رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الشيخ أحمد ربيع : نهضة التعليم والبحث العلمى هى البداية الحقيقية لحل مشاكلنا

الشيخ أحمد ربيع الباحث
الشيخ أحمد ربيع الباحث فى التاريخ والنهج الأزهرى

 

حوار - صابر رمضان:

أكد الشيخ أحمد ربيع الأزهرى، الباحث فى التاريخ والمنهج الأزهرى من علماء الأزهر وأئمة الأوقاف صاحب العمل الموسوعى، من المواقف الخالدة لعلماء الأزهر الشريف وصاحب الأطروحات والمبادرات الفكرية الصانعة للأمل والناشرة لثقافة الحب والتعايش والحوار أننا فى السنوات الأخيرة تعرضنا لعملية اقتلاع لهويتنا من الجذور، لذا يجب أن نحافظ على هويتنا وتغلق الباب على التغريبيين من التلاعب بها، مؤكدًا أن هناك تحديات تواجه العقل المفكر فى الأمة وعلى رأسها تأسيس ثلاثة أنواع من الفقه الأول: فقه الإحياء والثانى فقه الائتلاف والثالث فقه الريادة، وهذه الأنواع الثلاثة تعمل على إعادة الحياة للجسد المسلم ووضع رؤية لإعادة بنائه وتماسكه والقضاء على بؤر الصراع التى انتشرت بين ربوعه وإيقاف نزيف الدم من جروحه وتنشيط هذا العقل بإحياء ذاكرته الحضارية، وإعادة الثقة للذات المسلم، وأشار «الأزهرى» إلى أن الغرب بخوفه من الإسلام يتحمل تبعات جهله به وبثقافة الكراهية التى بثها مفكروهم وصناع الرأى العام هناك، «الوفد» التقت الداعية الشاب لتتعرف على آرائه وأطروحاته فى قضايا عدة، فماذا قال؟!

 

> الأمة الإسلامية تعيش حلقة من حلقات ضعفها وهذا لا ينكره أحد.. ما السبيل نحو النهوض والريادة مرة أخرى وهل من خارطة طريق فى هذا الشأن؟

- بناء على استقراء لمفاتيح الوحى التى تجلت فى أول آيات نزلت فى القرآن نستطيع أن نستنبط أن خارطة طريق النهوض بهذه الأمة تعتمد على ثلاث ركائز: الركيزة الأولى محورية الإنسان، والركيزة الثانية مركزية العلم، والركيزة الثالثة منظومية القيم، وعليه فيجب أن نستثمر فى الإنسان وفى تنميته، وصناعة عقله صناعة متقنة، وأن ندرك أن الاستثمار فى الإنسان أولى من البنيان وأن الاستثمار فى البشر أولى من الحجر، كما يجب أن ندرك أن واقعنا بكل مشكلاته وتعقيداته هو نتيجة لتخلفنا العلمى وأننا نعيش ثقافة المستهلك وليس المنتج، وعليه يجب أن نجعل قضية التعليم قضية أمن قومى وأن نهضة التعليم والبحث العلمى فى البلاد هى البداية الحقيقية لحل كل مشكلاتنا، كما أن الاستثمار فى القيم هو السبيل للحفاظ على هذا المجتمع من التحلل اجتماعياً وأخلاقياً، فلا بد أن ننشغل ببناء القيم ونحافظ على نظام الأسرة والأخلاق، لأن بناء الأمم ببناء القيم، ويا ليتنا نؤسس لقيم البناء وقيم البقاء وقيم النقاء وقيم التقدم والارتقاء فى مجتمعنا من خلال وسائل الإعلام ومناهج التعليم... إلخ.

