بين عجز المواطنة وعجز الموازنة (2)
تكلمنا في المقال السابق عن أزمة الحكومة مع عجز الموازنة وكيف تحلها دائما وتعوض العجز علي قفانا.. حتى أصبح محدود الدخل اقرب للفقر وصار أمثالنا من الطبقة المتوسطة من البؤساء في الأرض..
وتوقفنا عند مبلغ تافه تملكه الحكومة ولا يدخل في الميزانية العامة للدولة ويقدر بحوالي تريليون ومائتين وسبعين مليار جنيه.. أي والله 1270 مليار جنيه تم اختفاؤها في خدعة بهلوانية أطلقوا عليها الصناديق الخاصة وهو ما يوازي أربعة أضعاف الميزانية العامة للدولة وتلك الصناديق لا تخضع لأي جهة رقابية لا جهاز مركزي ولا بنك مركزي ولا حتى مفتش تموين من الذين انقرضوا.. صناديق ذات ميزانيات مليارية متروكة في العراء الاقتصادي وكأنها صناديق زبالة لا ينظر إليها احد هي أيضا.. الفرق هنا ان الزبالة تترك لنا في الشوارع أما المليارات فلا يراها الشارع ولا من يعيشون فيه.. وأفضل من يحدثنا عن العالم السفلي للصناديق الخاصة هو صديقي الصحفي الاقتصادي ضياء عبد الحميد وللرجل تحقيق ملهم عن تلك الصناديق نشر في المجلة العزيزة (آخر ساعة) ودار بيننا العديد من الحوارات وعرفت منه معلومات تشل الفيل وتجيب الجلطة للنملة.. فعدد الصناديق الخاصة في المحروسة يصل إلي عشرة آلاف صندوق وأغلبها يتبع جهات سيادية مثل رئاسة الجمهورية ومعظم الوزارات وفي مقدمتها وزارة الداخلية ووزارة العدل بالاضافة الي صناديق الجامعات الحكومية والمستشفيات العامة والمحافظات. ويتم تمويل هذه المليطة الاقتصادية من جيوب المواطنين البسطاء ودم الشعب المصري، حيث تحصل موارد هذه الصناديق من رسوم الطرق والغرامات ورسوم النظافة والدمغات علي البطاقة ورخص القيادة والبناء والمحلات التجارية والورش، ورسوم دخول الأماكن السياحية والرسوم الدراسية بالكليات والمعاهد ورسوم تأمين استخراج اللوحات المعدنية للسيارات حتي تصل إلي تذاكر زيارة المريض في أي مستشفي حكومي وأجرة مواقف السيارات التابعة للأحياء والمحليات.. موارد هذه الصناديق هي باختصار كل ما يدفعه أمثالنا من المغفلين لأي مؤسسة أو هيئة حكومية خلاف الضرائب والجمارك.. الغريب ان الصناديق هي التي تحدد أسعار تلك الخدمات ولا يوجد معيار قانوني لذلك، والأغرب أن قيمة هذه الإيرادات والمصروفات والفوائض موضوعة في أرصدة بنكية يصعب حصرها ولا تعلم أي جهة بمصر عددها وليس لها لائحة مالية أو إدارية معتمدة من وزارة المالية والمصيبة أن كل هذه الأموال لا تذهب إلي الموازنة العامة للدولة فهي بنك الحظ الذي يحصل منه المسئولون علي ملايين الجنيهات شهريا.. فكل صندوق له رئيس وحبايب ومحاسيب يحصلون علي نسبة من الصندوق شهريا بداية من كام مليون في الشهر لمعالي الوزير و نزولا الي الحاشية أو