رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نصف رجل يحكم مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

لا يُذكر كافور الأخشيدى على مسامع الأدب إلا مقترنا بصفات ذميمة، وعِبر مُنكرة جراء قصيدة هجاء شنيعة نظمها الشاعر الأشهر أبو الطيب المتنبى قبل ساعات من رحيله من مصر. كانت بعض أبيات القصيدة تقول عن كافور إنه عبد خصى، يُضرب بالعصا، ولا يعرف مكرمة ولا خير، وأنه أسود، وغبى لا يعيى شيئا حتى أن تجار العبيد رفضوا شراءه بفلسين نظرا لعدم قيمته.

والمتنبى يقول عنه: «مَن علم الأسود المخصى مكرمة - أقومه البيض أَمْ آباؤه السودُ - أَمْ أذنه فى يد النخاس دامية - أَمْ قدره وهو بالفلسين مردودُ - لاتشترى العبد إلا والعصا معه / إن العبيد لأنجاسِ مناكيدُ»

والواقع أن تلك الصفات التى فبركها الشاعر الشرير بعيدة تماما عن الواقع، وتكاد لا تتفق معه سوى فى أمر واحد هو أن كافور هو الخصى الوحيد الذى تولى حكم مصر.

لقد عرفت مصر حكم النساء منذ عهد الفراعنة، ثُم الرومان، وأخيرًا فى العهد المملوكى، لكنها المرة الوحيدة التى حكم فيها مصر خصى كانت عند وفاة محمد بن طغج الاخشيد الحاكم القوى والذكى.

لقد حرم ذلك العبد صغيرًا من الرجولة ليأمن مالكه منه على حريمه، وهو ما كان معتادا فى ذلك الزمن، ثُم اشتراه محمد بن طغج الأخشيد والى مصر كخادم له ولأبنائه، وعندما توفى الأخشيد حاكم مصر، تم اختيار ابنيه أبو القاسم أونوجور، وأبو الحسن على مكانه واحدا تلو الآخر، لكن فى ظل

وصاية استاذهما ومربيهما كافور الذى اضاف إلى اسمه لقب الاخشيدى .

وهكذا منح كافور الحاكمين الاسميين حياة مترفة وأموالًا وفيرة ومتاعًا عظيمًا، لكنه ظل الحاكم الحقيقى لمصر، وقد طال ذلك لنحو ما يقرب العشرين عاما توفى خلالها الابن الأكبر للاخشيد، ثم لحقه شقيقه فى ظروف مريبة، وهُنا لم يجد الخليفة العباسى بدا من اعلان كافور حاكمًا على مصر ودعا له على المنابر.

ورغم الصاق المتنبى بكافور صفة البخل، فإن المؤرخين يتحدثون باستفاضة عن كرمه وأدبه، حتى إنًّ أحد الشعراء استغل تكرار حدوث زلازل فى مصر ليعتبر ذلك فرحا لمصر بحكم كافور، وقال شعرًا بهذا المعنى أعجب به كافور ومنحه ألف دينار مكافأة.

ويذكر المؤرخون أن هذا الخصى الذى صار حاكما على مصر كان نهما وأكولا حتى أنه كان يأمرهم باعداد مائة خروف، ومائتين وخمسين أوزة و500 دجاجة، والف حمامة، ومائة جرة من الحلوى، كل يوم له ولحاشيته. ويُقال إَّن الرجل كان عاشقا للنبيذ.