عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

موقعة الشوم

موقعة الشوم التى جرت  بوسط مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة , وما تلاها من تداعيات ووقائع .. تستحق الوقوف أمامها قليلاً , وتفكيكها , لقراءة معانيها ومؤشراتها , ونتائجها .. فهى ليست كما يبدو من  ظاهرها ,

مجرد غارة هجومية من تلك الغارات التى تشنها جماعة الإخوان المسلمين, غدراً وغيلةً ,  على النشطاء  والمتظاهرين , السلميين والعُزَّل من أى أسلحة , اللهمَّ  سلاح (الإعتراض) بالشعارات  والهتافات الرافضة لحكم (الجماعة) , وقراراتها , بل و(جرائمها ) فى حق الوطن , التى لم يعد  حصرها بالأمر السهل , رغم أننا نتحدث عن عام واحد فقط , يكتمل فى 30 يونيو المقبل , إذ أن العام فى عمر الشعوب , هو مجرد ومضة , لاتتسع ولا تحتمل صناعة كل هذه الكوارث الأمنية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية التى حلت بالوطن وأهله المصريين, على يد الجماعة التى تكره مصر وطناً وشعباً .. لكنه الإعجاز الإخوانى , الذى دفع المصريين بالملايين إلى توقيع إستمارات حملة  (تمرد) ,  متوعدين ( إلإخوان) بإسقاط حكمهم (جماعة وحزبا ورئيساً) , بنهاية الشهر الحالى.
لمن لايعرف ولم يتابع (موقعة الشوم) بوسط مدينة دمنهور .. فقد جرت مساء يوم الخميس الماضى ( 6 يونيو ) , أمام مقر نقابة المحامين , وأمتد مسرح الإشتباكات إلى (ميدان الساعة ) الشهير على مقربة خطوات , وهو الميدان الذى   شهد قيام  صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول , يوم8  نوفمبر عام 1930 , بوضع حجر الأساس  لمبنى (مكتبة وسينما البلدية ) , وهو نفسه المبنى الذى صار منذ سنوات قليلة  داراً ل ( الأوبرا) .. هذا عن المسرح الذى جرت عليه الموقعة أو بالأصح الغارةالإخوانية  .
أما عن الاحداث وبحسب ما أفادنى بها  ( شهود عيان ) .. فقد كان مقرراً مساء الخميس , أن يعقد الكيان ( تحت التأسيس), المسمى  "إتحاد النقابات المهنية"  الإخوانى بالبحيرة ، مؤتمر  ( المساواة مبدأ دستورى) ,  بمقر نقابة المحامين التى يقودها إخوانى أيضا  , مما أستنفر مجموعة من المحامين المناهضين للإخوان, و تصادف أن كان مجموعة من  النشطاء يستعدون لوقفة إحتجاجية أمام النقابة إحياء لذكرى خالد سعيد , وعلى بعد خطوات منها , وقفة  أخرى أمام  دار الأوبرا إحتجاجاً على  وزير الثقافة .. قبل المؤتمر ظهر نحو 70 -80   إخوانى , بعدها جاءت  سيارة نقل صغيرة  تحمل  (الخوذ) والعصى الطويلة الجديدة ( الشوم) , ليتم  توزيعها  على  أل 70 -80   إخوانى , الذين إنهالوا ضرباً على الشباب  أمام النقابة , ثم الأوبرا, والمحامين المعترضين ,وأوسعوا الجميع , ضربا مبرحا  لنحو ساعة كاملة , بما أسفر عن إصابة  24 شابا بينهم فتيات ناشطات , إلى أن حضر الامن المركزى , لينسحب  المعتدين .. توالت ردود الأفعال يومى الجمعة والسبت (  7 , و8  يونيو) .
ونصل إلى قراءة المعانى والدلالات والنتائج :
1- أن السيناريو الذى جرت به الموقعة وتوحد شكل ولون الشوم والخوذ , وطريقة تسليمها لمن قاموا بالغارة , ثم تجميعها وإزالة الآثار,والإنسحاب .. إنما يؤشر على عملية منظمة وليست عشوائية , ولا وليدة للصدف , وهذه المهارة التنظيمية هى من سمات الجماعة الإخوانية .
2 – أن الهدف  من الغارة الوحشية أو موقعة الشوم ,هو إيصال وتسليم ( إنذار)  شديد اللهجة إلى الشعب المصرى بعمومه , من (الجماعة) تتوعده  بأنها ستتولى التاديب  لن تتسامح أو تتهاون مع من تسول له نفسه بالخروج يوم 30 من الشهر الجارى , لإسقاط مرسيهم الرئيس, وقد أختارت الجماعة دمنهور لتوصيل الرسالة والوعيد

