رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في حب جلال عامر

ما أصعب ان تحول أحزانك الي ضحكة و ان تقلب أوجاعك الي كلمات ساخرة و ان تحول أي كارثة الي (قفشة ) تضحكك و هي تعصرك . تبهجك و انت في نار الألم .. تخطفك للحظة من قهر الزمن وقسوة الأحداث لتقهقه علي همومك و لا العيال ..

و لكن دوام الحال من المحال  ..  لذلك رحل جلال عامر و تركنا فجأة ...  قلبها علينا غم و خطف من حياتنا ضحكاته النادرة في هذه الأيام الكئيبة . استخسر فينا كلماته و مقالاته و لقطاته الملهمة و تركنا تائهين بلا معالم  للطريق او ملامح للوجوه .. لم أوراقه و أفكاره و حرمنا من فلسفة تخاريفه المبدعة .. اختار ان يموت و علي وجهه دمعة بعد ان مسح دموع الملايين بضحكاته ,, تحولت ضحكاته التي لون بها الوطن الي جلطة وهن .. انقلب السحر الذي طالما بهرنا بحروفه الي عجز و شلل .. سقط منه القلم و باغتته شدة المحن.. كان يضحك حتى لا يغلبه البكاء و حينما شاهد اولاده يتقاتلون علي مبارك  قتله الوجع ..  غلبته دموعه و شعر الساحر في خريفه بالفشل  وقف عاجزا خائفا متلعثما لاول مرة .. تحجرت افكاره و غرقت كلماته في سواد المشهد الدامي و البلاد تذبح نفسها تحت أقدام خنزير و الناس تتقاتل علي جيفة حاكم جبان ,, ففضل الصمت حينما شعر بضآلة الكلام .. لم يستطع ضحكه ان يلتف علي همه  و لم يتحمل قلبه كم هذا الهم .. فماذا تبقى من العمر بعد ان ضاع الربيع في الحروب علي الحدود و ضاع الخريف في البحث عن الوجود و مضت كل ايامه في رسم الوطن... ذبحوك يا صديقي و قتلوك (بحصرتك) علي هذا الوطن البخيل .. الذي استخسر فينا ضحكتك كما استخسر فينا كبرياء الثورة و كرامة الشهداء ... كم قتل فينا هذا الوطن من أحباء و كم هان عليه من عشاق ..  انت يا أستاذي لست أولهم و لن تكون أخرهم .. طينة هذه

الارض طالما دفنت و خنقت المخلصين و العاشقين و منحت خيرها للسفاحين و الفاسدين و انت اعلم مني بذلك ... رحم الله جلال عامر الذي علمنا ان البكاء علي الميت يضيع مع الايام و لكن الضحك علي الميت يعيش فينا للأبد .. و نحمد الله علي انه مات شامخا متظاهرا ملهما لنا كما عودنا و قبل ان يتهموه بالعمالة او الخيانة او تقسيم البلاد او نشر الفوضي و الفساد او ان يعلنوا علينا فجأة انه امريكي الجنسية و له لقاءات حبية مع المنظمات الدولية او تسجيلات صوتية يعلن فيها عن نواياه بحرق المباني و اغراق المواني و كسر الأواني  .. ساعتها كان سيتألم أكثر و يتوجع أكثر  خاصة ان اغلبنا من الساذجين و المغفلين ربما صدق عنه ذلك .. سقط كاتبنا العظيم في الجهاد ليؤكد للجميع انه ضحي بكل شئ من اجل حرية هذا الوطن و ان كلماته كانت ساخرة و لكنها موجعة و ان أفكاره كانت مضحكة و لكنها لم تخلو يوما من الصدق و الصواب .. أستاذي جلال عامر اعذرني لو قلت لك ( ال كلناه معاك بط بط طلعته علينا وز وز ) فمهما أضحكتنا من قبل فلا شئ يساوي حزن غيابك و كتاباتك كلها قد تضحكنا للحظة الي ان نكتشف فراقك فيغلبنا التنهد و يوجعنا البكاء .. 

[email protected]