وهذه الرؤية تخرج للنور بصناعة بنوك للأفكار والإدارة بالأولويات وبناء حضانات للتكنولوجيا وأودية للعلوم وأن نربط الصناعة بالبحث العلمى وأن نجعل التعليم مرتبطاً بتطور العلم من ناحية واحتياجات السوق من ناحية أخرى.. وأن نتوسع فى إنشاء المدارس والمعاهد والكليات التى تهتم بفروع العلم الحديثة من علوم النانو والمواد والفضاء والبيئة والطاقة النظيفة والمتجددة وعلوم المستقبل... إلخ

> برأيكم.. ما أهم القضايا الشائكة والمفاهيم المنحرفة والأطروحات الفكرية المدمرة لأمتنا الآن؟

- أهم قضية شائكة هى مفهوم الهُوية والحفاظ على هُوية الأمة، لأننا فى السنوات الماضية تعرضنا لعملية اقتلاع لهويتنا من الجذور، لذلك يجب أن نحافظ على هويتنا ونغلق الباب على التغريبين من التلاعب بها، كما أن أطروحات الحداثة البعيدة عن نموذجنا المعرفى أمر ينذر بالخطر، كما أن التلاعب بالنصوص الشرعية من خلال تأويلها تأويلات بعيدة عن مراد الشارع ومقاصد الشريعة أمر مدمر، بالإضافة لدعاة التفكيكية والفوضى الخلاقة والذوبان فى النظام الكونى الجديد والذى تتلاشى معه الحواجز ليس فقط الحواجز الزمانية والمكانية بل والقيمية والأخلاقية.. فالاستعمار الآن ليس احتلالاً عسكرياً بل هو نموذج معرفى يروج له- من خلال وسائل التواصل والاتصال الحديثة- على أنه المنتصر.. يقتلعنا من جذورنا الحضارية ويجعلنا مهزومين فكرياً ومعرفياً ولا يوجد عند ذلك إلا تقليد نموذجهم لأن المهزوم دائماً مولع بتقليد المنتصر؟!

> ما أبرز التحديات التى تواجه العقل المفكر فى الأمة لتحقيق ما ذكرتم من خارطة طريق للنهوض والتقدم والقضاء على هذه الأطروحات الفكرية المدمرة؟

- توجد عدة تحديات ويأتى على رأس هذه التحديات تأسيس ثلاثة أنواع من الفقه، الأول: «فقه الإحياء»، والثانى: «فقه الائتلاف»، والثالث: «فقه الريادة» وهذه الأنواع الثلاثة تعمل على إعادة الحياة للجسد المسلم ووضع رؤية لإعادة بنائه وتماسكه والقضاء على بؤر الصراع التى انتشرت بين ربوعه وإيقاف نزيف الدم من جروحه، وتنشيط هذا العقل بإحياء ذاكرته الحضارية، وإعادة الثقة للذات المسلمة وأنها قادرة على الريادة والتأثير ليس فى محيطها العربى والإسلامى فقط، بل فى المحيط الإنسانى، وكيف يسهم هذا العقل المسلم فى انتقال الأمة من مرحلة التوقف الحضارى إلى مرحلة الاستئناف الحضارى ثم الانطلاق نحو الريادة الحضارى، ويتأسس بهذه الأنواع رؤية متكاملة للتعاون والتفاعل والتكامل الاقتصادى والعلمى والعسكرى بين المسلمين وإدارة الخلاف وتأسيس قيم الائتلاف، كما أن هناك تحديًا آخر متعلقًا بالآخر الذى أسس رؤيته لنا على نظرية صدام الحضارات، كما أنه يغزى بقوة من خلال وسائل إعلامه ظاهرة الإسلام فوبيا؟

> بعد هذا الطرح للنهوض بواقع الأمة.. ما رأى فضيلتكم فى منظومات التعليم فى عالمنا العربى والإسلامى كمسلك للتقدم والرقى وكإحدى ركائز النهوض كما ذكرت؟

- لا بد من مراجعة منظومات التعليم فى العالم العربى والإسلامى ويجب أن نبتعد عن أى عملية إصلاح شكلية مؤقته أو إصلاح تجميلى لأساليبه وطرائقه بل يجب أن توضع رؤية وخريطة طريق تنفيذية لإصلاح جميع جوانب النظام التعليمى والفلسفة التى يعتمد عليها، وأن ننتقل من تعليم مبنى على تحصيل المعرفة الهشة والمعلومات لا العلم إلى تعليم مبنى على تثمير الحكمة، ويكون هدفه الإحياء للأحياء، كما يجب أن نجعل من البحث العلمى والاستثمار فى العقول والتكامل العلمى والتماسك القيمى طريقنا الوحيد نحو الريادة فى المستقبل.

