رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مشروعية الخوف الهولندى من تطبيق الشريعة الاسلامية (2)

لخوف المُجتمع الهولندى من مطالب الجاليات الاسلامية التى تعيش فى هولندا تطبيق الشريعة الاسلامية مشروعية لها ما يُبررها ، خاصة فيما يختص بالحدود السبعة ومنها " حد الزنا " ، فالمُسلم الذى يعيش فى هولندا سواء القادم من دول إسلامية أو هولندى الأصل إعتنق الدين الاسلامى ، لا يُقر أى منهما العلاقات الغير شرعية بين الذكر والأنثى ، وهذا ببساطة مفهوم الزنا فى الشريعة الاسلامية ، الذى يستوجب العقاب بالرجم حال ثبوته بشهادة الشهود ، أما الغالبية العُظمى من غير المُسلمين فى هولندا فمفهوم العلاقات الجنسية لديهم بين الرجُل والمرأة مُختلف تماماً ، من حيث ( العقيدة - العُرف – القوانين – حُرية الانسان ) وهُنا تكمن إشكالية : إجتماعية وقانونية ودينية ، تلك الاشكالية لها أبعاد داخلية ( هولندية – هولندية ) واخرى سياسية ( هولندية – خارجية ) .

 

العقيدة

على الصعيد الداخلى وفيما يختص بالعقيدة لمُجرد ان تعلن الحكومة الهولندية انها ستبحث ملف تطبيق الشريعة الاسلامية ستدخل فى مواجهات صعبة للغاية مع أصحاب الديانات الغير إسلامية " المسيحيين البروتستانت – الكاثوليك – الانجيليين - واليهود " إضافة لجماعات الخلايا الفلسفية والعقائدية الأخرى وأهمها " شهود يهوا "  وهى مواجهات تتسم بمطالب جديدة لهؤلاء ستسبب الصُداع للحكومة الهولندية ، والمواجهة الاشد ستكون بالطبع مع الحزب اليمينى المُتطرف برئاسة زعيمه المثير للجدل " خيرت فيدرز " .

العُرف

من ناحية العُرف لن يلتزم غالبية المُجتمع الهولندى الصمت ، حيث ان حُرية مُمارسة الجنس تعتبرها مُعظم شرائح الشعب الهولندى واحدة من أهم المكاسب التى حصل عليها خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، التى وضعت حداً نهائياً لسيطرة الكنيسة على سلوكيات المُجتمع المسيحى ، دون عودة لمحاكم التفتيش .

القوانين

أما القوانين والتشريعات الهولندية فستتطلب تعديلات دستورية ورُبما إضافة مواد قانونية جديدة ، وهو أمر ليس بالهين فى دولة ذات نظام ملكى ديمقراطى مثل هولندا ، حيث يقتضى أمر هكذا التقدم بطلب لمجلس النواب لمُناقشته ، ولا يتم اقراره إلا بعد موافقة الغالبية العظمى من المجلسين التشريعيين ( النواب والشيوخ ) وهى عملية قد تستغرق سنوات فى مثل هذه الحالات الحرجة ، خاصة والأمر يتعلق بالمُسلمين .

حُرية الانسان

ناهيك عن مؤسسات المُجتمع المدنى من جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الانسان ، التى تدافع وتحمى حُرية الرجل والمرأة فى التصرف بالجسد ، دون وضع اى إعتبارات لعقائد أو شرائع سماوية .  

فماذا اذاً عن مشروعية الخوف الهولندى من تطبيق الشريعة الاسلامية بعد ثورات الربيع العربى ، خاصة سياسة هولندا الخارجية وعلاقاتها ومصالحها بالدول الاسلامية ؟ . . .

تخشى هولندا من تأثير ثورة شباب 25 يناير المصرية وما لها من تأثير على مُسلمين الجالية المصرية عامة والسلفيين منهم خاصة ، وبالتالى تأثير هؤلاء على الجاليات الاسلامية الأخرى ، وتخشى من التيارات السلفية السعودية والمصرية وعلاقاتها بالقائمين على المساجد والمؤسسات الاسلامية بهولندا ، وكثيرا ما تُصاب وزارة الخارجية الهولندية وما يتبعها من مؤسسات سياسية أخرى ذات صلة بحالات من الارتباك السياسى بسبب عمل التوازن المطلوب فى علاقاتها بالسعودية على وجه الأخص ، فهى – هولندا – لا تريد ان تخسر علاقاتها  السياسية والاقتصادية بالمملكة العربية السعودية ، وفى ذات الوقت لا تريد اجتياح التيار السلفى الوهابى المجتمع ىالاسلامى بهولندا . يرى المُجتمع الهولندى والحكومة فى آن واحد ان قضية تنفيذ عقوبة الزانى بالرجم فى السعودية مصدر قلق ، فى الوقت الذى توجد أصوات اخرى عاقلة فى هولندا لا ترى ضرورة للانزعاج من هذا الأمر ، وتطالب بمعالجات اكثر حنكة وحكمة .

