رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما وراء الاستفتاء والإعلان الدستوري ؟

 

كنت ممن قالوا لا للتعديلات الدستورية رغم اتفاقي مع مضمونها في حد ذاته ، إذ لم  يكن الخلاف بين من قالوا "نعم" و من قالوا "لا " حول مضمون تعديل تلك المواد ، بل كان الاستقطاب في حقيقته خلاف بين مسارين ، خصوصا بين النخب السياسية ، من قالوا " لا " ارادوا التأكيد على أولوية  الذهاب إلى استحقاقات المرحلة الانتقالية بانتخاب  جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا وتفعيل حزمة مطالب الثورة الأخرى الرامية إلى تفكيك  بنية النظام السابق وتطهير مؤسسات الدولة المصرية من رموزه.

أما مسار " نعم" ـ وهو الأغلبية على كل حال ـ فضل الاحتكام إلى صناديق الانتخاب مباشرة  ، وكان المواطن البسيط الراغب في عودة الاستقرار يمثل النسبة الأكبر بلا شك ، فيما توزعت البقية على من فضل عودة الجيش إلى ثكناته ، أو من  رأى  نفسه جاهزا على أرض الواقع لموقعة الصناديق.

وهكذا دار الجدل بين النخب الرئيسية للمجموعتين ، حتى هيمنت المخاوف على الفريق الأول من عودة "دستور 71 " ، وطالب كحد أدنى في "جمعة الدستور" عشية يوم الاستفتاء " الشعب يريد اعلان دستور جديد " .

وهاهو صدر الإعلان الدستوري الجديد .. ففيم كان الجدل إذن ؟ سؤال فاجأ الجميع

إذ لم يتحدد بوضوح أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة  سيصدر إعلانا دستوريا في كلتا الحالتين. وأظن أن المجلس سعى عبر الاستفتاء إلى ماهو أبعد من تعديل عدة مواد ، فقد استهدف قراءة الفرز السياسي للقوى الجديدة والقديمة والشخصيات الطامحة للترشح للرئاسة ، فالجيش هو اللاعب الحاسم في التغيير الذي حدث يوم 11 فبراير ، وهو منذ اندلاع ثورة 25 يناير  يدرس قراراته بحساب دقيق . والغريب أن جميع من أعلنوا نيتهم الترشح للرئاسة قالوا " لا " ، حتى عبد المنعم أبو الفتوح الذي أعلن لاحقا.

أيضا كانت التعديلات الدستورية بمثابة استفتاء على مسار فضله المجلس العسكري بالذهاب لانتخابات برلمانية أولا ، ومن ثم رئاسية ، في مواجهة مطلب تشكيل مجلس رئاسي ، ناهيك عن اقتراح هيكل بمجلس أمناء الثورة أو الدولة.

وهاهو عضو المجلس اللواء ممدوح شاهين يقول ردا على سؤال داخل مؤتمر الصحفي الخميس الماضي "ما معناه " ،  إذا كانت الأمور ستطول بعد انتخاب البرلمان سنجري انتخابات رئاسية بعدها جمعية تأسيسية ، وإذا لم .. سينتخب مجلسي الشعب

والشورى مجلسا تأسيسيا لإعداد الدستور، لينتخب بعدها  رئيسا الجمهورية "( *).

لذا جاء الإعلان الدستوري الجديد( 62 مادة ) طويلا مفصلا ، ساعيا لتأجيل قضايا خلافية كثيرة  ، وأريد له أن يكون دستورا مؤقتا لفترة انتقالية يحدد مسارها تفاعل المجلس العسكري مع قوى الثورة والقوى التي ستتبلور في البرلمان الجديد .

وفي تقديري أن هذا الجدل سوف يستمر أولا : لأن استحقاقات المرحلة الانتقالية لم تنجز بعد ، بل يتم تقطريها تحت الضغوط  ، وإلا ما سر هذا التباطؤ ، مثلا مطلب تغيير قيادات الإعلام بدت للحكومة مسألة عويصة تحتاج لوقت " مثلما صرح يحي الجمل لبرنامج العاشرة مساء "، ثم فجأة تعلن أسماء القيادات الجديدة في المؤسسات الصحفية القومية ، مطلب حل المجالس المحلية وإقالة المحافظين ، يعلن وزير التنمية المحلية محسن النعماني عن تأجيلهما مؤكدا أن الأولوية للحوار الوطني الآن.

وثانيا لأن قوى الثورة المضادة تغذي هذا الخلاف سعيا لانقسام  قوى ثورة 25 يناير ، انتهازا  لفرصة إصلاح مجتزأ ترى فيه عودة من جديد  ، ولم لا ؟ طالما تتأخر محاكمات الفساد السياسي لنظام مبارك ، وأبرز رموزه صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور، فقط جرى منعهم من السفر.

وأخشى  أن يكون استمرار السيولة في المشهد السياسي  عامل كبح ولم يعد قوة دفع لقوى التغيير ، وهنا بات ملحا أن تسارع القوى الديمقراطية ومجموعات شباب الثورة إلى تشكيل جبهة إنقاذ الثورة ،  لأن معركة البرلمان ، هي الاستحقاق الأولى بالإنجاز ، لأن جمعيته التأسيسية هي من سيحدد مصير الثورة .

[email protected]