عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إخوان الأردن.. المرحلة وما بعدها (1)

انتهت حقبة الغزل التي تنعم بها (إخوان الأردن) سريعاً. وبلا أي غنائم تذكر، وخرجوا من الربيع الأردني بخفي حنين. بعدما أدركت قوى الحراك الشعبي، ومرجعيات النظام، وأدوات الحكم السياسية والأمنية، أن قيادات التنظيم تطمح إلى أكثر من مجرد المشاركة في العملية السياسية، وأن أعينهم ترنو إلى إحداث انقلاب أبيض على العرش ومؤسسات الدولة، وتحويل الشعب الأردني إلى أقلية في أرضه وعمقه الجغرافي، وأن ما يريدونه هو: "كل شيء"، أو "الفوضى الخلاقة".


هذه الحقائق ترسخت لدى الناشطين السياسيين الأردنيين، وقوى الحراك الشعبي الأردني، وبين صفوف المتابعين والمهتمين بالشأن الإعلامي، وأجهزة الدولية الأمنية، من خلال رصد العديد من اللقاءات المشبوهة التي ابرمها بعض كبار قادة التنظيم مع سفراء دول أجنبية، وضباط ارتباط في أجهزة مخابرات غربية، بالخفاء في دول إقليمية مجاورة، سرعان ما تحولت إلى لقاءات علنية فوق الأراضي الأردنية، بعدما اشتدت جذوة الربيع العربي على إيقاع "تساقط حجارة الدومينو"، في تونس ومصر وليبيا واليمن، وهو ما أسهم في فتح شهية "إخوان الأردن" بشكل لم يكن ممكناً توقعه.

تعزز الشعور لدى قادة "الإخوان" بأن وقت صعودهم حافلة الربيع العربي قد اقترب، وأن المقاعد شاغرة وبانتظارهم، عندما اندلعت شرارة الأحداث في سورية، الخاصرة المؤلمة للأردن، بالتزامن مع التحول الدراماتيكي في موقف حلفائهم السياسيين، قادة "حماس"، الذين انقلبوا على الدولة التي استضافتهم لأكثر من عقد كامل من الزمن، ومنحتهم الحاضنة السياسية لممارسة نشاطهم السياسي كفصيل فلسطيني مقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، مع ما لحق بهذا الدعم من تكلفة سياسية باهظة، تدفع سورية ثمنها اليوم وحيدة.

برز نهج التطرف في سلوك "الإخوان" من خلال تلاعبهم على عطش الحراك الشعبي الأردني في المحافظات المهمشة والفقيرة، والمتطلعة إلى الحرية والعدالة، والتي يعاني أبناؤها من البطالة وانعدام التنمية وعدم وجود جامعات أو كليات أو مرافق خدمية ترفيهية مثل المكتبات والأندية الرياضية والحدائق وحتى الشوارع!.

بادر "الإخوان" وبعد تخلف ملحوظ عن النزول إلى الشارع والانضمام إلى قوى الحراك الشعبي بفترة ليست بالقصيرة، وبعد قراءة جديدة لمتغيرات الشارع الأردني، إلى استغلال الواقع الجديد، والاندساس بين قوى الحراك الشعبي، وركوب موجة المظاهرات، ورفع سقف الشعارات المطالبة بالإصلاح، إلى مستويات غير مسبوقة، وكذلك محاولة حرفها عن شعارات منادية بالإصلاح إلى شعارات انقلابية تمثل تطاولاً على النظام السياسي الأردني تحت حجة المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد.

رافق ذلك، تنفيذ كوادر الإخوان الناشطين في الميدان، بالتحالف مع أدواتهم الإعلامية وكتاب لحظة "الحقيقة" وتيار "الحقوق المنقوصة" وعرابي "الوطن البديل"، حرباً شرسة ضد كل الرموز الأردنية، تحت حجة محاربة الفساد والفاسدين، وقد كان ملاحظاً أن الإخوان يسلطون الضوء على رموز الفساد من أصول أردنية شرقية، ويغضون الطرف عن رموز الفساد من أصول فلسطينية، وبشكل فاضح ومكشوف لم يكن ممكناً تجاوزه أو التعامي عليه.