 يقول : " ماوريتس بورخير " أحد اساتذة تدريس مادة الاسلام فى الغرب بجامعة لايدن الهولندية فى تصريحاته لوسائل الاعلام : "  لا أحد يدعو إلى تطبيق الشريعة الاسلامية كاملة فى أوروبا ، ويضيف عندما يتكلم المسلمون الاوروبيون عن تطبيق الشريعة ، يقصدون قانون الاسرة الاسلامي ، الذي يُنظم عددا من القضايا مثل الزواج والطلاق ، وهم ايضا كذلك لا يطالبون بفرض قانون الاسرة على

الجميع ، لكن فقط علي الجاليات الاسلامية فقط ، تماما مثلما تريد الجالية اليهودية والكاثوليك تطبيق قوانينهم الخاصة عليهم فقط .

من المفيد معرفة ان المسلمين فى هولندا لهم مطالب عادلة فى المطالبة بتطبيق قانون الاسرة من منطلق الشريعة الاسلامية ، ومساوتهم بالجاليات اليهودية والمسيحيين ، لأن قانون الاسرة يرتبط ارتباطا وثيقا بالقواعد الشرعية فى الدين الاسلامى ، وان تطبيق قانون الاسرة امر ملح جدا بالنسبة للجاليات الاسلامية فى هولندا ، فهى تنظر اليه كأحد الركائز الالهية التى تحمى الأسرة المسلمة ، وتنظم الزواج والطلاق والميراث دون ظلم ، ولا ينمن ايض اغفال حقيقة رغبة المسلمين فى التمسك بهويتهم الدينية والثقافية .

السائد الآن فى هولندا هو القوانين المدنية الخاصة بالأسرة ، وهى تتعارض فى معظمها مع الشريعه الاسلامية ، ذلك على الرغم ان عددا من البلاد الأوربية لها مواقف اكثر حيادية من الحكومة الهولندية فى هذا الأمر ، وترى ان قانون الاسرة الاسلامي شأن داخلي يخص الجاليات الاسلامية وحدها ،  لدرجة ان بعض الدول الأوروبية بها محاكم شرعية اسلامية ولكن بشكل غير رسمى ، وهو الأمر الغير موجود بهولندا ، فقط المساجد والمؤسسات الاسلامية تلعب دورا مهما في تطبيق قانون الاسرة الاسلامي ولكن بشكل غير مُعلن .

 لذلك فان مسلمين هولندا لهم مطالب مشروعه تكمن فى مساواتهم باقرانهم فى بلاد أوروبية اخرى مثل اليونان " عضو الاتحاد الأوروبى شأنها مثل هولندا " حيث يتم بها وفى بريطانيا ايضا فى معظم الأحيان يتم الاحتكام للشريعة الاسلامية فيما يختص بالقضاية الخلافية بين المسلمين وبعضهم البعض ، ولا ترى هذه الدول اى تعارض ابدا مع القوانين الأوروبية ، لكن يرى البعض فى هولندا ان بعض الاحكام الواردة في الشريعة الاسلامية تتعارض كثيرا مع القوانين المدننية على اساس علماني المعمول به فى البلاد.  فحينما يتعلق الامر بالاحكام التي تميز بين الرجل والمرأة ، وبين المُسلم وغير المُسلم ، فى الزواج بين امرأة مسلمة ورجل آخر من الديانة اليهودية او المسيحية ، فهو امر مستحيل في الشريعة الاسلامية . كما ان موضوع الطلاق عند المسلمين يسمح للرجل اكثر من المرأة بميزات غير موجوده فى القوانين المدنية التى تنظم شئون الأسرة . تتساءل المؤسسات القانونية فى هولندا عن كيفية التصرف مع احكام الشريعة الاسلامية ، وهل سيجلب هذا مشاكل مع التيارات الليبرالية السياسية ؟ حول هذا الموضوع وغيره من المستجدات اتناول فى الحلقة القادمة موقف كل من المؤسسات الاسلامية فى هولندا ، ونظرتها المستقبلية ، وكذلك رؤية المُشرعين وخبراء القوانين الهولندية ممن لهم دراية وعلم بالشريعة الاسلامية ، وكيفية تطبيقها فى مجتمع علمانى دون الدخول فى صراعات ومشاكل تمييز عُنصرى.

[email protected]