رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متى كان الخروف ملكا ؟

للوهلة الأولى تصورت الأمر مجرد نكتة لطيفة ضحكت لها .. حين تحريت المسألة .. سرعان ما تبينت  بعد قليل أننا أمام  واحدة من وقائع  الكوميديا السوداء التى نعيشها كل يوم فى هذا الزمن الإخوانى الردئ . وأن الامر لم يكن  نكتة ولاخيالا .

أتحدث عن واقعة إحالة إيهاب السلماوى  موجه اللغة الإنجليزية بإدارة شرق الأسكندرية التعليمية يوم الأثنين  (7مايو) للتحقيق,ومثوله أمام الشئون القانونية بمديرية التعليم هناك, لمدة ثلاث ساعات كاملة فى سين وجيم , متهماً بأنه (بقصد)  إهانة الرئيس ,لأنه أورود مقولة :( فى مملكة الحيوان ..لا يستطيع الخروف أن يكون ملكاً) فى إمتحان اللغة الإنجليزية ل(تلاميذ)  الصف الاول الثانوى بمدارس الإدارة , طالباً منهم ترجمة هذه المأثورة .
المثير للدهشة أن الإحالة  للتحقيق تمت قبل إنتهاء الوقت الأصلى للإمتحان , بناء على شكوى من نقابة المعلمين الإخوانية , والتى من المفترض أن دورها الأصلى هو الوقوف مع (سلماوى) ,أو غيره فى مواجهة تعسف وجور الإدارة أو المديرية التعليمية , والدفاع عن المعلمين بكل قوة  فى مثل هذه المواقف , لكنهم (الإخوان ) يلقنون كل من تعاطف أو تضامن ووقف معهم أو تورط فى إنتخابهم , درساً يليغاً , يُذَكرنا بجزاء( سنمار) ,هذا المهندس الرومى الأصل  ,الذى تقول الروايات أنه بنى قصراً فخيماً عجيباً للملك النعمان بن إمرئ القيس ملك الحيرة  , وفيما سينمار ينتظر النعيم الذى سيحل عليه  حين يأخذ عطية النعمان وهداياه مقابل جهوده لسنوات , فإن النعمان امر رجاله بإلقاء سينمار من أعلى القصر ليكون هذا هو جزائه , تماماً كما يفعل الإخوان مع مؤيديهم وحلفائهم السابقين الذين ساهموا فى تسكينهم بقصور الحكم.
فى المساء كان الإعلامى معتز الدمرداش , ببرنامجه (مصر الجديدة) على قناة (الحياة 2 ) , قد إستضاف الدكتور إبراهيم غنيم وزير التعليم , تليفونياً طالباَ منه تفسيراً, وأعترف الوزير بالواقعة , بل ودافع عنها معللاً ذلك , بأنه لايجب تسيس أسئلة الإمتحان , متعهداً بألا يظلم المدرس , ورغم وقوع مشادة بين الوزير والدمرداش , قام على أثرها الوزير   بإنهاء المداخلة غاضبا  .. إلا أن الإنصاف يوجب علينا تحية الوزير غنيم على أنه وعقب المشادة مع الدمرداش بوقت قصير , قام بإغلاق ملف هذه المسخرة , وأنهى الموضوع بأن أتصل هاتفيا  ب ( سلماوى ) ,  وأبلغه بإلغاء (قرار) إحالته للتحقيق من الأساس , وهذا  المسلك من الوزير مع تقديرنا له , فإنه يعود بالنفع على الإخوان, بأكثر من سلماوى , ذلك أن القرار فتح مجالاً واسعا لمواقع التواصل الإجتماعى ووسائل الإعلام الإليكترونية والمسموعة والمرئية والمقروءة لتناول الواقعة والتعليق عليها وإنتقاد الإخوان والسخرية منهم , وإنزال  مدلول العبارة المأثورة عليهم ورئيسهم ,  على إعتبار أنهم قاموا بالتفتيش داخل نية (سلماوى) وقصده من إختيار هذه العبارة وإكتشافهم أنه  يقصد إهانة الرئيس ,فهم  الذين حمَّلوا العبارة معانى ومقاصد وفسروها على  أنهم  المقصودين بها , وكأن (على رأسهم بطحة ) , كما يشير المثل العامى, مع أن تعاليم الدين الإسلامى , الذى يتاجرون به ويشوهونه بممارساتهم المقيتة والمرذولة , ينهانا عن التفتيش فى النيات , أومحاسبة الناس على نياتهم , بل على أفعالهم الملموسة , كما أن  الدستور الإخوانى السلفى القائم , بغض النظر عما به من عيوب, وكذا القوانين الوضعية  الحالية لا تسمح بإحالة موجه اللغة الإنجليزية  إيهاب سلماوى , للتحقيق لمجرد أنه (يقصد) بالعبارة المأثورة  إهانة الرئيس , أو يقصد ب( الخروف ) الإشارة إلى إخوانى , أيا كان اسمه ,  طالما انه لم يذكر ذلك صراحة


