حكايات من تاريخ مصر
يصدُق المثل القائل «مَن شابه أباه فما ظلم» تماماً على الخليفة الظاهر بن الخليفة الحاكم بأمر الله فى لوثته وجموحه وتوحشه.
لقد حكم هذا الخليفة ستة عشر عاماً بعد الاختفاء المُريب للحاكم بأمر الله فى جبل المقطم إثر نُزهة ليلية. وكان من الممكن أن يطول ذلك الاختفاء تحت دعوات مشبوهة لدُعاة متطرفين استعان بهم الحاكم لتأليهه تزعم غيابه عن الدُنيا بسبب شرور أهلها، لولا أن حاشية الخليفة وجدوا بعد عدة ليال ملابسه مُلقاة فى المُقطم وعليها دماء، مما دفعهم للتيقن من اغتياله.
ولفترة وجيزة سيطرت شقيقته ست الملك التى اتهمها المؤرخون بتدبير اغتياله على الحكم الذى آل اسمياً إلى ابنه الظاهر بالله. وبعد موت ست الملك كان الظاهر بالله قد بلغ العشرين من عمره، لكنه لم ينفرد مثل أبيه بحكم مصر، إذ سيطر على الحكم ثلاثة من كبار الحاشية، وتركوا الظاهر لحياة الترف والبذخ حتى انتشرت المجاعة رويداً وسادت الفتن.
ومما يرويه المقريزى عن الخليفة الظاهر الذى ظل فى سدة الحكم طيلة ستة عشر عاماً أنه كان مُحباً للهو والغناء والرقص، وفى يوم من الأيام قرر إقامة حفل يكون حديث الناس إلى الأبد، وأعلن عن ذلك ودعا كافة الجوارى
وماتت فى تلك الواقعة - بحسب المؤرخين المعاصرين - نحو 2660 فتاة ولم يتم إزالة الجدران إلا بعد مرور ستة أشهر ليجدوا هياكل عظمية للجوارى اللاتى وئدهن أحياء.
ويبدو أن انتقام الله من ذلك الطاغية جاء سريعا حيث لم يمر وقت طويل على الواقعة المشئومة، حتى أصيب الخليفة الظاهر بالله نفسه بوباء خطير، ومات فى شهر شعبان عام 427 هجري/ يونية 1036 ميلادية وعمره لم يتجاوز الثانية والثلاثين.