> العلاقة المتوترة بين الإسلام والغرب.. من يتحمل أسبابها؟

- الغرب بخوفه من الإسلام يتحمل تبعات جهله به وبثقافة الكراهية التى بثها مفكروهم وصناع الرأى العام الذين تربطهم بدوائر تعتبر الإسلام هو الخطر على الغرب بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، لأنهم يعرفون عظمة الإسلام ومدى قوته وأبعاده، لكن خوفهم من المسلمين نتحمل نحن تبعاته، لأننا قدمنا الإسلام بنماذج شوهت عطاءه الحضارى ونموذجه المعرفى وشريعته الغراء.

> ما الاستراتيجية التى يجب أن تُتبع لإيصال الصورة الحقيقية للإسلام لدى الغرب؟

- يجب أن ندرك أن الهدف هو الوصول إلى الشعوب الغربية لأنها هى التى تتعرض لغسيل مخ صباح مساء لتشويه الإسلام، ويجب أن تلعب الجاليات المسلمة فى هذه البلدان الدور الأهم، لأن الغرب يرى الإسلام فى سلوكهم ويحكم على الإسلام بأفعالهم، كما يجب إعادة تقييم دور المراكز الإسلامية فى الغرب، وأقترح على الأزهر الشريف أن يدعو مسئولى وأئمة هذه المراكز إلى ورش عمل وحلقات نقاش ومؤتمرات لتفعيل دورها وتحديد أولوياتها ووضع منهج متكامل لعملها، بالإضافة لعمل دورات تدريبية لأئمة هذه المراكز فى رحاب الأزهر على المنهج الصحيح المعبر عن روح الإسلام ومقاصده البعيدة عن الغلو والتطرف والإرهاب والمراعى لتغير الزمان والمكان والأحوال، كما أتمنى أن ينهض الأزهر ويشاركه المحبون لنشر قيم الإسلام السمحة بعمل مركز الأزهر العالمى للتعايش والسلام فى بروكسل عاصمة الاتحاد الأوربى ليكون مركزًا لتدريب

الأئمة فى الغرب ومرصدًا لأحوال المسلمين هناك وصورة الإسلام ويقدم الحلول لمشكلاتهم ويدفع عن الإسلام الفهوم السقيمة والأطروحات المتشددة ويقدم الإسلام بصورته النقية التى نزلت على الحبيب صلى الله عليه وسلم وعندها سوف يدخل الناس فى دين الله أفواجاً.

وأخيراً يجب أن ندرك أهمية تأهيل جيل جديد من الدعاة الذين يجمعون بين الأصالة والمعاصرة يكونون رسل سلام ومفاتيح هداية للرسالة الإسلام فى المجتمعات الغربية، كما أؤكد أهمية التواجد على شبكات التواصل على الإنترنت وأن نقدم مواد تعريفية وتثقيفية تبرز جمال ونقاء وروعة الإسلام، كما يجب إنشاء صندوق مالى فى هذا الشأن تسهم فيه الدول الإسلامية والعربية لينهض بمبادرات وحملات تعريفية وترويجية فى الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت والشوارع وعلى الحافلات ومحطات المترو فى الغرب لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والقضاء على ظاهرة الإسلام فوبيا.

> ما رأيك فى الدعاوى التى تنادى بحذف بعض آيات القرآن فى الغرب؟!

- هذا مكمنه أمران، الأمر الأول: جهلهم بنموذجنا المعرفى وأقصد هنا النص الدينى المقدس وهو الوحى –القرآن والسنة الصحيحة- والتى لا تقبل لكائن كان أن يتلاعب بها أو يحرف مضمونها أو ينحرف عن مقاصدها.

ثانياً: إدراكهم أن هذه الأمة ثباتها مهما طال فلا بد من وثبة تبعث فى شرايينها الحياة، وعليه فهم يجدونها فرصة فى هذه اللحظة من الضعف لحذف كل ما يخشونه أن يُعجل بنهوضها وعودتها للحياة ودخولها السباق الحضارى بل وريادته مرة أخرى.

ومع ذلك فإن الله هو من تكفل بحفظ كتابه حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} «الحجر: 9» ولم يتركه لنا وإلا قد ضُيع وحُرف من سنين.

