عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بجاتو .. هل كان خلية إخوانية نائمة ؟

الإنتحار الأخلاقى ,  هو الوصف الملائم  لما فعله المستشار حاتم بجاتو رئيس هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا , والامين العام ل (اللجنة العليا للإتخابات الرئاسية) , بقبوله أن يكون مجرد ترزى قوانين على هوى ومقاس جماعة الإخوان المسلمين

, مندفعاً  من علياء منصة  محكمتنا العليا , سقوطاً إلى هوة سحيقة من  العمل السياسى وزيراً ل(خدمة)  مشروع (التمكين) للجماعة الإخوانية  التى لاتقبل بغير  السمع والطاعة العمياء والولاء التام ,  يتساوى فى ذلك  أن يكون (الخادم ) عضوا تنظيميا منتميا لها , أو محباً أو عميلاً أو متعاون أو ماشابه , فقد فتح الرجل باباً واسعاً للتأويلات والتفسيرات التى تحاول حل لغزقبوله منصب  الوزيرً للمجالس النيابية بحكومة الإخوان .. هل هو إنتحار أخلاقى , أم أنه  كان مجرد خلية إخوانية نائمة بالمحكمة؟ .. إذ بينما  كان الظاهر لعموم الناس هو (العداء المتبادل) ,بين الإخوان وبجاتو , إلى حد إنشاء  أغنية إخوانية تأليفا ًوتلحيناً وغناءً , مسيئة إليه .. نجد أنفسنا الآن أمام  مشهد يقطع بأن الأمر  لم يكن عداء بينهما , بل إننا  بصدد خدعة كبرى ترتبط ب (ملف تزوير الإنتخابات الرئاسية )  الذى لايزال مفتوحاً , ولم يغلق أو يحُسم حتى الآن , فيما عرف بقضية تزوير بطاقات التصويت بمعرفة المطابع الاميرية .

ليس هناك بالدستور أو القانون أى عائق أو حائل يمنع إختيار بجاتو وزيرا للشئون البرلمانية أو غيرها ,وبالتالى فليس صحيحا ما تداوله الكثيرين من نشطاء مواقع التواصل الإجتماعى فيس بوك وتويتر وغيرهما , من أن قانون إنتخاب رئيس الجمهورية يحظر على أعضاء اللجنة العليا للإنتخابات  الرئاسية  التعيين فى أى منصب سياسى لمدة خمس سنوات , وإنما الصحيح أن هذا الحظر كان مجرد إقتراح لم يرى النور ,  من مجلس الشعب الإخوانى السلفى المنحل فى  يونيو 2012  .

إذن فلم يخالف المستشار بجاتو الدستور ولا القانون .. لكنه بإنتحاره الأخلاقى ألقى بنفسه فى غابة تخيم عليها سماء كثيفة من الضباب والإتهامات والتساؤلات منها مايلى :

1 – أن قبول بجاتو لهذا المنصب فى هذا التوقيت هو بحد ذاته خيانة للمحكمة  الدستورية العليا التى أعطتة الكثير أدبياً ومهنياً بإنتمائه إليها ..إذ أنهيأتى فى أعقاب مؤامرات إخوانية  توالت على المحكمة بدءا بالتشكيك فى نزاهة أعضائها , وقيام  أحد المحامين المنتمين إليها  بتقديم بلاغ رسمى للنائب العام السابق, متهما رئيس المحكمة وأعضائها بالتزوير فى الأحكام وكلام مرسل , و(الهجوم الإخوانى) بكافة الوسائل البرلمانية والإعلامية والإليكترونية , و الذى لم ينقطع طعنا فى أعضاء المحكمة , والذى نال المستشارة تهانى الجبالى القسط الاكبر منه تجريحا شخصيا , وحصار  المحكمة فى ديسمبر الماضى ومنعها من ممارسة عملها , والسباب لمستشاريها والتلويح بقتلهم وتعبئتهم فى (شكاير) , وإنتهاءً بالدستور الإخوانى السلفى الذى حاول ذبح المحكمة و وخَصمّ من دورها الرقابى على دستورية القوانين , وإقصاء بعض  أعضائها , فضلا عن الكيد المستمر للمحكمة والطعن الدائم فى نزاهتها وعدالة أحكامها .

