رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسقاط النائب العام .. من تانى(!!!)

محيط مكتب النائب العام بدار القضاء العالى شهد مساء الثلاثاء( 30 أكتوبر) وقفة إحتجاجية دعت إليها "الجماعة الإسلامية" , شارك فيها  نحو 200 فرد , بقيادة كلٍ من الدكتور طارق الزمر وأبن عمه عبود الزمر القيادين بالجماعة , والمُدانين ب"التخطيط"  لإغتيال الرئيس الراحل أنور السادات ..

ردد المحتجين هتافات  ورفعوا لافتات تدور حول شعار " الشعب يريد إسقاط النائب العام", فضلا عن  التصريحات النارية للدكتور طارق الذى أعلن أمام الفضائيات التى تزاحمت عليه , بأن "القوى الإسلامية"  تريد  تعيين نائب عام جديد يحقق لها مطالب ثورة 25 يناير , و تَوَعدَ  بلهجة حاسمة وحازمة قاطعة  وبالفُم المليان : "لن نسمح للمستشار عبد المجيد محمود بالإستمرار فى منصبه نائباً عاماً" .. بينما أعلن 54 حزباً وحركة سياسية رفضهم لهذه الدعوات غير المسؤلة والماسة بإستقلال القضاء , فضلا عن غضب جموع القضاة , وإتجاه ناديهم إلى إتخاذ خطوات بالتصدى لمثل هذه الدعوات , وتحذير النادى على لسان وكيله الأول  المستشار عبد الله فتحى من أن ينقلب المجتمع إلى "شريعة الغاب" , إذا لم تتحمل رئاسة الجمهورية مسؤلياتها نحو حماية السلطة القضائية من مثل هذا التعدى والعبث.
هذه الوقفة الإحتجاجية إذن ولهجة الوعيد التى يتحدث بها الزمر ,والصمت الرئاسى والإخوانى المريب , يقطعان بأننا سائرون إلى حريق سياسى كبير , أو على الأقل معركة حامية ,بين القضاة والإسلاميين ,  تعود بنا إلى قضية عزل النائب العام .. من تانى  .
إذا حاولنا قراءة  الحدث , ونذر المعركة , و ماهو مخبأ بين كلمات الزمر  بشان النائب العام , إيقاظاً للوعى الذى يراد تغييبه والسيطره عليه ..فإننا نلاحظ  ما يلى :
أولاً : من المدهش أن الجماعة الإسلامية تصدق نفسها حينما تتحدث عن أهداف الثورة وبأسم الشعب , مثلما يفعل الإخوان تماماً ,  وعنما نسمع الدكتور الزمر يتكلم بكل ثقة قائلا: "ثورتنا لن تكتمل إلا بإقالة النائب العام", فإن الدهشة تصل بالمرء إلى حد الذهول ,إذ ماهى علاقة الجماعة الإسلامية ب"الثورة" أساساً؟.
ثانياً : أنه حين يتحدث الزمر بأسم "القوى الإسلامية", فهذا مفهوم ويعنى أن "الإخوان" على رأس هذه القوى , ويؤشر على أنهم  المحرضين من وراء ستار ل"جماعة الزمر", تكليفا لها ب"إسقاط النائب العام" , رفضا من الإخوان للهزيمة فى عزل الرجل , سيما وأن الرئاسة والإخوان لم يبديا أى إستياء أو إستنكار لمسلك الزمر وجماعتة الإسلامية  .. أما أن يتحدث الزمر  بأسم "الشعب" و الثورة معاً , فهذا كثير, إذ أن هذا  "الشعب" المنكوب بهذه الثورة فى لقمة العيش , وفقدان الأمان  الفردى والأسرى والمجتمعى, و المعاناة من الغلاء الفاحش فى الأسعار وأزمات الغاز والكهرباء والسولار والبنزين , وإنضمام الملايين  لطابور البطالة بعد الثورة بفعل الشلل الذى أصاب قطاعات السياحة والتصنيع والزراعة ,وغيرها , وفوق هذا كله أصبح  الزمر وصفوت حجازى ومن على شاكلتهم ,هم رموز المرحلة ,و يوهمون  المصريين , بأنهم يعيشون عصور الجاهلية الاولى  ,وأن الأسلام يدخل مصر على أياديهم الملوث بعضها بالدماء .. الشعب إذن  بهذا الحال السئ  , لييس مشغولاً بإقالة النائب العام .. بل يراه بطلا قومياً مغواراً لكونه قد تحدى الرئيس ,وتصدى له رغم الإرهاب المعنوى الذى مورس معه,  والتهديد بالإعتداء عليه وربما تصفيته , وهو مادفع الرجل إلى أن يعلن على الملأ بانه لن يترك منصبه إلا إذا إغتالوه , بل وصرح علناً بأنه قال ذلك للرئيس نفسه , بما يعنى أنه تلقى تهديداً ولو مبطناً بالإغتيال .  
ثالثاً: لاجدال أن  الإخوان , والجماعة الإسلامية   يعلمون جيدا أنهم يكذبون حين يربطون مطلبهم , هذا   بالثورة أو الشعب , ذلك أنهم يسعون لإسقاط النائب العام لأسباب آنية خاصة بهم وهى  كالتالى :
1- أن الإخوان وقد ألمت بهم الهزيمة  فى عزل الرجل , فقد شعروا بأن الفشل طال خطتهم  ل"أخونة القضاء" وتسخيره لخدمة سلطانهم , وتصفية

