عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرئاسية والإخوان ودستورية العزل

قرار "لجنة الإنتخابات الرئاسية" بقبول تظلم  الفريق احمد شفيق , وعودته لسباق الرئاسة , وإحالة طعنه على "قانون العزل"  إلى المحكمة الدستورية العليا , لبحث مدى دستوريته  , هو القرار الصائب من الوجهة القانونية , لأن قرارها الأول بإستبعاده من السباق , كان قراراً معيباً , مخالفاً للإعلان الدستورى , لسبب بسيط جدا وهو أن اللجنة تكون قد طبقت "قانون العزل"  بأثر رجعى, بينما دساتير مصر, بما فيها الإعلان الحالى ,

تمنع تطبيق القوانين بأثر رجعى ,إلا  فى  حالة واحدة , وهى أن يكون القانون فى مصلحة  متهم  جنائيً , بأن ينص  القانون الجديد على عقوبة أقل من العقوبة المقررة , وقت إرتكاب المتهم للجريمة , وهنا يتم تطبيق قاعدة قانونية معروفة , وهى أن " القانون الأصلح للمتهم..هو الأولى بالتطبيق", فهذه هى الحالة الوحيدة المسموح بها دستوريا بتطبيق القوانين بأثر رجعى , وعليه فإن اللجنة الرئاسية , حين  طبقت القانون تطوعاً,وبأثر رجعى, فقد جانبها الصواب .. وحتى لا يساء الفهم ..فلست معنياً بالدفاع عن شفيق ولاغيره ,  لكننا نقاوم وبشدة  "تفصيل القوانين" حسب الأهواء الشخصية ومصالح جماعة الإخوان المسلمين , ومن يدور فى فلكهم , ومن هنا, فإن قبول اللجنة لتظلم شفيق , وإحالة الطعن المقدم منه على دستورية القانون , هو عين الصواب , وهو أمر يُحسَب للجنة ان تراجعت عن الخطأ , وهو ما برره المستشار  حاتم بجاتو أمين عام اللجنة الرئاسية ’ بان اللجنة حين تتخذ قراراً بشأن مرشح , فهى تتصرف ك"لجنة إدارية" , بينما حين تنظر "تظلُم" المرشح , فإنها تتصرف ك"لجنة قضائية" , ومن ثم فهى تستمع لأسانيده ومرافعته أو محاميه , وتنظر فى التظلم والدفاع بعين القاضى وضميره .
على أن  قرار اللجنة  الرئاسية يتخطى فى معناه ومضمونه قضية إستبعاد مرشح  أو عودته ,أياً كان أسمه , إذ جاء القرار بمثابة لطمة ثانية لجماعة "الإخوان المسلمين" , وهى لطمة أشد قسوة من الأولى  التى لم تستوعبها الجماعة ,ولم تتعلم من دروسها ,  وهى حكم محكمة القضاء الإدارى  بوقف قرار تشكيل "الجمعية التأسيسية" لكتابة الدستور, التى كانت الجماعة قد أختطفتها لنفسها , تجاهلاً وإستخفافاً بمصر كلها .
وعودة ل"قرار اللجنة الرئاسية" , بإحالة  الطعن على قانون العزل إلى الدستورية العليا.. ليت  "الجماعة" تقرأ الرسالة المتضمنة فيه بحكمة وروية  , أعنى أن يقرأ "الإخوان المسلمين", قرار اللجنة جيداً , بالعموم وبكل تفاصيله ومكوناته  وأن  يحلِلون مضمونه ودلالاته , وأن تحاول الجماعة النفاذ إلى إستيعاب معانيه العميقة , وتداعياته المتوقعة , وهى إن فعلت , فلسوف تحمى نفسها من الوقوع فى المزيد من الزلل  والتخبط , وتوقف نزيف الخسائر الذى جلبته عليها , نقيصة "الغرور" , وهى نقيصة تتناقض على كل حال مع صحيح الدين الإسلامى , مصداقا لقوله تعالى:"ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الارض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور" , إذ يلحظ المتابع للجماعة فى الأشهر الثلاثة الماضية التى تلت إنتخابات مجلس الشعب , ان الجماعة تشبه شخصاً ضخم الجثة مفتول العضلات و مفتون بقوته, يتصرف بعضلاته لاغياً عقله , وطبيعى أن العضلات مهما بلغت قوتها , تكون وبالاً على صاحبها , طالما أنها بدون عقل رشيد يحركها فى الموضع الصحيح والإتجاه الصائب.. إذا حاولنا قراءة القرار , فإنه يمكننا ان نسجل الملاحظات التالية :
1- أن اللجنة الرئاسية  أرتأت أو أستشعرت عدم دستورية "قانون العزل" , ولا جدال ان هذه الرؤية ليست جديدة ..إذ أن اللجنة حين قررت إستبعاد شفيق , فقد كانت تنفذ القانون, بغض النظر عن دستوريته من عدمها , ولكن عندما أستبعدت شفيق , صار من حقه التظلم ,من قرار الإستبعاد , وقد فعل , وتظلم مستنداً إلى أنه أتم تقديم أوراق ترشحه  إلى اللجنة قبل صدور القانون , ولم يعترض عليه أحد , ومن ثم أكتسب مركزاً قانونياً فى ظل القانون السارى , فإذا حدث هذا التعديل , فلا يجوز تطبيقه بأثر رجعى ,هذا جانب من دفوع شفيق وتظلمه , والجانب الآخر , فإنه وبصفته مرشح متضرر من