   2 -  أن تعيين بجاتو يأتى عقب فشل العدوان الإخوانى الأخير على مؤسسة القضاء , وعجزهم عن تمرير قانون السلطة القضائية الذى يريدون به التخلص من 3500 قاض , وأخونة القضاء .. فهل جاء بجاتو لمساعدة (الجماعة ) بجهوده وخبراتة فى أخونة القضاء؟ .

3 – أن  بجاتو  شغل موقع أمين عام اللجنة التى أدارت  الإنتخابات الرئاسية ,التى جرت فى يونيو الماضى وأسفرت عن فوز الدكتور محمد مرسى رئيساً للجمهورية , وقد صاحب هذه الإنتخابات ملابسات وغوامض كثيرة لم تنفك حتى الآن , منها قضية تزير ملايين  البطاقات التصويتة  المعروفة إعلامياً ب(قضية المطابع الأميرية) , والتى قلل

من أهميتها المستشار بجاتو حين ذاك , وتم إعلان النتيجة قبل أن ينتهى التحقيق الجنائى فى التزوير .

4– أن المستشار بجاتو مطلوب للإدلاء بشهادتة فى قضية هروب المساجين من سجن وادى النطرون , ومن هؤلاء المساجين الرئيس الدكتور محمد مرسى ذاتة بإعترافه على فضائية الجزيرة , ومن المفترض أن يمثل بجاتو أمام محكمة الإسماعيلية للإدلاء بمعلوماتة وشهادتة حول قبول أوراق مرسى الهارب من السجن مرشحا للرئاسة .. صحيح أن القانون لا يفرض على بجاتو آنذاك أن يكون بالضرورة عالما بهروب مرسى , وإذا علم فالقانون يوجب عليه أن يتعامل بالأوراق , لأن اللجنة الرئاسية هى لجنة إدارية وقضائية , والقاضى لايحكم بعلمه , لكن هذا كله لاينفى أن اللياقة والملائمة السياسية كانت توجب على بجاتو أن ينأى بنفسه عن هذا السقوط الاخلاقى المشين بقبوله الوزارة , بينما هو مطلوب للشهادة بشأن الرئيس سواء فى قضية الهروب , وربما لاحقا فى قضية المطابع الاميرية , أم أن الوزارة لبجاتو هى بمثابة عربون مودة للتأثير عليه فى شهادتة وتغيير مضمونها وتحويل إتجاهها إلى غير الوقائع الصحيحة والحقيقة ؟ , وأنا هنا أتحسس الكلمات والحروف , ولا أُزيد.

5  - من المعلوم أن إستقالة  الوزير السابق للشئون القانونية أو البرلمانية عمر سالم , فى مارس الماضى , كانت بسبب رفضه  لقانونى إنتخاب مجلس النواب , و تقسيم الدوائر , وإصرار الإخوان فى مجلس الشورى على مخالفة الدستور الذى صنعوه بأياديهم , بما مفاده أن الإخوان ليس لديهم القدرة على إحترام دستورهم , فما هو دور بجاتو هنا ؟.. هل سيقوم بدور  (المُحلل)  لزواج مجلس الشورى المُحَّرم من سلطة التشريع ؟ , وتبرير مالا يُبَرر تمريراً لتشريعات يتعجل الإخوان إقرارها من المجلس الذى لايجوز له سوى تشريع القوانين المنظمة لإنتخاب مجلس النواب ؟.

أن المستشار حاتم بجاتو لن ينجح  فيما أختير من أجله لأنه صار محروقاً سياسياً قبل أن يبدأ, وستلاحقه نيران ألغام كثيرة سوف تنفجر فى وجهه , عندما تظهر الأسرار الكثيرة الخافية بشأن قضية المطابع الأميرية , وتفاصيل الساعات التى سبقت إعلان مرسى رئيساً .

ويبقى السؤال قائما ومشروعا تجيب عليه الأيام القادمة .. هل كان بجاتو خلية إخوانية نائمة فى المحكمة الدستورية العليا, وحان آوان الكشف عنها واللعب على المكشوف بموقعه الوزارى الجديد .. أم أنه قبوله للدور والمنصب هو إنتحار أخلاقي وسياسي؟ .

(كاتب وصحفى )

[email protected]