عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بيان «شرف» المفخخ!

لو أن الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، أعاد قراءة بيان أمس الأول، قبل أن يتلوه على الناس، لكان قد تردد طويلاً فى تلاوته بالصيغة التى جاء عليها، ولكان قد حذف نصفه على الأقل، ولكان أيضاً قد عاقب الذى تولى صياغته بهذه الصورة المفجعة!

فالمفروض فى بيان مفاجئ من هذا النوع، أنه يأتي ليعالج مشاكل قائمة، ويضع لها حلولاً عملية، لا ليعطيها مسكنات تؤدى الى مضاعفات كارثية فى المستقبل القريب.

وإلا.. فما معنى أن يخرج رئيس الحكومة، بجلالة قدره، ليقول بأفصح بيان، إنه أعطى تعليمات مباشرة للسيد وزير الداخلية، لإنهاء خدمة الضباط «المتهمين» فى قضايا قتل المتظاهرين؟!.. إننى تعمدت أن أضع كلمة «المتهمين» بين قوسين، لألفت نظر رئيس الحكومة، والسيد وزير الداخلية، ومعهما كل عاقل فى هذا البلد، إذا كان قد بقى فيه عقلاء، إلى أن القاعدة الذهبية الراسخة في جميع مواثيق حقوق الإنسان المحلية، والدولية، هي أن «المتهم» برئ إلى أن تثبت إدانته، وليس العكس أبداً!

ولابد أن الذين سوف يقطعون ببراءة هؤلاء الضباط، أو إدانتهم، إنما  هم القضاة.. والقضاة وحدهم.. وليس رئيس الوزراء، ولا الوزير، ولا أنا، ولا أنت.. القضاة وحدهم يا د. عصام، هم الذين عليهم أن يقولوا لنا، ما إذا كان هذا الضابط المتهم بقتل المتظاهرين، مداناً، أو بريئاً.. ووقتها.. ووقتها فقط، سوف يكون لرئيس الحكومة والوزير، إنهاء خدمة المدان، والإبقاء على البرىء فى عمله.. هذا هو المنطق البسيط الذى يقول به أى عقل سليم، والذى يتقبله أي فكر معتدل، ولا يمكن.. لا يمكن.. أن يخرج رئيس الحكومة على 85 مليون مصرى، ليهدم تلك القاعدة، من أساسها، ويحطمها تماماً، ويتولى هو ـ لا القضاء ـ إدانة الضباط، قبل محاكمتهم، ثم بالتالى إنهاء خدمتهم، وكأن الرجل قد ارتكب جريمة مركبة، دون أن يقصد!

لا أعرف أحداً من هؤلاء الضباط، وليس لي بينهم صديق، ولا قريب، ولكنى أتكلم عن مبادئ قانونية يقينية ما كان يليق أبداً أن

تغيب عن رئيس الحكومة، على هذا النحو، وما كان له أن يتكلم باللغة التى تكلم بها، عن قضية حساسة من هذا النوع، وهى قضية شغلت المجتمع كله، ولا تزال، وسوف تظل.

وإذا كان الدكتور عصام قد فعل هذا، على سبيل إرضاء الثائرين والمعتصمين فى التحرير، فقد غاب عنه غياباً كاملاً، أن أحداً من هؤلاء الثائرين والمعتصمين، لا يرضيه مطلقاً، أن يتعرض ضابط برىء لظلم، وإنما كل ما يطلبه الثائرون، ونطلبه جميعاً، أن يخضع الضباط لمحاكمة عادلة، وجادة، تدين المتورط فيهم، وتبرئ الذى لم تلوث يداه بالدم.. لا أحد يطلب أكثر من هذا، ولا أحد يرضيه أن يتم إنهاء خدمة ضابط برىء، ولا أحد يعرف حجم قضايا التعويضات، التى سوف يرفعها الضباط الأبرياء، على الوزارة، فيما بعد، عندما تبرئهم المحكمة؟1 بل إن البرئ منهم، سوف يكون من حقه وقتها، أن يعود إلى عمله بقوة القانون،فماذا، عندئذ، سوف تفعل الوزارة، ومن جيب مَنْ، سوف يتم دفع التعويضات؟!

يعرف عصام شرف ـ قطعاً ـ أن إفلات مائة مجرم من العقاب، خير من إدانة برئ، ولذلك، فإن بيانه كان مفخخاً بامتياز، ولم تكن ـ للأسف ـ هذه هى القنبلة الوحيدة فيه! .. فالشخص الذى كتب البيان، قد ألقى فى وجه رئيس الحكومة، بعدد هائل من القنابل.