تطبيق هذا القانون عليه , يصير من حقه الدفع بعدم دستورية القانون, وبيان عواره الدستورى الذى يمسك به من كل جانب , إذ يدين الناس ويعاقبهم دون تحقيق وحكم  قضائى , ويخالف الإعلان الدستورى , فيما أورده من شروط للترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية , وأخطر مافى هذا القانون هو "شخصنة"  التشريع ,بمعنى أن القانون تم تفصيلة على مقاس أشخاص محددين بالأسم , والورطة الكبرى لمجلس الشعب , أن بعض أعضائه صرحوا بالأسماء التى يستهدفونها ,وسجلت ذلك مضابط المجلس , وهذا مما يتنافى مع مبدأ مهم
, وهو أن تكون "القاعدة القانونية عامة ومجردة".. عامة بمعنى  أنها تطبق على الجميع ممن يقعون تحت شروطها , أى  أنها لا تنظر إلى "الأشخاص" أولا,ثم يقوم "الترزى" بتُفصيل القوانين على مقاسهم, وإلا لكانوا قد أقروا هذا القانون , قبل ظهور عمر سليمان مرشحاً للرئاسة , لو كانوا يستهدفون رجال النظام السابق ,  لكانوا قد شملوا الوزراء , وأعضاء لجنة السياسات ومنهم الدكتور عمرو حمزاوى  , لكنهم يريدون أشخاصا بذواتهم , كما خالفوا مبدأ "تجرد" القاعدة القانونية , أى أن يكون التشريع "مُجَرَّد" من الأغراض ويبتغى الصالح العام , وليس المصالح الشخصية , أو مصلحة الجماعة ,و اقصد جماعة الإخوان المسلمين .
2- أن هذه اللجنة حين تحيل تقبل الطعن ب"عدم دستورية" قانون العزل, وتقرر إحالة القانون للمحكمة الدستورية العليا , فهذا يعنى "إدانة" لقانون  العزل , بل وأراه حكماً تمهيدياً بإعدامه , ذلك أن اللجنة يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا ذاته , وبين عضويتها أعضاء بهيئة المحكمة , وقضاة عظام آخرين يرأسون هيئات وجهات قضائية لها منزلتها القضائية المعتبرة , ولكل ذلك فإن قبولهم الطعن يعنى فى حد ذاتهة إدانة للقانون , و"إعدام" مبكر له  .
3-  أن هذا القرار يعنى أيضا أن الإخوان فشلوا فى إقصاء المنافس لمرشحهم , رغم إستخدامهم سيف التشريع أسوأ إستخدام , بما يفوق الحزب الوطنى , إذ يبدو الوطنى  بجوار الإخوان فى هذه الجزئية , كما لو كان تلميذا خائبا, ومع ذلك فقد كان الفشل حليفاً لهم , بما يوجب عليهم مراجعة انفسهم, ومحاسبة من أوقعهم فى هذا الفشل , مع أن النجاح أيضا هم مما يضر بالجماعة فى مثل هذه الحالات .
4- على الإخوان ان يتوقفوا عن التصرف كما لوكانت مصر صارت محظية أو جارية عند مرشدهم يفعل بها ما يشاء دون حسيب أو رقيب , ومن ثم عليهم أن يتوقفوا عن تحريك ترسانة قوانينهم التى يبتغون بها مصالح شخصية لأعضاء محددين بالجماعة , أو حتى مصالح الجماعة , إذ فى النهاية , فإن الجماعة مجرد فصيل صغيراً كان أو كبيراً, إذ تظل مصلحة الوطن اكبر من مصلحة "الجماعةً" وكل الجماعات.

[email protected]