رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شاهد.. «دلال» مسحراتية نيولوك لأبناء الذوات وولاد البلد

دلال مسحراتية المعادي
دلال مسحراتية المعادي

ترتبط مهنة "المسحراتي" بشكل حصري بشهر رمضان الكريم وهي قديمة، فقد ظهرت بعد فرض الصيام على المسلمين، وقيل إن أول مسحراتي في التاريخ كان بلال بن رباح مؤذن الرسول، حيث كان يطوف الشوارع والطرقات وينادي بصوته العذب ليوقظ الناس للسحور.

واستمر المسحراتي حتى وقتنا هذا، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من التراث الإسلامي العربي.

وللمسحراتي دورٌ مهم في المجتمعات الإسلامية خاصة في مصر، فهو يأخذ على عاتقه مسئولية إيقاظ المسلمين في السحر قبيل أذان الفجر ، فيجوب الشوارع بطبلته الشهيرة مرددًا العبارات التراثية "إصحى يا نايم.. وحّد الدايم" ليوقظ المسلمين من أجل  تناول طعام السحور، ومن هنا سُمّي "المسحراتي".

ارتبطت هذه المهنة بالرجال فقط فترة طويلة من الزمن، وأرجع البعض هذا الارتباط إلى مشاق المهنة، وظلمة الليل، تلك العوامل التي لا توفر الأمان لغير الرجال حال العمل بمثل هذه المهنة.

 لكن السيدة "دلال" تقدم أنموذجا مختلفًا ومغايرًا حيث تضرب بهذه المشاق والمخاوف عرض الحائط، وتثبت للمجتمع قدرة المرأة على العمل بأيّ مهنة مهما بلغت صعوبتها.

 

دلال المسحراتية

 اسمها دلال عبدالقادر خفاجة، عمرها سبعة وأربعون عامًا، عملت "مسحراتي" لمدة سبع سنوات في منطقتي ميدان دجلة وشارع "77" بالمعادي طوال شهر رمضان الكريم.

سرنا معها، وهي تنادي: "إصحي يا نايم.. وحّد الرزاق .. سحورك يا حسن.. سحورك يا محمود.. يا علي وياسين.. السحور يا حبايبي وحبايب رمضان".

 

بداية الحكاية

"بدأت حكايتي بعد وفاة أخي أحمد الذي عمل  "مسحراتي" لمدة 21 عامًا، اختص فيها بمنطقة دجلة من طرة حتى شارع فايدة كامل"..

 بهذه العبارة بدأت دلال حديثها معنا عن عملها بمهنة مسحراتي، وأكملت: "أخذت على عاتقي أنا وأخي الثاني مهمة إكمال ما بدأه أخي أحمد، و شاءت الأقدار أن يتركني أخي الثاني ويترك الدنيا كلها منذ عام، ولم يتبق لي إلا أخت واحدة من أسرة كانت مكونة من خمسة أفراد، ولذلك لم أرض لهذه المهنة أن تختفي، فالمسحراتي بالنسبة لي مصدر سعادة، ولا تقتصر المهنة على إيقاظ الناس للسحور، بل تمتد لنشر السعادة بينهم، ومساعدة المحتاج منهم قدر المستطاع، والحفاظ على هذا التراث الإسلامي من الاندثار".

تضيف السيدة دلال أنها لا تقوم بالتسحير يوميًا، لأسباب صحية ولكنها تعمل يومًا وتستريح آخر.

هاجمتني امرأة !

وعن ردود أفعال الآخرين تجاه المهنة التي تمارسها قالت:"العجيب في الأمر أن من هاجمني في بداياتي كانت امرأة مثلي، وقالت لي كيف تقومين برفع صوتك، وأنت تعلمين أن صوت المرأة عورة! ولماذا هذه المهنة تحديدًا وهناك رجال يقومون بها؟، وكان ردّي عليها: هناك من النساء من هنّ أفضل من مائة رجل مجتمعين، وإذا كان صوتي لا يعجبك فلا تسمعيه، فسرعان ما تقهقرت هذه المرأة، ولم أجد من بعدها إلا من يشجعني على الاستمرار على مدار السنوات السبع التي قضيتها في هذا المجال".

ترى دلال أن مهنة المسحراتي لم تنقرض ولن تنقرض لكنها لا تظهر وسط "زحمة" الحياة اليومية،وترفض إطلاق لفظة "مهنة" علي ما يقوم به المسحراتي وتراه أقرب لـ "عادة سنوية تهدف إلى إسعاد الناس والتمسك بالتراث الإسلامي،وهي تنبع من الحب لا من الربح، كما أنها مؤقتة لا يعتمد عليها الدخل الشخصي للفرد، لذلك اسميها هواية ومتعة وعادة رمضانية جميلة من التراث الإسلامي الخاص بنا".

 

مناطق مختلفة

ومضت دلال في حديثها تقول: "أقوم بتسحير الناس في منطقتين مختلفتين تمامًا عن بعضهما، فالمنطقة الأولى تبدو خالية من الحياة وكأنها مدينة أشباح وهي منطقة راقية، أما الثانية فهي منطقة شعبية نابضة بالحياة مليئة بالدفء، لا أكاد أضع قدمًا فيها حتى يلتف حولي الأطفال مطالبين إياي بأن أنادي على أسمائهم.

