رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر بين غياب الاتصال وتهديدات الانفصال

السودان.. جنوب السودان.. اليمن.. مدينة برقة الليبية.. بورسعيد الباسلة.. أوجاع فى جسد مصر قديماً وحديثاً.. فواحدة من الأخطاء التاريخية الجسيمة التى يُعتبر السكوت عنها جريمة، هى انفصال السودان عن مصر فى ‏فبراير‏1956، نتيجة لافتقار حركة ضباط 52 لخبرة شئون الإدارة السياسية وإدارة الأزمات، فقد أنفق جمال عبدالناصر أموال مصر عام 1962 على حرب فى اليمن السعيد جنوب غرب شبه الجزيرة العربية غربى آسيا، وكانت هذه الحرب مُقدمة «للنكسة» أو هزيمة حرب الأيام الستة عام 67،

وترك فى الوقت نفسه السودان - نصف جسد مصر - لتنهشه الانقسامات الداخلية والمؤامرات الخارجية، ومنذ هذا الحين كانت بداية النهاية الحقيقية لانفصال جنوب السودان عن جسد السودان الأم واستقلاله كدولة فى يوليو الماضى، والآن لم يعد من المُبالغة أو التخويف أن نقول إن «الفناء الخلفى الأفريقى» لحدود مصر أصبح مُهدداً استراتيجياً، وأى تصور غير ذلك يعتبر حماقة.
أرصد أخطاء الماضى بعيدة وقريبة، وأنظر لما يدور حولنا فى المنطقة العربية، وأتوجع ألماً جراء أصوات خرجت من مدينة بورسعيد الباسلة تُطالب بالاستقلال وترفع العلم الإسرائيلى، بل وخروج بعض أبناء بورسعيد حاملين علماً خاصاً تم تصميمه لبورسعيد، ليُمثلها كجمهورية بعد الانفصال المزعوم عن الجسد المصرى، وقد يصنف البعض ما حدث كظاهرة وقتية ناتجة عن الغضب، ورُبما يخرج آخرون من دُعاة «التمويت» الإعلامى، ويزعمون بأن تجاهل الأمر وعدم مناقشة حالة بورسعيد أفضل من تسليط الأضواء عليها، لكننا وبعد ثورة شباب 25 يناير نؤكد ضرورة الشفافية، فالتجاهل والتعتيم ليس الحل بل مكمن الخطر، ومناقشة أحوال مجتمعنا بحلوها ومرها أصبح ضرورة وليس مجرد ديكور، بل من الضرورة إقامة الحوار وبث الوعى، وتحكيم الضمير الوطنى فى مصلحة كل أبناء مصر.
لا يجب الاستهانة بالمشاعر الشعبية لأهل بورسعيد، وكل فى موقعه له دور وواجب حتمى يفرضه حق الأمة علينا (علماء النفس وخبراء علوم الاجتماع – رجالات السياسة – خبراء التاريخ والجغرافيا – إعلاميون) وغيرهم لإزالة أسباب الغضب والاحتقان فى بورسعيد أو حولها، فالتجاهل والتعتيم سيجعل المشكلة تتفاقم وتتراكم، مما يهدد بأخطار جسيمة تهدد مصر جسداً وكياناً ووحدة، ولا يجب أبداً النظر إلى القضية من زاوية سؤال واحد وهو: هل أهالى بورسعيد على حق أم على باطل..؟! ويجب ألا يُراهن أولو الأمر مجددا على ذاكرة الشعب وأنه سينسى، أو اتباع سياسة الإلهاء والمُخادعة التى اتبعها النظام السابق طويلاً.
ولنا فيما حدث بالسودان عظة وتجربة، وما يحدث الآن فى جنوب اليمن أو برقة بليبيا، ويجب أن نتذكر دوماً أن حركة الضباط الأحرار التى أطلقت على نفسها ثورة 52 تركت السودان وتغنت بالقومية العربية، فضاع السودان.. والرئيس المخلوع «مبارك» أهمل الملف الأفريقى برمته، وأفسح المجال بغباء نظامه السياسى وانقسم شماله عن جنوبه.
قبل فوات الأوان علينا أن نتنبه لضرورة رفع الحس الوطنى المحلى والإقليمى، وإلا فقدت أوصال الاتصال وهددها الانفصال.. وللحديث بقية.
[email protected]