عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرهان الصعب في‮ ‬الكويت‮!‬

تابعت خلال الأسبوع الماضي،‮ ‬عن قرب،‮ ‬استعدادات الكويت لانتخابات مجلس الأمة،‮ ‬التي‮ ‬تجري‮ ‬يوم‮ ‬2 فبراير المقبل،‮ ‬وكنت في‮ ‬كل خطوة اخطوها هناك،‮ ‬علي‮ ‬مدي‮ ‬عدة أيام،‮ ‬ابحث عن وعي‮ ‬الناخب،‮ ‬بحدود واجبه الذي‮ ‬عليه أن‮ ‬يؤديه في‮ ‬هذا اليوم،‮ ‬ثم عن إحساس المرشح عندما‮ ‬يصبح نائباً،‮ ‬بحدود مسئوليته في‮ ‬البرلمان تجاه بلده‮.‬

وقد كان لافتاً‮ ‬للنظر،‮ ‬أن الشعار الذي‮ ‬تبناه تليفزيون الكويت،‮ ‬طوال أيام الحملة الانتخابية،‮ ‬كان علي‮ ‬النحو الآتي‮: ‬صوتنا للكويت‮.. ‬الأمة‮ ‬2012.
وهو،‮ ‬كما تري،‮ ‬شعار من شقين‮: ‬أولهما أن التليفزيون‮ ‬يدعو الناخبين إلي‮ ‬أن تكون أصواتهم للكويت،‮ ‬كبلد أولاً،‮ ‬وأخيراً،‮ ‬وقبل كل شيء‮.. ‬وبمعني‮ ‬آخر،‮ ‬فإن هذا الشق الأول من الشعار،‮ ‬إذا كان‮ ‬يبدو في‮ ‬الظاهر بسيطاً،‮ ‬فإنه في‮ ‬الحقيقة ليس كذلك،‮ ‬لأن الناخب الذي‮ ‬عليه أن‮ ‬يعطي‮ ‬صوته،‮ ‬وفق مقتضيات هذا الشق من‮  ‬الشعار،‮ ‬سوف‮ ‬يكون عليه أن‮ ‬يبذل جهداً‮ ‬خارقاً،‮ ‬وسط صخب انتخابي‮ ‬يغطي‮ ‬علي‮ ‬كل ما عداه هناك،‮ ‬حتي‮ ‬يتبين له،‮ ‬كناخب،‮ ‬اسم المرشح الذي‮ ‬إذا اعطاه صوته،‮ ‬يكون بالفعل قد اعطاه لبلده،‮ ‬وليس لشخص،‮ ‬أيا كان هذا الشخص‮!‬
وإذا كان هذا الشق الأول‮ ‬يتعلق،‮ ‬بالناخب،‮ ‬ويخاطبه،‮ ‬فإن الشق الثاني‮ ‬يتصل اتصالاً‮ ‬مباشراً‮ ‬بالنائب،‮ ‬ويخاطبه أيضاً،‮ ‬وسوف نسمي‮ ‬المرشح،‮ ‬هنا،‮ ‬نائباً،‮ ‬علي‮ ‬سبيل التجاوز،‮ ‬لأننا سوف نفترض فيه إنه نجح،‮ ‬وإن عليه،‮ ‬تبعاً‮ ‬لذلك،‮ ‬أن‮ ‬يؤدي‮ ‬دوره في‮ ‬داخل البرلمان،‮ ‬بطريقة مختلفة،‮ ‬بما‮ ‬يجعله كبرلمان،‮ ‬عندئذ،‮ ‬اسما علي‮ ‬مسمي،‮ ‬فيكون‮ ‬«الأمة‮ ‬2012» فعلاً‮.. ‬لا‮ ‬«الأمة‮ ‬2011».. مثلاً‮!‬
ولابد أن الذي‮ ‬صاغ‮ ‬الشعار بهذه الطريقة،‮ ‬يفترض أن الناخب في‮ ‬عام‮ ‬2012? ليس هو الناخب في‮ ‬أي‮ ‬سنة سابقة،‮ ‬ثم‮ ‬يفترض الشيء نفسه في‮ ‬النائب،‮ ‬الذي‮ ‬سوف نتخيل من جانبنا نحن،‮ ‬أنه الآن،‮ ‬ليس مجرد مرشح،‮ ‬وإنما هو نجح ودخل إلي‮ ‬البرلمان بالفعل‮.‬
