عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإخوان والرئيس

قادة جماعة "الإخوان المسلمين" بمصر ,لا يمَلون إصدار التصريحات العنترية المتناقضة فى كافة شئون مصر والعالم ,وعبرَ وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة والمرئية بشكل يوحى دائما لمن يسمع أو يرى أو يقرأ , بأنهم يملكون أمور الدنيا كلها وهم المتحكمين فى الكون بطوله وعرضه

,والفعَّالين لما يريدون, وان المسلمين بأركان المعمورة وأرجائها يدينون للجماعة وقادتها بالسمع والولاء والطاعة , ناهيك عن أنهم يتعاملون ويتكلمون كما لوكانوا لا ينطقون عن الهوى , و إنما يوحىَ أليهم , كونهم  وكلاء الله فى الأرض , وحمَلة مفاتيح أبواب الجنة , و المانحين "صكوك الغفران" لمن شاءوا.
  أحدث تصريحات الإخوان ,هذا الذى إتخذته صحيفة "الأخبار"  القاهرية  عنواناً رئيسياً لها يوم الاثنين الماضى ( 12 من شهر مارس الجارى) , وهو خبر يتضمن تعليقين   للدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى بأسم جماعة الإخوان المسلمين , أولهما أدلى به لفضائية الجزيرة مباشر مصر, و مضمونه أن "الجماعة" سوف تُقدِم على "إقالة" أى عضو بها , ينضم لحملة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح  القيادى الإخوانى السابق, و المرشح لرئاسة الجمهورية , وكأن هذه "الإقالة" هى بمثابة طرد من "جنة" الإخوان ونعيم رضاهم (!!) ,  وأما الثانى  و"الأهم" , فهو  الذى أدلى به "غزلان" لبرنامج "حوار القاهرة"على قناة الحُرة , وقال فيه "أن الجماعة  تحاول إقناع بعض الشخصيات التى تراها  "جديرة" للترشح للإنتخابات الرئاسية" , ورافضاً من الأساس ما يساق من إتهامات للجماعة بعقد صفقات مع المجلس العسكرى الحاكم ,حول ما يسمى ب المرشح أو الرئيس "التوافقى" , وهذا بخلاف التصريحات والتعليقات اليومية من مرشد الجماعة وقادتها والحزب ,مما يصعُب حصره ,  بشأن "الرئاسة", وكيف أنهم يناقشون ولم يصلوا لقرار, أوأنهم لايزالوا يبحثون , وانهم قد يتوافقون , وأنهم  لا يؤيدون مرشحا إسلاميا , ثم تارة أخرى ,يؤكدون أنه لابد للمرشح الذى يؤيدونه , ألا يكون معاديا للمشروع الإسلامى , ثم يرفضون - وهذا حقهم - تأييد منصور حسن ,لأنه  " ليس إسلامى", بحسب تصريح محمد مرسى رئيس حزبهم الحرية والعدالة , و قبل ذلك  قام الإخوان والسلفيين بتوجيه دعوة علنية للمستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى نفسه للرئاسة , متعهدين بتأييده , ولعل  السر فى كون هذه الدعوة للغريانى , "علنية" إنما يرجع إلى مشاركة حزب النور السلفى, في توجيها, إذ يتميز الحزب السلفى بقدر كبير من الوضوح والصراحة , بغض النظر عن إتفاقنا او إختلافنا مع مضامين خطابه , بعكس الإخوان الذين يحرصون على تعدد مستويات الغموض فى تصريحاتهم . 
إذا عُدنا لإعلان "غزلان" أنهم يحاولون إقناع "شخصيات جديرة" بالرئاسة , للترشح , فإن هذا الموقف يتضمن بذاته التطوع نيابة عن الشعب , بتحديد الجدير من عدمه بالرئاسة , وإذا أخذنا فى الإعتبار , أن الكاتب الصحفى ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" القاهرية , فى مقاله بالصحيفة يوم الأحد الماضى ( 11 من  مارس الحالى ) , كشف عن  تحركات إخوانية سرية بشأن الرئاسة , ومفادها أن  مسؤلين بالجماعة  يجرون إتصالات مع شخصيات سياسية عديدة فى نفس الوقت , يُعربون فيها لكل شخصية عن إمكانية  تأييده "مرشحاً للرئاسة", مقابل تعيين "قيادى إخوانى" رفيع المستوى بالجماعة , نائباً للرئيس ذا صلاحيات واسعة , وذهب "رزق"رئيس تحرير الأخبار إلى التأكيد بأنه شخصياً يعرف إثنين من هؤلاء الذين تريد الجماعة الدفع  بواحد منهم وتأييده  للرئاسة , مقابل أن يكون نائبه منه , وشَدَد "رزق" على صحة وموثوقية معلوماته , منتقدا تناقض ذلك المسلك الإخوانى مع تعهداتهم السايقة بالعزوف عن  ملف الإنتخابات الرئاسية.
هذه التحركات و الإتصالات العلنية والسرية التى يجريها الإخوان , مع المرشحين ومحاولات الدفع بآخرين ,

