رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجامع الكبير.. «أَحْكَامُ زَكَاةِ الفِطْرِ»

بوابة الوفد الإلكترونية

د. محمد سعيد رسلان

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ _.

أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ شَرَعَ اللهُ تَعَالَى لَنَا فِى خِتَامِ شَهْرِنَا هَذَا -شَهْرُ رَمَضَان- أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ الفِطرِ قَبْلَ صَلَاةِ العِيدِ.

* فَأَمَّا حُكْمُهَا:

فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ _ عَلَى المُسْلِمِينَ، عَلَى الكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَالذَّكَرِ وَالأُنثَى، وَالحُرِّ وَالعَبدِ مِنَ المُسلِمِينَ.

قَالَ عَبدُ اللهِ بنِ عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ _  زَكَاةَ الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ». وَالحَدِيثُ فِى «الصَّحِيحَيْنِ».

*وَيَجِبُ إِخْرَاجُهَا عَن نَفْسِهِ، وَعَمَّنْ تَلزَمُهُ مَئُونَتُهُم مِن زَوْجَةٍ أَوْ قَرِيبٍ؛ إِذَا لَمْ يَستَطِيعُوا إِخْرَاجَهَا عَنْ أَنْفُسِهِم، فَإنْ اسْتَطَاعُوا فَالْأَوْلَى أَنْ يُخرِجُوهَا عَنْ أَنْفُسِهِم؛ لِأَنَّهُم المُخَاطَبُونَ بِهَا أَصْلًا.

*وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ وَجَدَهَا فَاضِلَةً زَائدَةً عَمَّا يَحتَاجُهُ مِنْ نَفَقَةِ يَومِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ.

* وَحِكمَةُ صَدَقَةِ الفِطْرِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا:

*فَفِيهَا إِحْسَانٌ إِلَى الفُقَرَاءِ، وَكَفٌّ لهُم عَنِ السُّؤالِ فِى يَومِ العِيدِ؛ لِيُشَارِكُوا الأَغنِيَاءَ فِى فَرَحِهِم وَسرُورِهِم بِهِ، وَلِيَكُونَ عِيدًا لِلْجَمِيعِ.

*وَفِيهَا الاتِّصَافُ بِخُلُقِ الكَرَمِ وَحُبِّ المُوَاسَاةِ.

*وَفِيهَا تَطْهِيرُ الصَّائِمِ مِمَّا يَحصُلُ فِى صِيَامِهِ مِنْ نَقصٍ وَلَغْوٍ وَإِثْمٍ.

*وَفِيهَا إِظْهَارُ شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ بِإِتْمَامِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ، وَفِعْلِ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ فِيهِ.

* وَجِنْسُ الوَاجِبِ فِى الفِطرَةِ -أَى: فِى صَدَقَةِ الفِطْرِ-:

 هُوَ طَعَامُ الآدَمِيِّينَ مِن تَمرٍ، أَو بُرٍّ، أَو أُرْزٍ، أَو زَبِيبٍ، أَو أَقِطٍ -وَهُوَ اللَّبَنُ المُجَفَّف الَّذِى لَمْ تُنزَع زُبدَتُهُ- إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنْ طَعَامِ بَنِى آدَمَ.

فَعَن ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ _ زَكَاةَ الفِطرِ مِن رَمَضَانَ صَاعًا مِن تَمرٍ، أو صَاعًا مِن شَعِيرٍ -وَكَانَ الشَّعِيرُ يَومَ ذَاكَ مِن طَعَامِهِم-» كَمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: «كُنَّا نُخرِجُ يَومَ الفِطرِ فِى عَهدِ النَّبِيِّ _ صَاعًا مِن طَعَامٍ، وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالأقِط وَالتَّمرَ». وَهَذَا أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ فِى «الصَّحيح».

الصَّاع: أَربَعَةُ أَمدَادٍ، وَأَمَّا المُدُّ: فَحَفنَةٌ بِكَفَّيِ الرَّجُلِ المُعتَدِلِ الكَفَّينِ.

أَربَعَةُ أَمْدَادٍ صَاعٌ؛ فَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ.

المُدُّ أَنْ تَأخُذَ بِكَفَّيكَ مِلأَهُمَا؛ فَهَذَا مُدٌّ -أَربَعَةُ أَمدَادٍ صَاعٌ-.

صَاعٌ بِصَاعِ النَّبِيِّ _ الذِى يَبلُغُ وَزنُهُ بِالمَثَاقِيلِ أَربَعَ مِئةٍ وَثَمَانِينَ مِثقَالًا مِنَ البُرِّ الجَيِّدِ، وَبِالجِرَامَاتِ يَبلُغُ ((كِيلُوَينِ اثنَين وَأَربَعِينَ جِرَامًا)) مِنَ البُرِّ الجَيِّدِ.

