عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التجربة الهولندية فى مُحاربة الجماعة الإرهابية

طالعنى قبل أيام خبر فى وسائل الإعلام الهولندية حول مُبادرة 4 هولنديين بإقامة دعوى قضائية ضد وزير داخلية مصر «محمد ابراهيم» بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وفقا لهم، واستند الهولنديون فى دعواهم على مزاعم الإخوان بقيام الوزير بفض «اعتصام رابعة العدوية» -

الذى وصفوه زورا بانه سلمى - بالقوة والعُنف، وبما انى أعرف كغيرى الفترة الزمنية التى تركت فيها الحكومة المصرية المُعتصمين لمدة 45 يوماً وتسامحت معهم، وتحذيرها لهم مراراً وتكراراً بشكل سلمى مُهذب - على الرغم من ارتكاب هؤلاء فى ذلك الحين مُخالفات أخلاقية معيبة، وقانونية صارخة، وجرائم بشعة من خطف وقتل وتنكيل بخصومهم السلميين، وسب وقذف علنى – إلا أن جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها لم تستجب، واستمرت تتحدى الوطن، وجعلت من ميدان رابعة «مستوطنة» غير مشروعة.
وأمام شعورى بالدهشة من إقدام مواطنين هولنديين على التدخل فى شئون داخلية (مصرية – مصرية) وإقامتهم هذه الدعوى، والتى إن وجدت لها آذانا قانونية صاغية، وصدر حكم ضد وزير الداخلية، سيصبح محظورا عليه دخول هولندا أو أى من دول الاتحاد الأوروبى، كما سيكون مهددا فى أى بلد آخر فى العالم يرتبط مع هولندا باتفاقية تبادل وتسليم المتهمين، أقول وأما دهشتى، حضرني مثل هولندي يقول: يا صانع الحذاء ابقى مع سندانك، والسندان هو المسند الحديدى الذى يستخدمه الصانع فى رتق وتفصيل الأحذية، والمقصود به تنبيه الشخص أو الجماعة بألا يتدخل أحد فى شئون الآخر، يعنى كده بالبلدى « خليك فى حالك « أو من تدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه – وأعتقد ان كل من يهمه الشأن الهولندى بعد قراءة هذه المقالة سيغضب.
وسأقول لماذا؟ لأننى وببساطة أعرف عن معايشة امتدت لأكثر من 30 عاما ثقافة وتاريخ الشعب الهولندى، وعلى دراية بساستها وصُناع سياستها ومواقفهم، وأعرف تجارب هولندا قديمها وحديثها فى مُحاربة الإرهاب، والتعامل مع جماعات ارهابية، وسأكتفى فى هذه المساحة بذكر واقعة واحدة عايشتها بنفسى وعن قرب.
فى الساعة التاسعة من صباح يوم 23 مايو 1977 قام 9 شباب مُسلحين من جنوب الملوكيين باختطاف قطار ركاب هولندى، و أجبروه على التوقف فى محطة قرية «بونت» فى مقاطعة «درينتا» واستمرت عملية احتجاز الرهائن 482 ساعة (عشرين يوماً) قامت فى نهايتها قوات «المارينز – مُشاة البحرية» الهولندية بتخليص الرهائن بصورة دموية كانت حديث العالم بقتل 6 من المُختطفين و2 من الرهائن.
ففى يوم السبت 11 يونيو 1977، أى بعد حوالى ثلاثة أسابيع من عملية احتجاز رهائن القطار،

فتحت عناصر القناصة الهولندية بمُساعدة قوات المدفعية النيران على القطار، بغطاء جوى ضم 6 طائرات حربية، وكان قصف القطار جواً وبراً، حتى وقعت المذبحة وتم تحرير القطار.
الملوكيون الإرهابيون هم من أبناء إندونيسيا، حيث كانت الحكومة الهولندية قد وعدتهم بمنحهم الحكم الذاتى فى جزيرة جنوب الملوكيين، مكافأة لهم على تعاونهم مع المُستعمر الهولندى لإندونيسيا، الا انه بعد استقلال إندونيسيا ورحيل قوات الاستعمار الهولندية لعقت هولندا وعدها، واكتفت باصطحاب أعداد منهم للعيش فى هولندا، وكان هذا سبب غضب جنوب الملوكيين.
وبعد هذه المذبحة، كافأت هولندا كل أفراد قواتها الذين نفذوا العملية، بل تم ترقية أصغر الطيارين فى عملية تخليص الرهائن لقيادة الدفاع الجوى الهولندى، كما اعترف رئيس الوزراء الهولندى آنذاك فى مؤتمر صحفى بأن استخدام العُنف فى تخليص الرهائن كان ضرورياً لإنهاء العملية بدلاً من هزيمتنا.
ليس ذلك فحسب بل إن السيد «هايلين» وزير الدفاع اعلن فى 4 يونيو عام 2012 بأن الجنود والضباط الذين شاركوا فى تنفيذ عملية تخليص رهائن القطار عام 1977، سيتم تكريمهم مرة أخرى ومنحهم أنواط الواجب العسكرى.
وفى 30 من شهر نوفمبر العام الماضى 2013 كشفت الوثائق الهولندية ان وزارة الداخلية الهولندية قامت بإخفاء معلومات سرية لمدة 35 سنة أكدت أن قوات المارينز الهولندية تعمدت قتل عدد 6 مُختطفين من جنوب الملوكيين بإطلاق عدد 144 طلقة نارية من الذخيرة الحية عليهم.
هذه هى تجربة الهولنديين مع جماعة جعلتها هى بسياستها ارهابية، فهل يحق لأى منهم أن يتدخل فى الشأن المصرى أو يوجه لمصر انتقادا، أو يجرؤ لإقامة دعوى ضد أى ممن شارك فى فض اعتصامي رابعة أو النهضة، الاجابة ببساطة «لا».
[email protected]