رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين عجز المواطنة وعجز الموازنة (2)

تكلمنا في المقال السابق عن أزمة الحكومة مع عجز الموازنة وكيف تحلها دائما وتعوض العجز علي قفانا.. حتى أصبح محدود الدخل اقرب للفقر وصار أمثالنا من الطبقة المتوسطة من البؤساء في الأرض..

وتوقفنا عند مبلغ تافه تملكه الحكومة ولا يدخل في الميزانية العامة للدولة ويقدر بحوالي تريليون ومائتين وسبعين مليار جنيه.. أي والله 1270 مليار جنيه تم اختفاؤها في خدعة بهلوانية أطلقوا عليها الصناديق الخاصة وهو ما يوازي أربعة أضعاف الميزانية العامة للدولة وتلك الصناديق لا تخضع لأي جهة رقابية لا جهاز مركزي ولا بنك مركزي ولا حتى مفتش تموين من الذين انقرضوا.. صناديق ذات ميزانيات مليارية متروكة في العراء الاقتصادي وكأنها صناديق زبالة لا ينظر إليها احد هي أيضا.. الفرق هنا ان الزبالة تترك لنا في الشوارع أما المليارات فلا يراها الشارع ولا من يعيشون فيه.. وأفضل من يحدثنا عن العالم السفلي للصناديق الخاصة هو صديقي الصحفي الاقتصادي ضياء عبد الحميد وللرجل تحقيق ملهم عن تلك الصناديق نشر في المجلة العزيزة (آخر ساعة) ودار بيننا العديد من الحوارات وعرفت منه معلومات تشل الفيل وتجيب الجلطة للنملة.. فعدد الصناديق الخاصة في المحروسة يصل إلي عشرة آلاف صندوق وأغلبها يتبع جهات سيادية مثل رئاسة الجمهورية ومعظم الوزارات وفي مقدمتها وزارة الداخلية ووزارة العدل بالاضافة الي صناديق الجامعات الحكومية والمستشفيات العامة والمحافظات. ويتم تمويل هذه المليطة الاقتصادية من جيوب المواطنين البسطاء ودم الشعب المصري، حيث تحصل موارد هذه الصناديق من رسوم الطرق والغرامات ورسوم النظافة والدمغات علي البطاقة ورخص القيادة والبناء والمحلات التجارية والورش، ورسوم دخول الأماكن السياحية والرسوم الدراسية بالكليات والمعاهد ورسوم تأمين استخراج اللوحات المعدنية للسيارات حتي تصل إلي تذاكر زيارة المريض في أي مستشفي حكومي وأجرة مواقف السيارات التابعة للأحياء والمحليات..  موارد هذه الصناديق هي باختصار كل ما يدفعه أمثالنا من المغفلين لأي مؤسسة أو هيئة حكومية خلاف الضرائب والجمارك.. الغريب ان الصناديق هي التي تحدد أسعار تلك الخدمات ولا يوجد معيار قانوني لذلك، والأغرب أن قيمة هذه الإيرادات والمصروفات والفوائض موضوعة في أرصدة بنكية  يصعب حصرها ولا تعلم أي جهة بمصر عددها وليس لها لائحة مالية أو إدارية معتمدة من وزارة المالية والمصيبة أن كل هذه الأموال لا تذهب إلي الموازنة العامة للدولة فهي بنك الحظ الذي يحصل منه المسئولون علي ملايين الجنيهات شهريا.. فكل صندوق له رئيس وحبايب ومحاسيب  يحصلون علي نسبة من الصندوق شهريا بداية من كام مليون في الشهر لمعالي الوزير و نزولا الي الحاشية أو

طلوعا لرئيس الجمهورية.. إنها فتة جماعية يشارك فيها الآلاف من رجال الدولة.. المصيبة أن الفتة أشد من القتل و رغم ذلك مازالت الفتة مستمرة ولم يوقف الفت أحد رغم أننا نستدين المليارات من الخارج لسد عجز الموازنة المنكوبة و خذ عندك واحد فتة بالزبادي لوزارة الداخلية وصناديق تقدر ميزانيتها بـ 2 مليار جنيه سنويا وتأتي من عشرات الرسوم التي يدفعها المواطنون في المرور والتراخيص والسيارات والفحوصات السنوية و يتم الصرف منها بالأمر المباشر بين الوزير ومساعديه فأي دولة تلك التي تملك فيها وزارة موازنة بـ 2 مليار سنويا ولا تدخل في ميزانية الدولة ولا تخضع لرقابة الحكومة ليحصل وزير الداخلية و مساعدوه علي مرتبات مليونية كل شهر و الناس تئن من الجوع.. وهناك فتة أخرى تحدث في برنامج التعليم المفتوح بجامعة القاهرة، والتي تحقق دخلا ماليا من هذا البرنامج يقترب من 400 مليون جنيه سنويا ويقال ان رئيس الجامعة يحصل علي مكافأة شهرية من هذا الصندوق تصل إلي 600 ألف جنيه بينما يحصل مدير مركز التعليم المفتوح علي 125 ألف جنيه (كفاح مشرف والله في خدمة التعليم) ولم تخل باقي الجامعات من طبق الفتة فجامعة عين شمس بلغت ميزانية صناديقها في عام واحد 462 مليون جنيه وبعدها جامعة الإسكندرية 334 مليون جنيه وجامعة بني سويف 317.8 مليون جنيه وجامعة المنصورة 175.8 مليون جنيه  ثم جامعة الزقازيق 159 مليون جنيه.. ثم في النهاية يبقى التعليم نقطة سوداء في حياة كل مصري ويبتلع بعض الأساتذة تلك الملايين وهي حق الطلبة المحرومين من أي تطوير تعليمي.. فأين كل ذلك من عجز الموازنة و لماذا لم يتم وقف هذه المهزلة حتى الآن؟