وتضيف أن" المناطق الشعبية هي أفضل المناطق التي نستشعر فيها روعة رمضان لتقارب أهلها وتلاحمهم، مما يشعرنا بدفء شهرالصيام، ونجد دائمًا الخير والرزق في المناطق الشعبية، كذلك يقوم سكان تلك المنطقة بتسحيري فهناك من يعطيني الطعام وهناك من يعطيني العصير وغيرها".

 

حب المهنة

وتقول :"لن أدرّب أحدًا من بعدي لأن هذه المهنة لا تحتاج لتدريب فهي تقوم على الحب، فمن أراد العمل بها لن يحتاج إلا حبه للمهنة وحبه للناس من حوله.

وارتسمت ابتسامة على وجهها وهي تقول: "أقوم بهذه المهنة لأساعد بها الناس من خلال نشر البهجة والسعادة بينهم"

أما العائد المادي الذي أتحصل عليه طوال الشهر، فأقوم بإنفاقه على عدة نواحي منها:المشاركة بنسبة صغيرة في موائد الرحمن أو"كسوة" أدخل بها السعادة على طفل من أطفال أخوتي، هذه الأشياء تحدث سعادةً كبيرةً عند الناس على الرغم من صغرها".

وتشير إلى أن :" مهنة المسحراتي ذات دخلٍ جيد ولكن إذا تمت مقارنته مع الإجهاد البدني والجهد المبذول فهو دخل لا يكاد يذكر.. هذه المهنة مربحة جدًا ولكن في مجال التجارة مع الله فقط فأنا أقوم بهذا لأجد شيئًا في الآخرة، وأتمني أن تستمر هذه المسيرة بعد وفاتي ويأتي من يكمل من بعدي المشوار".

وداعًا رمضان

وعبرت "دلال" عن حزنها الشديد لقرب انقضاء شهر الصوم فقالت: "طوال العام تأخذني أمواج الحياة ذهابًا وإيابًا ولكن في هذا الشهر الكريم أغسل ذنوبي وأقوم بشحن ما أفرغته الدنيا خلال عام.

 وعلى الرغم من حزني الشديد لمفارقة رمضان فإني أشعر بالراحة الشديدة لإحيائي وحفاظي على استمرارية ما كان يقوم به أخي المرحوم كل عام، كما حافظت على تراث إسلامي مهم من الاندثار، كذلك على قدر استطاعتي أساعد الناس المحتاجين بما يكرمني به الله من خلال هذه المهنة".

 

الأغاني القديمة

ونمضي مع السيدة دلال في شوارع المعادي وهي تغني الأغانى القديمة التي تشعرك بمذاق رمضان الحلو، مثل "الطبل طبلي والدق على طبلي.. ناس قبلي قالوا في الأمثال.. الرجل تدب مطرح ما تحب.. وأنا صنعتي مسحراتي ف البلد جوال".

كما تغني :  "يا ولاد حارتنا إتلموا إتلموا.. شوفوا رمضان شوفوا خفة  دمه .. بر وتقوي مدفع يضرب .. طبلة ف عز الليل بتقول.. تن تتن تن تن.. علي حسها الأحباب يتلموا .. شوفوا رمضان شوفوا خفة دمه".

وتغني:"رمضان كريم ويحب كل كريم ..  إصحي يا نايم وحد الرزاق".

رسالة للمصريات

كما وجهت رسالة للنساء فقالت:"رسالتي لنساء مصر انزلن وساعدن في موائد الرحمن ستشعرن بالسعادة والراحة وهذا نابع من فعل الخير بدون مقابل، أو لتذهب واحدة منكن وتقوم بتنظيف الجامع للمصلين، أو تشارك في تحضير.

 

إهداء للرئيس 

 وعبرت دلال عن تمنيها لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي: "أتمنى أن أقابل الرئيس، وأنحني له شكرًا لما قام به من أجلنا من خدمات، يكفينا الأمن الذي نشعر به، وأننا نستطيع أن نمشي في الشارع بمنتهى الأمان، رافعين رؤوسنا، فخورين بمصريتنا، وأنا أسير في شوارع مظلمة، ولكن هذا لا يشعرني بالخوف، لأني أثق في الرئيس عبدالفتاح السيسي، وفي حمايته لنا".

وتختم دلال حديثها معنا بإهداء هذه الكلمات للرئيس السيسي: "يا ولاد بلدي..  يا ولاد بلدي ..أنا هتكلم كده بالبلدي..  بقي بالبلدي إحنا يا جدعان.. ثورتنا ثورة جدعان..  جدعان سمر في عز العمر.. قاسوا وتعبوا وشربوا المر..  لكن قد ما تعبوا كتير حققوا نصر وعزم كبير.. وده كله بعزم وتقدير.. وده كله بعزم وتقدير.. السيسي .. السيسي نوارة بلدي".