تطبيق الشريعة الاسلامية فى هولندا قضية خلافية لم تحسم بعد (3-3)
كثير من المؤسسات القانونية تتساءل عن كيفية التصرف مع أحكام الشريعة الاسلامية حال تطبيقها فى هولندا ، وهل ستجلب مشاكل مع التيارات الليبرالية السياسية ؟ وما هو موقف المؤسسات الاسلامية ، ونظرتها المُستقبلية ، وماذا عن رؤية المُشرعين وخبراء القوانين الهولندية ممن لهُم دراية وعلم بالشريعة الاسلامية ، وكيفية تطبيقها فى مُجتمع علمانى دون الدخول فى صراعات ومشاكل تمييز عُنصرى ، أو تعارض مع دستور البلاد .
هذا هوما يتضمنه النقاش الساخن القائم بهولندا فى الوقت الحالى . . يرى بعض خبراء القوانين الهولندية خاصة المُعتدلين منهم انه ليس بالضرورة حدوث مشاكل أو صدامات مع التيارات الليبرالية السياسية ، حيث ان مفاهيم التعددية الليبرالية والتنوع السائد حاليا فى ربوع البلاد يسمح بكثير من الأشياء ، شريطة عدم إستخدام أساليب العُنف فى المُجتمع ، وعدم إنتقاص من حقوق الأطفال القُصر .
فعن الزواج توجد مدرسة قانونية تقدمت بـ : ( توصيات ومطالب ونصائح للحكومة الهولندية ووزارة العدل ) مفادها " يجب الانتباه والتمسك بعدم الزواج من فتاة قاصر حيث ان بعض المُسلمين لا يعير الإهتمام بسن الفتاة ، خاصة اذا كانت ناضجة جسدياً ، أما إذا أراد المُسلم الزواج من أكثر من امراءة فله مُطلق الحُرية ، لكن ليس له الحق فى طلب إعترافاً رسمياً من حكومة هولندا ، ولا الاستفادة بأى ميزات إجتماعية أو قانونية " .
كما ان بعض المؤسسات السياسية الليبرالية ترى وجوب وتوفير كافة الحُريات داخل المُجتمع الهولندى ، دون الوضع فى الاعتبار تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية أو اى ديانات اخرى .
ويخشى خبراء القوانين فى هولندا من ان فتح هذا الباب سيجلب مشاكل فعلية ، لذلك جاءت واحدة من التوصيات المُهمة تؤكد على ضرورة مُطالبة المجتمع الاسلامى فى هولندا بالاتفاق على مدرسة فقهية بعينها ، تكون هى المرجعية فى الأحكام والتفسير ، دون حدوث خلافات تؤدى للتدخل لحسمها بالقانون المدنى ، بعد ذلك تأتى مرحلة تكييف قانون الاسرة الاسلامي كي يتناسب مع القوانين الهولندية ، مع الوضع فى الاعتبار قوانين الاتحاد الاوروبى وحقوق الانسان؟
يسترشد بعض الخبراء فى هولندا بالتجربة البريطانية التى تسمح بمحاكم التحكيم الاسلامية ، ويضرب مثالا يشير فيه الى ان : بعض القضاة المُسلمين يختار بين تفسيرين من الشريعة ، فمنهم من يجيز للمرأة ان تحصل على نفس القيمة من الميراث مثل الرجل، والثاني يجيز لها فقط نصف الحصة ، مقابل حصة كاملة للرجل ، وهذه قضايا شائكة وحساسة للغاية ترغب هولندا فى حسمها قبل البت الفعلى فى تطبيق جانب من الشريعة الاسلامية .
والأمر لا يقتصر على خبراء القانون فحسب ، حيث ان كثير من وسائل الاعلام بدأت فى الترويج لضرورة احترام حقوق الانسان فى هولندا وأوروبا عامة ، وتتهم بعض حدود الله انها تتعارض مع حقوق الانسان الأوروبى وما حققه من مكتسبات ، خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وانهاء سيطرة الكنيسة على
الكل يحبس انفاسه الآن لما سيسفر عنه النقاش الدائر من نتائج ، خاصة عناصر حدود الله وما ورد فى شريعته الإسلامية ، ويعكف عددا من المُستشرقين والمُستعربين فى هولندا على الخروج بوثيقة موحدة تكون أساساً وأرضية ينطلق منها الجميع عن بحث تطبيق بعض من جوانب الشريعة الاسلامية ، وقد جاء فى دراسة بحثية هولندية عن تفسير حدود الله من حيث اللغة العربية والمقصود من الأمور الشرعية جاء فيها : " الحد في اللغة العربية هو المنع ، وسميت العقوبات حدودًا لأن المسلمين يعتبرونها أحكام الله ، التي وضعها وحدها وقدرها ، والحَدُّ هو الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر ، أَو لئلا يتعدى أَحدهما على الآخر، لأنها تمنع وتحجز بين الفعل وإرتكابه ، أى بين المسلم وبين ارتكابه الفعل ، لأنها تمنعه وتحجزه وتحول دونه أى تحده - وجمعه حُدود والحد هو العقوبة المقدرة شرعًا سواء أكانت حقَّا لله أم للعبد " .
بحث تطبيق الشريعة الاسلامية فى هولندا قضية خلافية لم تحسم بعد ، وامامها مشوار طويل ، حيث ان هولندا لا تملك اتخاذ قرار حساس بهذا الشأن بمفردها ، لارتباطها بقوانين الاتحاد الأوروبى ، ومن ناحية ثانية لا تقل أهمية مسالة فصل الدين عن الدولة . . لا يعرف احد لمن ستكون الغلبة ، فهل ستنجح الجاليات الاسلامية فى تنفيذ مطالبها ؟ . . . سؤال ستجيب عنه المرحلة المُقبلة .