إذن‮.. ‬فالسؤال هو‮: ‬إذا كنا سوف نضمن أن ناخب‮ ‬2012 في‮ ‬الكويت،‮ ‬هذا العام،‮ ‬يختلف تماماً،‮ ‬عن الناخب في‮ ‬سنوات سابقة،‮ ‬فإن علينا،‮ ‬في‮ ‬المقابل،‮ ‬أن نضمن أن تكون نوعية النائب،‮ ‬مختلفة هي‮ ‬الأخري،‮ ‬عما كانت عليه من قبل،‮ ‬علي‮ ‬مدي‮ ‬14 برلماناً‮ ‬جري‮ ‬انتخابها منذ اعلان استقلال الدولة الكويتية في‮ ‬مطلع الستينيات‮.‬
وهذا،‮ ‬بدوره،‮ ‬هو الرهان الصعب،‮ ‬لان كل نائب في‮ ‬برلمان‮ ‬2012? عليه أن‮ ‬يدرك عدة حقائق قد تبدو بديهية،‮ ‬ومع ذلك،‮ ‬فإنها تغيب عن كثيرين،‮ ‬ليس فقط علي‮ ‬مستوي‮ ‬نواب برلمان الكويت،‮ ‬وإنما ايضا علي‮ ‬مستوي‮ ‬برلمان الثورة في‮ ‬القاهرة علي‮ ‬سبيل المثال‮.‬
من بين هذه الحقائق،‮ ‬أن دخول البرلمان بالنسبة للمرشح،‮ ‬يبقي‮ ‬وسيلة،‮ ‬وليس‮ ‬غاية في‮ ‬حد ذاته‮.. ‬وبمعني‮ ‬آخر،‮ ‬فإن المرشح الذي‮ ‬يسابق جميع منافسيه من اجل الفوز بمقعد داخل مجلس‮ ‬«الأمة‮ ‬2012» .. هذا المرشح المفترض فيه أن‮ ‬يعرف جيداً،‮ ‬أن وصوله إلي‮ ‬داخل مجلس الأمة له هدفان اثنان لا ثالث لهما‮: ‬أولهما مراقبة أعمال الحكومة في‮ ‬كل ما‮ ‬يخص علاقتها بالمواطنين،‮ ‬وثانيهما تشريع القوانين التي‮ ‬تيسر حياة الناس في‮ ‬هذا الزمن الصعب‮.‬
قد‮ ‬يرد واحد هنا ويقول‮: ‬وما الجديد في‮ ‬هذا؟‮ .. ‬إن برلمانات الدنيا كلها لا تنشأ في‮ ‬الأساس إلا لتؤدي‮ ‬هاتين الوظيفتين؟‮!‬
وسوف أقول إن هذا صحيح،‮ ‬ولكن مراجعة أداء مجلس الأمة الكويتي،‮ ‬علي‮ ‬طول سنوات مضت،‮ ‬تكشف لنا عن أن هذا المعني‮ ‬كان‮ ‬يغيب كثيراً،‮ ‬عن عدد لا بأس به من أعضائه،‮ ‬وكانت الكويت تجد نفسها كل شهور لا تتجاوز في‮ ‬عددها أصابع اليدين،‮ ‬وربما أقل،‮ ‬علي‮ ‬موعد مع برلمان جديد،‮ ‬أو حكومة

جديدة،‮ ‬لا لشيء،‮ ‬إلا لأن الذين كانوا‮ ‬يستجوبون رئيس الحكومة،‮ ‬أو احداً‮ ‬من اعضائها،‮ ‬كانوا في‮ ‬الغالب‮ ‬يتعاملون مع الاستجواب،‮ ‬وكأنه‮ ‬غاية في‮ ‬حد ذاته،‮ ‬مع إنه مجرد أداة من ادوات ممارسة الرقابة من جانب البرلمان علي‮ ‬الحكومة،‮ ‬فالاستجواب،‮ ‬ومعه‮ ‬«السؤال»? ثم‮ ‬«طلب الاحاطة» ثلاث أدوات‮ ‬يمارس بها البرلمان المصري‮ - ‬مثلاً‮ - ‬رقابته علي‮ ‬أعمال الحكومة‮.. ‬أو هكذا كنا نفترض في‮ ‬كل برلمان سابق علي‮ ‬برلمان الثورة الذي‮ ‬تشكل مؤخراً،‮ ‬ولم نجرب طريقة أدائه لمراقبته علي‮ ‬الحكومة بعد‮!‬
