رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدولة البديلة ابتلعت النظام

عادة ما يلجأ الطفل إلى اللعب لصناعة عالمه الخاص، ويبدو أن «الإخوان» بدأوا بالفعل فى صناعة عالمهم ونسج خيوط حلمهم بـ«لعبة السلطة والسيطرة»، التى يفضلونها دائماً عند التخطيط لإقامة دولتهم البديلة أو الموازية على أنقاض الدولة الأم بعد اختراق أجهزتها ومؤسساتها الرسمية والشعبية.

وتسعى الجماعة الآن إلى ابتلاع النظام وربما نجحت بعض الشىء فى فرض الإخوان فى المحليات والأمن والجيش والمخابرات والاقتصاد والإعلام واتحادات الطلاب المدرسية والجامعية والنقابات المهنية والعمالية وغيرها من المؤسسات.
وما نشاهده هذه الأيام فى المدن والقرى والنجوع من جولات وانتشار ممنهج ومتعمد لهؤلاء فى وحدات وفروع الوزارات، بل فى القنوات التليفزيونية الإقليمية لخير دليل على إصرار الجماعة على إقامة دولتهم الدينية الخاصة، التى تحمى الرئيس المطيع دائماً للمرشد ونائبه وكل نجوم مقر الحكم الرئيسى فى المقطم.
والغريب هنا أن رؤساء وقيادات تلك الأجهزة والمصالح الحكومية يفسحون الطريق لهؤلاء، كما يفتحون لهم القاعات وكأنهم مسئولون كبار، بل ويقفون أمامهم كوقوف التلميذ أمام الأستاذ، رغم أنهم لا يحملون أى صفة رسمية، فقط كارنيهات الحرية والعدالة وشارات الجماعة؟!
ألهذا الحد من الضعف والهزال وصلت مؤسسات الدولة للدرجة التى سمحت بها القيادات الحكومية لهؤلاء الذين اعتبروا أنفسهم أوصياء على المجتمع، وفرضوا البلطجة والانتهازية بصكوك اختراق رسمى.
إن ما يحدث الآن من الجماعة وحزبها السياسى يذكرنا بممارسات حزب البعث وفرقه وميليشياته التى خربت سوريا وقبلها لبنان والعراق، كما يعيدنا إلى عهد الخليفة على بن أبى طالب، عندما تمكن معاوية بن أبى سفيان من إقامة أول دولة موازية فى التاريخ الإسلامى، غير خلالها كل المؤسسات بمجرد توليه الحكم، ويعيدنا أيضاً إلى مشهد الدولة الإسلامية الصوفية التى أقامها فى الخرطوم الإمام محمد المهدى فى أواخر الأربعينيات من القرن الماضى قبل أن تنهار وتدفن تحت أنقاض صحوة السودانيين.
فعندما تعجز الدولة الرسمية عن القيام بدورها على أكمل وجه، ولا تستطيع توفير الحد الأدنى من العيش الكريم، وتقديم الخدمات الضرورية الحياتية، يلجأ الناس إلى هؤلاء الذين يشبهون الأعشاب الفطرية «الشيطانية» غير الطبيعية التى تنمو فجأة فى الصحراء بمجرد نزول قطرات السماء.
فالناس فى هذه الحالة يشعرون بأن الدولة الأم صارت مريضة،

ولم تعد قادرة على رعايتهم وحمايتهم، وبالتالى لا مفر من الدولة البديلة التى أصبحت فوق النظام والقانون فى ظل انشغال القوى الوطنية بمعارك سياسية يخرجون منها بمكاسب هشة ضعيفة لا تقارن بالمكاسب التى يحصل عليها هؤلاء الذين يتمتعون بقدرات فائقة على التلون كالحرباء وسد فراغ الدولة الرسمية بما لديهم من شهوة شديدة للحكم وفرض السيطرة والنفوذ.
فهؤلاء لديهم استعداد كبير للسير فوق الحبال فى سبيل إقامة دولتهم وحماية أعمدتها من التصدع والانهيار ولا مانع لديهم من التخلى عن كل الثوابت والمبادئ، بل لا يترددون فى بيع ضمائرهم ومصادقة أعداء الأمس حتى ولو كانوا صهاينة وأمريكان.
فالدولة فى نظرهم تحولت إلى ناد كبير لـ«القمار السياسى» تتساوى أمام طاولته كل الجنسيات والرتب والمناصب والوسائل والأهداف.
ومع تحقيق المزيد من المكاسب والانتصارات بفعل الإقصاء والاستحواز وهدم دولة القانون، وأصبح هؤلاء يستقوون بالمجتمع نفسه ضد السلطة وضد الدولة المدنية الحديثة التى أسسها محمد على قبل أكثر من قرنين.
الخطير هنا أن الجماعة باتت تطرح نفسها وبقوة كبديل للدولة وليس السلطة.. وتلك كارثة كبرى.. فمصر الآن فى عيونهم ولاية يتم تجهيزها لدولة دينية كبرى تسيطر على المنطقة انطلاقاً من القاهرة.
وإذا استمرت الدولة البديلة بكل مقوماتها وخططها وأجهزتها الموازية لن تنجو البلاد من حرب أهلية وشيكة تتصارع فيها ولأول مرة فوق أرض الكنانة ميليشيات ومراكز قوى مصرية وندفع جميعاً ثمن غباء هؤلاء الذين يهددون استقلال مصر وسيادتها.