إلى الشعب.. ولأن العنف لايولد إلا العنف .. فإن الرد على هذا الإنذار, جاء سريعاً , بعد ساعات قليلة , هجوماً على منزل الدكتور جمال  حشمت  أكبر الرموز الإخوانية , فضلا عن مسيرات لمدة يومين تنديداً بالإخوان وفضحاً لهم .. بما مفاده أن الشباب الدمنهورى أختار أن  يرد هو نيابة عن الشعب المصرى , على الجماعة,  ردا أشد فى لهجتة , وبنفس العنف الإخوانى , وإن بدون خوذ وشوم ,و بنفس المدينة البحراوية , تطبيقاً للمثل القائل :" السن بالسن والعين بالعين والبادى أظلم" , وتأكيداً على غباء الجماعة وعدم فهمها لطبيعة المصريين وما طرأ عليهم من تغيرات , فقد باتوا غير مستعدين لتقبل الظلم او الجبروت والفرعنة .    
3 -  أن  دمنهور التى شهدت الموقعة , وبحسب موقع "ويكيبيديا الإخوان" على الإنترنت .. فإن لها  خصوصية ومحبة لدي إمامهم وشيخهم حسن البنا مؤسس الإخوان , الذى  ولد وتربى  فيها ، ونهل من علم علمائها،وأتخذ منها صديقه  أحمد السكري , وتمثل  نقطة هامة في حياته , وبها نشأت   الجمعيات التي تطورت لاحقاً إلى  (الجماعة) .. فهل هذه الغارة هى رد لجميل دمنهور على إمامهم البنا  وجماعتة ؟
4 – فى السياق ذاتة .. فهذه هى دمنهور التى كانت من أكبر معاقل الجماعة , ولطالما إحتضنت  الدكتور جمال حشمت ودافعت عنه بجسارة , وخاض شعبها من أجله المعارك مع الأمن المركزى ,عندما كان يترشح  , فى التسعينات , وعام 2000 فى مواجهة الدكتور مصطفى الفقى , وفى كل مرة أصيب وأعتقل العشرات من أبنائها دفاعاً عنه , فلماذا وصل به الحال إلى ماهو عليه الآن..سيما وأنه  ومنذ شهور لايستطيع السير فى شوارع المدينة  , بعد أن صار مكروها من ناخبيه ؟ , بعد أن كانوا هم أنفسهم  يحملونه على الأعناق ؟..ولماذا لم يمنع الإخوانيين الذين أغاروا  بالشوم على الشباب والفتيات ؟ , .
لاجدال أن هذه الموقعة لابد وأن تكون مُدَبرة ومُرَتبة مركزياً من قيادة الجماعة, لكنها فى كل الأحوال رسالة خطأ , كاشفة عن حماقة زائدة ,  ومن ثم فقد  أنتجت مزيداً من السخط على الإخوان , وأكسبت حملة تمرد المزيد من المؤيدين .. وليت الجماعة ترحل فى هدوء .. فالرحيل بات قادماً لامحالة , ولم تعد مثل هذه الغارات مجدية ..نسأل الله السلامة لمصر.
( كاتب وصحفى)
[email protected]