كان أي‮ ‬متابع للحياة السياسية الكويتية،‮ ‬خلال السنوات الخمس الأخيرة،‮ ‬علي‮ ‬الأقل،‮ ‬يكتشف أن الاستجواب قد انقلب من أداة رقابة فعالة علي‮ ‬الحكومة،‮ ‬إلي‮ ‬وسيلة من وسائل تعطيل الحكومة عن اداء دورها،‮ ‬وتعطيل البرلمان نفسه،‮ ‬عن أداء دوره هو الآخر،‮ ‬كسلطة تشريعية في‮ ‬البلاد‮.. ‬وبطبيعة الحال،‮ ‬فإن استجوابات كثيرة،‮ ‬كانت تراعي‮ ‬اصول العمل البرلماني،‮ ‬في‮ ‬التعامل مع الحكومة،‮ ‬ولكن كانت هناك استجوابات أكثر،‮ ‬لا تراعي‮ ‬أي‮ ‬أصل من هذه الأصول،‮ ‬وكان الهم الأكبر لها،‮ ‬هو دفع الأمير إلي‮ ‬واحد من طريقين‮: ‬إقالة الحكومة،‮ ‬أو حل البرلمان،‮ ‬وقد تكرر هذا كثيراً‮ ‬إلي‮ ‬الدرجة التي‮ ‬ضج منها الناس،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أمير البلاد نفسه،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يعبر عن ضيقه،‮ ‬وربما‮ ‬يأسه،‮ ‬في‮ ‬مناسبات كثيرة،‮ ‬من هذا النوع،‮ ‬ولم‮ ‬يكن‮ ‬يجد مفراً‮ ‬من حل البرلمان في‮ ‬كل مرة،‮ ‬أو إقالة الحكومة،‮ ‬ليبدأ الطرفان صفحة جديدة،‮ ‬فإذا بهما بعد شهور قليلة،‮ ‬أمام المأزق ذاته‮!‬
كانت الكويت،‮ ‬ولا تزال،‮ ‬تملك تجربة برلمانية حيوية،‮ ‬وكانت حيوية هذه التجربة موضع إعجاب لدي‮ ‬كثيرين من المواطنين،‮ ‬في‮ ‬أكثر من عاصمة عربية‮.. ‬ورغم هذا،‮ ‬فإن التفريط الذي‮ ‬كان‮ ‬يميز برلمانات عربية كثيرة،‮ ‬في‮ ‬استخدام الاستجوابات،‮ ‬كان‮ ‬يقابله،‮ ‬في‮ ‬الناحية الاخري،‮ ‬إفراط في‮ ‬استخدام الاستجواب في‮ ‬برلمان الكويت،‮ ‬وكان التفريط خارجها،‮ ‬كالإفراط داخلها،‮ ‬يفسد البرلمانات في‮ ‬الحالتين،‮ ‬ويكاد‮ ‬يفرغها من مضمونها الذي‮ ‬نعرفه،‮ ‬ونراه في‮ ‬برلمانات العالم المتطور‮.‬
الرهان في‮ ‬برلمان‮ ‬«الأمة‮ ‬2012» الكويتي،‮ ‬يظل علي‮ ‬النائب،‮ ‬لا الناخب طبعاً،‮ ‬وسوف‮ ‬يكون أداء النائب فيه،‮ ‬خلال اسبوعين أو ثلاثة من الآن،‮ ‬هو الدليل علي‮ ‬أن برلمان‮ ‬2012 يختلف عما سبقه،‮ ‬أو‮ ‬يحدث العكس،‮ ‬فيكون البرلمان الجديد مجرد حلقة في‮ ‬سلسلة ممتدة من حلقات،‮ ‬ويعيد‮ - ‬بالتالي‮ - ‬انتاج برلمانات سابقة عليه‮!‬