  لا أستطيع أن اقطع إن كان سلماوى يقصد الإسقاط على الإخوان ورئيسهم أم لا ؟ .. فقد أنكر هو فى التحقيقات أن يكون  قاصداً  الذهاب إلى هذا المعنى , لكن حتى ولو كان يقصد , فلا مجال أصلا للتحقيق أو المحاسبة , إلا على الأفعال وليس النيات .. وألا فلننتظر لجاناً وميليشيات تتولى إستيقاف الناس والتفتيش فى نياتهم وعقولهم  وملامح وجوهم , ورميهم بأنهم يكرهون الإخوان , ولايؤمنون ب(نبوة) إمامهم  حسن البنا مثلا ,  ثم تقام لهم المشانق أو المحاكمات وحلقات الجلد بالسياط والتعذيب حتى الموت بإعتبارهم صابئين , وقد حدث شئ من هذا فى موقعة الإتحادية الإولى التى جرت يوم 5 ديسمبر الماضى , عندما قامت ميليشيات جماعةالإخوان المسلمين بإختطاف العديد من المتظاهرين وتعذيبهم على أسوار القصر الجمهورى وداخله , وإجبارهم على الإعتراف بأنهم ينفذون مؤامرة على الرئيس محمد مرسى .
المؤكد أن سلماوى لم يرتكب جُرماً حين أختار للترجمة  مقولة أن الخروف لا يستطيع أن يكون ملكاً.. فهذه الحكمة هى  من طبائع الإمور فى ممالك الحيوانات , وكلنا يعرف ذلك .. فمنذ متى كان أو يمكن أن يكون  الخروف ملكا ؟.. إذ الطبيعى أن يكون الأسد هو الملك بلا منازع , فهو رمز للقوة والمرونة والشجاعة والإقدام والذكاء والجمال , ويمتلك ( الهيبة ) , بينما (الخروف)  بطبعه وإن كان  مخلوقاً لطيفاً , إلا أنه سطحى وغبى , ومحدود الفهم , ولذلك نقول عن شخص  إنه خروف إذا كنا نقصد أن نوصمه بالغباء , بل وإذا أصيب المرء بما يشبه الزهايمر أو إنحدر ذكاؤه ونقص التركيز والتفكير عنده , نقول عنه أنه أصيب بالخرف , أى صار مثل الخرفان , يتميز بالسطحية والنسيان والبلادة  وربما الغباء.
أخشى أن بعضاً من الإخوانيين , مثل هؤلاء الذين قدموا الشكاية ضد سلماوى , ونفخوا فى الموضوع وضخموه , هم أكثر ضرراً على الإخوان من خصومهم , فقد   بدا أنهم  يفتقدون الذكاء ويتميزون  بالسطحية , والبلادة , وهم فى ذلك يشبهون الخرفان , من الناحية العقلية , إذ كان من الممكن ترك مقولة  "أن الخروف لا يستطيع ان يكون ملكاً فى مملكة الحيوان" , تمر دون أن يتوقف أحد عندها , لكنهم  بما فعلوه سلطوا عليها الضوء وأهانوا أنفسهم وإخوانهم  وتوجوا  سلماوى بطلا عن جدارة.. نسأل الله لهم الهداية    
( كاتب وصحفى)
[email protected]