> قضية تجديد الفكر والخطاب الدينى أين نقف منها الآن؟

- هناك جهود تُبذل من الأزهر والأوقاف والإفتاء لا ينكرها أحد لكن الأمر يحتاج إلى رؤية مشتركة تتكامل فيها كل العقول لصياغة آليات جديدة لصناعة عقل فقهى ودعوى مجدد، عقل يحافظ على الثوابت ويدرك المتغيرات ولديه الملكات لتنزيل الشرع على الواقع تنزيلًا صحيحًا وحكيماً، عقل يولد للأمة علوماً وفنوناً جديدة ويرسم لها فقهًا للنجاة وآخر السيادة والريادة، وما يجوز فيه التجديد وما لا يجوز أمر ذكرناه سابقًا ونكرره هنا بأن التجديد يكون فى المتغيرات لا الثوابت، الفروع لا الأصول، الظنيات لا القطعيات، الوسائل لا المقاصد، تصحيح الفهوم السقيمة، دفع الأفكار الفاسد لا القواعد الراسخة، بناء فقه لأصول التقدم والحضارة، توليد العلوم الخادمة للدين ونفع المسلمين، طرق مواجهة وهداية المضللين، فهم مسالك الأقدمين، صناعة العقل المستنير والقلب السليم، تصحيح صورة الإسلام للعالمين، بناء جسر العبور للمستقبل منتصرين، بناء مجتمع المعرفة وتغيير واقع المسلمين، نشر الثقافة العلمية ومحاربة ثقافة الخرافة والدجالين، هذا هو التجديد الذى يأخذنا من الضيق والاضطرار إلى السعة والاختيار، ولن يكون ذلك إلا إذا انشغل الخطاب الدينى بنشر ثلاثية النجاة والتى تتكون من: علم يرفع، وعى يجمع، عمل يدفع.

> بصفتك باحثًا فى التاريخ والمنهج الأزهرى ومن أهم العقول المعاصرة التى تُقدم الأطروحات الفكرية للنهوض بالأزهر ورسالته العلمية.. ما الآلية التى تراها لينهض الأزهر الشريف برسالته وما دور أبنائه فى هذا الصدد؟

- هناك رؤى كثيرة فى هذا الشأن ولقد خرجت فى هذه الشأن العديد من البحوث والأطروحات ولكن من وجهة نظرى أن أهم مقترح نبدأ به فى هذا الشأن لصياغة هذه الألية أن يقوم الأزهر بحوار داخل «الأنا الأزهرى» لتقيم حال الأزهر ومؤسساته المختلفة ودوره المستقبلى.. أتمنى أن تعقد مشيخة الأزهر حلقة نقاشية عن: «رؤية شباب الأزهر لمستقبل معهدهم الخالد».. وأن تعقد المشيخة بل والإمام الأكبر بنفسه جلسات استماع مع كبار علماء الأزهر فى هذا الصدد، كما أدعو فضيلة الإمام الأكبر لعقد مؤتمر تحت عنوان: «الأزهر بين الواقع والمأمول قراءة فى عقول أبنائه» يُؤسس لحوار داخل الأنا الأزهرى ويبحث عن تطوير الذات من الداخل، نحتاج لرؤية جامعة لدور الأزهر ورسالته بين الواقع والمأمول، نحتاج لإعادة رسم رؤية للرسالة ودور للأزهر الشريف ومؤسساته من هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث والجامعة والمعاهد يشارك فيها كل أبنائه المخلصين وعقوله النيرة والمفكرة تلبى تطلعات الداخل بواقعه المتشابك والخارج بتشوقه لوسطية وطرح الأزهر، وتنهض برسالة الأزهر الجامع والمنهج والطريقة، ويضع رؤية وبرامج لعمل الأزهر فى دوائره المختلفة ومحيطه الحيوى على المستوى المصرى والعربى والإسلامى والعالمى، وكيف يشارك الأزهر فى الحفاظ على هوية الأمة؟ وكيف يقوم بتسليحها لخوض غمار هذا العالم المعقد؟، وكيف نؤسس لحوار مع الآخر من باب الندية لا من باب الدونية؟ وكيف نشارك فى بناء واقع حضارى جديد للأمة ينتشلها من مرحلة التوقف الحضارى التى تحياها إلى مرحلة الاستئناف الحضارى، ثم الريادة الحضارية كما سبق وقد ذكرنا.