نجح "الإخوان" من خلال هذا المخطط في الإساءة شعبياً ورسمياً للكثير من الرموز السياسية الأردنية من أصول شرقية، وحرقهم للأبد، وخاصة رؤساء الحكومات الأردنية السابقين الذين اتهمهم الإخوان بأنهم كانوا سبباً في تزوير الانتخابات، وفقدانهم لبعض المقاعد.

وعلى ذات المنوال، وبأسلوب لا يقل مهارة، نجحت كوادر التنظيم أيضاً من خلال حلفائهم وأدواتهم الإعلامية، في حرق حليفهم القوي، القاضي الدولي، رئيس الوزراء المستقيل عون الخصاونة، رسمياً وللأبد، من خلال التركيز عبر فبركات إعلامية وتقارير مضللة، على أن الرجل دخل في حرب كسر عظم مع رأس النظام السياسي، وأنه استفز الملك وخانه، وحاول ابتزازه سياسياً، وسرب نبأ استقالته عبر

أطراف خارجية، وهو ما أدى بشكل حتمي إلى النتيجة ذاتها، وهي: حرق الرجل، ولكن هذه المرة، تم حرقه عبر قنوات إعلامية وصحفية محسوبة على "الإخوان".

يسعى الإخوان من خلال هذا التكتيك المتمثل برفع سقف الشعارات، وحرف مطالب الحراك الإصلاحي، وركوب موجة المظاهرات، وخلق حالة من عدم الثقة بين الأردنيين ورموزهم العشائرية والسياسية، وخلق حالة من عدم الثقة بين النظام السياسي وبين بعض رجالات الحكم، وكذلك خلق حالة من عدم الثقة بين النظام السياسي والعشائر الأردنية، إلى خلخلة استقرار النظام وآلية الحكم، وإضعاف النظام أو إرهاقه، وإفراغ الساحة من كل الرموز السياسية التقليدية وغير التقليدية التي يمكن للنظام أن يلجأ للاستعانة بها، ووقتها يطرح "الإخوان" أنفسهم بصفتهم الخيار الوحيد المقبول في الساحة، خاصة وأن لهم قاعدة شعبية وانتخابية تتركز في العاصمة وجوارها، وإرضاء الإخوان يعني، ضمان عدم خروج حاضنتهم الشعبية للتظاهر وتخفيف الضغط على العاصمة المركز التجاري والاقتصادي للمملكة.

هذا التكتيك جربه "الإخوان"، ومارسوه بشكل فعلي في مواقف كثيرة، وفي حقب سياسية عديدة، مع دولة عبدالكريم الكباريتي، ومع دولة عبدالرؤوف الروابدة، ومع دولة معروف البخيت، وقد نجحوا في وضع علامة استفهام كبيرة على كل من تلك الشخصيات سواء شعبياً أو رسمياً، وفي التزامن مع ذلك سعوا بلا كلل إلى تسويق أنفسهم شعبياً على أنهم المخلص من الحالة المتأزمة التي تمر بها البلد، بعدما نجحوا بترويج هذه الكذبة السمجة في جلساتهم السرية والعلنية مع سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.

يمكن القول الآن أن المخطط الإخواني قد انكشف، وأن الكرة الآن في ملعب الحراك الشعبي الوطني الأردني، وأن رموز الحراك هم المسؤولون الآن عن السماح للإخوان باستغفالهم وامتطاء ظهورهم من أجل تحقيق أجندتهم الحزبية العابرة للحدود والقارات، أو أن يساهموا في تحجيم هذا التنظيم وعدم السماح له بالتغلل بين أوساطهم، خاصة وأن تنظيم الإخوان لا يحظى بأي ثقل سياسي بين أوساط العشائر الأردنية، أو في المحافظات المهمشة والفقيرة، وخير دليل على ذلك صدامهم قبل عدة أشهر مع أبناء قبائل بني حسن في المفرق، وكذلك إصدار شيوخ ووجهاء ومخاتير محافظة معان قبل أيام بيان رسمي عبروا فيه عن رفضهم استقبال القيادي زكي بني ارشيد، أو السماح لـ "الإخوان" بتنظيم أي فعالية سياسية أو شعبية في محافظتهم.

وللحديث بقية.