المحكمة الدستورية العليا , وبالتالى فإنهم أعطوا الضوء الأخضر  للجماعة الإسلامية , للقيام بالمهمة إنقاذاً للخطة , إذ أنهم فى عجلة من امرهم , خاصة وأن مدة خدمة  النائب العام تنتهى فى عام 2016  وهو أمد بعيد بالنسبة لهم ولايطيقون عليه صبراً . 
2 -  أن نبرة الشخصنة والعداء الظاهر فى خطاب جماعة الزمر والإخوان  , يعنى أنهم قد يكون لديهم  ثأر شخصي أو للجماعتين مع النائب العام الحالى, وبالتالى فإن الزمر وجماعته يجنون  "مكاسب" مع الإخوان من إسقاط الرجل عن موقعه , وهذه المكاسب تتمثل , فى شفاء الضغائن والثأر , ورسالة إرهاب للمجتمع تقول "إننا فعَّالين لما نريد" ,وربما أن الضغائن نحو الرجل  لكونه كان يعمل بنيابة أمن الدولة العليا .. وهم بدلاً من أن يلوموا أنفسهم ويندمون  على جرائمهم  بحق الوطن , يريدون الإنتقام ً من الرجل  لسنوات السجن التى عانى منها بعضهم , نتيجة الجرائم  الإرهابية المنسوبة إلي الجماعة الإسلامية والجهاديين  فى الثمانينات والتسعينات والتى بدات بإغتيال السادات ولم تنتهى بمذبحة الدير البحرى بالأقصر التى جرت يوم 17 نوفمبر عام  1997 ,وراح ضحيتها 58 من السياح الأجانب .. يتصرفون بروح إنتقامية وكأن النائب العام الحالى  هو الذى حكم عليهم  بدون جريرة ولا جريمة , مع أن دوره كان قاصرا على مجرد التحقيق فى بعض هذه الجرائم فقط ,و لو كانوا أبرياء , لكانت المحاكم قد برأتهم , وقد حدث مثل هذا فعلا فى قضية إغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق ,المُغتال يوم 12 أكتوبرعام 1990 , والمتهم فيها 25 عضوا بالجماعة الإسلامية وعلى رأسهم الدكتور صفوت عبد الغنى , وقد قضت محكمة أمن الدولة العليا  بالبراءة لهم جميعاً, وقال القاضى المستشار الدكتوروحيد محمود إبراهيم  رئيس المحكمة وهو يشير إلى المتهمين بالقفص , معلنا البرءاة ,"إن القتلة خارج هذا القفص.
  هذه الأسباب التى سردناها هى ما نراه ظاهراً .. و هذا يدفع للتساؤل عن لغز هذا الإصرار الإخوانى على خلع النائب العام؟ وماهى الأسباب الخفية الكامنة وراء ذلك؟ وهل هذه الإتهامات المرفوعة فى مواجهة شخص النائب العام , لتسويق عملية إسقاطه , تستند على حقائق أم أكاذيب ؟.. هذه الأسئلة الأخيرة نحاول الإجابة عليها  لاحقاً إن كان فى العمر بقية .      
أخشى أن إشعال النار  حول  النائب العام  لحرقه وإسقاطه , قد ينتهى بأن تمسك  النيران فى  الإخوان ,إن لم يسارعوا إلى إطفاء الحريق وإغلاق ملف النائب العام , فهذا الملف عصى على الأخونة والرجل أقوى من الإخوان مجتمعين ومرشدهم ومرسيهم ..
(كاتب وصحفى)
[email protected]