رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا يسكت عصام شرف؟!

عند كتابة هذه السطور، كان مجلس الوزراء منعقداً، لمناقشة عدد من مشروعات القوانين، التي سوف يصدر بها مرسوم من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وهي خمسة مشروعات علي وجه التحديد، من بينها مشروع إنشاء هيئة لسلامة الغذاء.

ولابد أن الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، يستحق التحية ابتداء، لأنه وسط انشغاله الكامل بقضايا تهيمن علي اهتمام الرأي العام. من نوعية الدستور أولاً، أم الانتخابات أولاً، يجد وقتاً ليناقش فيه مشروعاً لقانون يتصل بغذاء المواطن ومدي سلامته!.

ولكننا، علي الجانب الآخر، سوف نكتشف أن رئيس الحكومة، لابد أن يلام بشدة. لأنه سكت طوال أسابيع مضت، علي مسألة أخري هي في صميم حياة المواطن العادي، وتتعلق بكل ما يمكن أن يتعامل فيه هذا المواطن علي مدار ساعات اليوم!.

المسألة لها علاقة مباشرة بجهاز اسمه «جهاز حماية المستهلك» وهو جهاز حديث النشأة علي كل حال، رغم أن عمره في بلد كفرنسا علي سبيل المثال، مائة عام وأكثر، ولكنه عندنا كان قد نشأ في عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف، وكان الغرض من إنشائه، ولا يزال، ألا يكون المستهلك أرضاً مستباحة لأي مستغل يسرق المستهلكين «عيني عينك» علي مرأي ومسمع من أجهزة الدولة جميعاً!.

هيئة سلامة الغذاء، تعمل في نطاق الأطعمة فقط، وتحاول حين يكتب لها الله أن تري النور، أن يكون الطعام المتاح لأي مصري، آدمياً في حدوده الدنيا.. ولكن جهاز حماية المستهلك، وكما هو واضح من اسمه، يعمل ويتحرك في نطاق أوسع، ويهتم بكل ما يمكن أن تستهلكه أنت كمواطن، سواء كان ما سوف تستهلكه طعاماً، أو غيره، ويحاول جهاز من هذا النوع، أن يكون سنداً لك، في مواجهة المستغلين، والمتربحين، ومعدومي الضمير.

وبطبيعة الحال، فإن جهازاً كهذا، له في البلاد التي ترعي حقوق مستهلكيها، استقلالية كاملة، ولا سلطان لوزارة أو حكومة عليه، وليس له هدف في كل ساعة، إلا أن يحمي مصلحتك، كمستهلك، وإلا أن يسترد حقك، بحسم وحزم، إذا ما تعرض هذا الحق لاعتداء من أي جهة.

وعندما نشأ الجهاز، قبل ثورة 25 يناير، كان تابعاً لوزارة التجارة والصناعة، وكانت تبعيته للوزارة كفيلة بأن تجعل يديه مقيدتين، ومغلولتين، عن

مساعدة اي مستهلك، أو الوقوف بجواره، وكنا، قبل الثورة، نجاهد حتي يكون مستقلاً تماماً، وحتي يشعر المستهلك عندئذ، بأن الجهاز مستعد ليسعفه، في أي لحظة يقع فيها، كمستهلك، فريسة لواحد من الذين لا يهمهم إلا الاستيلاء علي ما في جيوب المواطنين، وتنظيفها أولاً بأول!.

بعد الثورة، فوجئنا بنقل تبعية الجهاز لوزارة التضامن، وكان هذا في حد ذاته، خطوة بلا أي مبرر، وكان معناه أن وزارة التضامن التي تتعامل في الغالب مع سلع يستهلكها كل مواطن، سوف تصبح خصما وحكماً في الوقت ذاته.. وإلا.. فما هو موقف الجهاز إذا اكتشف - مثلاً - ان مواطناً قد تعرض لاعتداء من جانب الوزارة، في سلعة يستهلكها؟!.. هل سوف يساند الجهاز، هذا المواطن، وإذا سانده، فهل يفعل ذلك في مواجهة الوزارة التي يتبعها كجهاز؟!..وما هو الحل عندئذ؟!.

وكأن هذا كله لم يكن كافياً، ففوجئنا ذات صباح، وكان ذلك قبل أيام، بخناقة بين الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التضامن، وبين الأستاذ سعيد الألفي، رئيس الجهاز، الذي استقال علي الفور، ولم يعرف المواطنون، الذين هم أصحاب المصلحة الأولي في الموضوع، إلي الآن، أسباب الاستقالة، ولا عواقبها عليهم، ولا عرفوا متي سوف يكون للجهاز رئيس آخر يحميهم!.

كل هذا، والدكتور عصام شرف، ساكت، ليتبين لنا، أن حال المستهلك في البلد، كان قبل الثورة، والحال كذلك، أحسن - للأسف - مما أصبح عليه بعدها، ولو من الناحية النظرية علي الأقل!.