رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سفه هنا.. وحكمة هناك!

ليس سراً، أن رئيس وزراء فرنسا، قد اتخذ قراراً، الأسبوع الماضي، بتجميد رواتب رئيس الدولة والوزراء، لا لشيء، إلا لأن الحكومة الفرنسية تري أبعاد ما يجري حولها، وتدرك مبكراً، أنها إذا لم تتخذ إجراءات تقشفية حقيقية، فسوف يكون عليها أن تواجه خطر الإفلاس كاملاً، خلال سنوات معدودة علي اصابع اليد الواحدة من الآن..

ولم يكن قرار تجميد رواتب الرئيس والوزراء، هو القرار الوحيد، الذي اتخذوه هناك، بل هو أخف قرار جري اتخاذه، ولكنه، من حيث معناه، يظل ساحر الأثر والأهمية، لأنه يشير للمواطن الفرنسي العادي بوضوح، إلي أن حكومته التي تطالبه بالتقشف، وتفرض عليه إجراءات وقرارات في هذا الاتجاه، إنما تبدأ بنفسها، بل وتبدأ بالرئيس ذاته!

ولابد أن المتابعين لأحوال أوروبا، يعرفون تماماً، أن هناك أزمة مالية واقتصادية عاصفة، تضرب أوروبا بوجه عام، ومنطقة اليورو التي تضم 16 دولة بشكل خاص، وهي أزمة أرغمت رئيس وزراء اليونان، علي التنحي، وارغمت اليونان، علي المجيء برئيس وزراء جديد، يليق بالأزمة، وتليق به، ولم تتوقف تداعيات الأزمة العاصفة عند حدود اليونان، التي كادت أن تفلس هذا العام، لولا قرارات قاسية اتخذتها حكومتها، وانما وصلت الأصداء، إلي ايطاليا ذاتها، التي تظل مرشحة، لمواجهة معضلة اقتصادية ومالية عنيفة، ولذلك، سارعت فرنسا، وقررت من تلقاء نفسها، تطبيق سياسة تقشفية جادة علي مستويات كثيرة، من أجل توفير 100 مليار يورو، علي مدي خمس سنوات، من الآن.

هذه هي أوروبا، علي الشاطئ الشمالي من البحر المتوسط، وهذا بعض ما تفعله حكومات فيها من أجل مواطنيها، فماذا فعلنا نحن، علي الشاطئ الجنوبي من البحر؟!.. ماذا فعلنا، إذا كانت الازمة التي تواجهنا، علي نفس المستوي الاقتصادي والمالي، لا وجه للمقارنة بينها، وبين ازمتهم هناك، فالأزمة لديهم، إذا قورنت بما نواجهه، هي مجرد «لعب عيال»!. ومع ذلك، فإن أحداً بيننا لم يسمع حتي هذه اللحظة، عن إجراءات

تقشف، إتخذتها الحكومة، لتنجو بالبلد، من مأساة اقتصادية يبدو أننا نتدحرج إليها، يوماً بعد يوم، إذا ظل الحال علي ما هو عليه.. وإلا فهل يمكن لرئيس الحكومة، أن يقول، إن هناك وجوهاً للإنفاق الحكومي السفيه، كانت موجودة قبل الثورة، ثم اختفت بقرار منه، أو حتي جري تخفيفها، بعد الثورة؟!

هل امتلك رئيس الحكومة، الرؤية، والجرأة، والشجاعة، علي إتخاذ إجراءات من هذا النوع، في الوقت الذي يري أمام عينيه، مؤشرات اقتصادية مخيفة، تدفع بنا نحو مجهول؟!

أخشي أن اقول، إن العكس تماماً، هو الذي حدث، ولا يزال يحدث،.. وليس أدل علي ذلك، إلا أن مرتب الوزير - مثلاً - قد تضاعف عدة مرات بعد الثورة.. فالوزراء الذين كنا نعرف أن كل واحد فيهم يتقاضي عشرة آلاف جنيه، قبل الثورة، أصبح كل واحد منهم، يتقاضي الآن 30 ألف جنيه، عداً ونقداً، باعتراف الدكتور حازم الببلاوي، نائب رئيس الوزراء، ووزير المالية، في خطاب رسمي نشرناه علي هذه الصفحة، قبل شهر تقريباً.. ليس هذا فقط، وإنما المعلومات المتاحة تشير إلي أن رئيس أحد البنوك، قد ضرب مرتبه، ومرتب قيادات البنك، في اثنين!

هكذا تتصرف حكومة تجاه مستقبل بلدها هناك.. وهكذا تعبث حكومة هنا، بمصير ومستقبل 80 مليون بني آدم!