عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بعد إذن «العسكري»!

ربما كان السبب الأساسي، وراء الأزمة الكبري التي تعصف بالبلاد هذه الأيام، أن المجلس العسكري منذ أن تولي إدارة البلد، في 11 فبراير الماضي، إلي الآن، كان ولا يزال يتعامل مع الحكومة، كما كان الرئيس السابق يتعامل معها بالضبط، باعتبارها «سكرتارية» له.. لا أكثر، ولا أقل!

لقد ظل الناس طوال 30 سنة حكمها مبارك، يطلبون من الحكومة، أن تكون حكومة، بالمعني المفهوم لها، وكان واقع الحال وقتها، يقول، إن كل شيء بلا استثناء، كان في يد الرئيس، وإنه كان يأتي بحكومة، ويذهب بأخري، لسببين لا ثالث لهما: أولهما أن يمتص غضب المواطنين الباحثين عن التغيير، وثانيهما أن يكون له سكرتارية بدرجة وزراء، وقد يكون هناك سبب ثالث، هو أن تتلقي عنه الحكومات، واحدة وراء أخري، الصدمات، وتتحمل، نيابة عنه، هجوم الرأي العام، وغضبه، وسخطه.. وكنا نتصور أن وصف الحكومة يأنها سكرتارية للرئيس، مسألة فيها نوع من المبالغة، إلي أن جاء وقت اعترف فيه الدكتور يوسف والي، في تصريح شهير له، بأنهم، كوزراء، ليسوا سوي سكرتارية لرئيس الدولة، وان كل من يتصور شيئًا بخلاف ذلك، من المصريين، أو حتي من الوزراء أنفسهم، إنما هو واهم كبير!
وقد عشنا مع هذا الوضع، ثلاثين عامًا، حتي تعايشنا معه، إلي أن قامت ثورة في 25 يناير، فتصورنا، لسذاجتنا، أن الأمر قد تغير، وأن الحال قد تبدل، وأننا قد أصبح عندنا حكومة حقا، ووزراء بجد، فإذا بالصورة هي الصورة، وإذا بالواقع هو الواقع، وربما أسوأ، وإذا بالدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء المكلف بتسيير الأعمال، لا يستطيع، منذ جاء في 3 مارس الماضي، إلي أن تم عزله مساء الثلاثاء، أن يحرك ورقة من مكانها، ولا أن يفتح درج مكتبه، قبل أن يرفع إصبعه، كما كان التلاميذ يفعلون في المدارس،ليستأذن «العسكري»!.. وكذلك الحال مع وزرائه بطبيعة الحال!
وكان منظر رئيس الحكومة، وهو يقطع الطريق كل يوم، بين مقر الحكومة، وبين مقر «العسكري» مع وزرائه، من أجل الاستئذان، منظرًا مثيرًا للشفقة، وداعيًا إلي التعاسة، ومعها الخجل من أن يكون هذا هو رئيس وزراء

مصر، الذي لا يكاد يستقر علي كرسيه، في مكتبه، في كل يوم، حتي يصحب عددًا من الوزراء، ويسارع إلي المجلس العسكري ليأخذ الإذن.. ثم يعود!
شيء من هذا النوع، أدي إلي تفاقم الأوضاع وتدهورها، إلي أن وصلت إلي ما هي عليه، في هذه اللحظة.. ليس هذا فقط، وإنما أكد أن ما كان قبل الثورة.. هو هو.. القائم بعدها.. وأن سكرتارية الرئيس، قبلها، أصبحوا هم أنفسهم، سكرتارية المجلس العسكري فيما بعد قيامها، وبالتالي، فالذين يتخيلون أن حكومة قامت في البلد، طوال أشهر مضت، واهمون، ويجب أن ينزعوا الفكرة من أذهانهم تمامًا!
وإذا كان «العسكري» يريد استقرارًا حقيقيًا للأوضاع في البلد، فليس أمامه - اليوم - إلا أن يكلف شخصًا قويًا، لا تابعًا ولا خانعًا، برئاسة الحكومة، ثم يترك له الحرية كاملة، في إدارة البلاد، بصلاحيات غير منقوصة، وقبل ذلك وبعد 25 يترك له حرية اختيار وزرائه، ليكون الأساس في اختيارهم، هو الكفاءة المطلقة، لا المكافأة، كما حصل مع أغلب وزراء شرف، وكما يقول الدكتور مأمون فندي في مقالاته دائمًا.
إذا كان رئيس الحكومة الجديد، سوف يعمل بطريقة شرف، فاستبقاؤه في مكانه أفضل، ولا داعي لأي تغيير، لأنه، مع بعض وزرائه المعروفين بالاسم أفضل من يقومون بدور «السكرتير» للمجلس العسكري.. ولكن المشكلة أن حال البلد، لم يعد يحتمل وجود رئيس وزراء، ولا وزراء، من هذه النوعية الرديئة!