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعرِفَ الصَّاعَ النَّبوِيَّ فَلَيَزِن كِيلُوَينِ وَأَربَعِينَ جِرَامًا مِنَ البُرِّ، وَيَضَعَهَا فِى إِنَاءٍ بِقَدرِهَا بِحَيثُ تَملَؤهُ ثُمَّ يَكِيلُ بِهِ.

يَكِيلُ بِهِ بَعدَ ذَلِكَ مَا يُخرِجُهُ مِنْ أُرزٍ، أَو مِنْ أَقِطٍ، أَو مِنْ دَقِيقٍ، أَو مَا أَشبَهَ مِنْ طَعَامِ بَنِى آدَم؛ المُهِم أَنَّهُ صَارَ عِندَهُ صَاعُ رَسُولِ اللهِ  _.

*وَلَا يُجزِئُ إِخرَاجُ قِيمَةِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ _ وَقَد ثَبَتَ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». أخرَجَهُ مُسلِمٌ فِى «الصَّحِيحِ».

 وَرَدٌّ أَى: مَردُودٌ؛ لِأَنَّ إِخرَاجَ

القِيمَة مُخَالِفٌ لِرَسُولِ اللهِ، وَمُخَالِفٌ لِأَصحَابِ رَسُولِ اللهِ؛ فَقَد كَانُوا يُخرِجُونَهَا صَاعًا مِن طَعَامٍ، وَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ _: «عَلَيكُم بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ مِن بَعدِى».

* وَوَقتُ وُجوبِ الفِطرَةِ:

غُرُوبُ الشَّمسِ مِن لَيلَةِ العِيد؛ فَمَن كَانَ مِن أَهلِ الوُجُوبِ حِينَذَاك وَجَبَت عَلَيهِ، وَإِلَّا فَلَا.

* وَأَمَّا زَمَنُ دَفعِهَا: فَلَهُ وَقتَان، وَقتُ فَضِيلَةٍ، وَوَقتُ جَوَازٍ.

*أَمَّا وَقتُ الفَضِيلَة: فَهُوَ صُبحُ يَوم العِيدِ قَبلَ الصَّلَاة؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: «أَنَّ النَّبِيَّ _ أمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ». رَوَاهُ مُسلِمٌ.

*وَأَمَّا وَقتُ الجَوَازِ: فَهُوَ قَبلَ العِيدِ بَيَومٍ أَو يَومَين.

 عِندَ البُخَارِيِّ فِى «الصَّحِيحِ» عَن نَافعٍ قَال: «كَانَ ابنُ عُمَرَ يُعطِى عَنِ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُعطِى عَن بَنِيَّ،  وَكَانَ يُعطِيهَا الَّذِينَ يَقبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أَو بِيَومَين».

 وَلَا يَجُوزُ تَأخِيرُهَا عَن صَلَاةِ العِيد؛ فَإِنْ أَخَّرَهَا عَن صَلَاةِ العِيدِ بِلَا عُذرٍ لَمْ تُقبَل مِنهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ  -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «مَن أَدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَن أَدَّاهَا بَعدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ».

* وَمَكَانُ دَفعِهَا:

تُدفَعُ إِلَى فُقَرَاءِ المَكَانِ الَّذِى هُوَ فِيهِ وَقتَ الإِخرَاجِ؛ سَوَاءٌ كَانَ مَحَلّ إِقَامَتِهِ أَو غَيرهِ مِنْ بِلَادِ المُسلِمِينَ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مَكَانًا فَاضِلًا كَمَكَّةَ وَالمَدِينَةَ، أَو كَانَ فُقَرَاؤُهُ أَشَدَّ حَاجَةً؛ فَإِنْ كَانَ فِى بَلَدٍ لَيسَ فِيهِ مَنْ يَدفَعُ إِلَيهِ، أَو كَانَ لَا يَعرِفُ المُستَحِقِّينَ فِيهِ؛ وَكَّلَ مَنْ يَدفَعُهَا عَنهُ فِى مَكَانٍ فِيهِ مُستَحِق.

*وَالمُستَحِقُّونَ لِزَكَاةِ الفِطرِ:

هُم الفُقَرَاءُ -الفقراءُ المَسَاكِينُ كَمَا بَيَّنَهُم رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: «طُعمَةً لِلمَسَاكِين».

مُجْتَمَعٌ مُتَكَافِلٌ، هَذَا هُوَ الْمُجْتَمَعُ الَّذِى أَرَادَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِإِنْشَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ _ وَبِبَعْثَةِ رَسُولِ اللهِ، لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَا وُجِدَ فِى الْأَرْضِ مُحْتَاجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.