مع الضجة التى يديرونها إعلامياً بإحتراف شديد  من خلال بياناتهم و تصريحاتهم , التى تتوالى كالعاصفة .. لو  خضعت للمراجعة والدراسة  وفقاً لمنهج "تحليل المضمون" الذى يهتم بقراءة وإستنباط مابين السطور , وإستقراء الرؤية الباطنية المتسترة والكامنة وراء المواقف التى يعبر عنها الإخوان  ,  فإن "الدارس" سوف لن يجد صعوبة فى إكتشاف ما يلى :
  أولا : أن "الجماعة" توهم  المجتمع المصرى والعالم الخارجى , بأن زمام الأمور كلية هو  بيدها , وأن مَّن ترضى عنه وتؤيده , سيكون هو الرئيس , وأن على الجميع أن يقف فى الطابور , أمام مكتب المرشد إنتظارا  لدوره فى المثول أمام "خليفة المسلمين"  المنتظر  الدكتور محمد بديع مرشد الجماعة , كى يُقدم نفسه ,و فروض الولاء والطاعة العمياء ,راجيا ومستجدياً  العون والمدد , وتأييد الجماعة , ويكون"المرشح المحتمل" , الذى  ينال هذا الشرف العظيم , محظوظاً وفُتحت له أبواب السماء , ضامنا  بذلك  "الجنة" فى الآخرة , و"الرئاسة" فى الدنيا , لو ان الخليفة المنتظر منحه الوعد بتأييد الجماعة , والوقوف معه , وليذهب الشعب إلى الجحيم ,فهو يساق هائماً خلف الجماعة طمعا فى نيل رضاها الذى هو الطريق إلى مرضاة الله فى الدنيا والآخرة , او هكذا يسعى الإخوان  إلى  إيهام الناس .
ثانياً :  أن "الجماعة" تسعى إلى  إستدراج أكبر عدد من المرشحين الأقوياء لخوض المعركة على المقعد الرئاسى , مع عقد إتفاقات سرية على قاعدة "التأييد مقابل نائب إخوانى للرئيس" , ومن ثم تتفتت أكبر نسبة من أصوات الناخبين بين المرشحين , وكلما زاد  تفتت الأصوات , زادت فرصة تأثير الإخوان ب"الكتلة التصويتية" المملوكة لهم ,من أنصارهم , ومع محاولة إستدراج السلفيين للتوافق على مرشح لخدمة "المشروع الإسلامى" , حتى يمكنهم معا التأثير بأصواتهم التى تظل خارج حسابات التفتت , إذ يتم توجيها  الوجهة التى  تراها الجماعة أو السلفيين أو كليهما فى حالة التوافق, وتوضيحاً , فإن الإخوان والسلف إستفادوا من كثرة المرشحين فى إنتخابات مجلس الشعب , ما أدى إلى تفتت الأصوات ,التى ليست محسوبة لهم ,ونجحوا بأصوات أنصارهم , وهو أمر يصعب تكراره فى الإنتخابات الرئاسية . 
أن "الجماعة" تحاول بهذا الضجيج فى الملف الرئاسى , المُداراة والإخفاء لضآلة وتواضع  "الكتلة التصويتية " الإنتخابية  الفعلية ,  لأتباعهم , والتأثير بأكبر وأكثر مما يملكون من أصوات , وهو حق مشروع لهم , على الأقل فى مناهجهم وشريعتهم . 
(كاتب وصحفى)
[email protected]