراء وجاهة زائفة أو طلباً لمكانة كاذبة؟!
هل تتحمل ظروف بلدنا، أن يتسلل الى البرلمان أي مرشح يعرض نفسه على الناخبين، وفي ذهنه مثل الاهداف التي كانت هى القاعدة في برلمانات كثيرة سابقة، بدلاً من أن تكون المصلحة العامة المجردة هى القاعدة، ولا قاعدة غيرها؟!
لقد فوجئنا في برلمان سابق، بمن يقطع الجلسة ويقوم مؤذناً بين النواب، وقد كان تصرفه من النوادر في حينه ولا يزال، وكان هذا السلوك تحديداً يدل على أن صاحبه قد دخل البرلمان عن طريق الخطأ، وأن كشفاً جاداً من نوع ما أتمنى لو يخضع له المرشحون، كان كفيلاً بإبعاده عن أن يكون بين النواب الذين يمثلون هذه الأمة!