رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عزيزى الإنسان.. لماذا لم يكن الإسلام أول الرسالات من بداية الخلق إلى نهايته؟

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

د. محمد داود

الله حكيم خبير.. له فى خلقه شؤون يجريها وفق نواميس وسنن توافق مراده، فهو عز وجل (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)) «الأنبياء»، فليس أحد فى حكمته ولا فى علمه ولا فى قدرته.. واقتضت حكمة الله تعالى أن يرسل فى كل أهل زمان ومكان من يصلح من اعوجاجهم ويردهم إلى طريقه القويم، ومع توالى الأزمان واختلاف الأماكن وتراكم العلل الإنسانية، تفَضَّل الله على العالم أجمع بأن أرسل إليهم رسولًا لا إلى قومه خاصة، وإنما إلى الناس كافة بشيرًا ونذيرًا، كِتَابُه ناسخ لكل الكتب قبله ومهيمن على ما سواه، ودعوته باقية على مر العصور منذ بعثته وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وأما لماذا تأخرت البعثة النبوية حتى خُتِمَت بها الرسالات؛ فهذا هو مُقْتَضَى عموم الرسالة المحمدية، وخُصُوص ما سبقها من الرسالات، كما قال رسول الله : «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلى»، فذكر منها: «وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» (متفق عليه).

ولا يخفى أن الرسالة الشاملة لعموم البشرية، بل للثقلين جميعًا، إذا ابتدئ بها فلن يكون لما بعدها معنى، بل سيكون تقديمها بمثابة تقديم الناسخ على المنسوخ، وقد سبق أن أشرنا إلى أن البشرية مرَّتْ بمراحل وكانت الشرائع تناسب أحوالها، ثم ختم الله الشرائع بشريعة محمد  لمناسبتها لهذا الختم من وجوه.. لكمالها ووفائها بحاجات البشر إلى يوم القيامة.

وقال المراغى فى تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)) «فاطر».. أى: إن الله خبير بأحوال عباده، بصير بما يصلح لهم، فَيُشَرِّع لهم من الأحكام ما يناسب أحوال الناس فى كل زمان ومكان، ويرسل من الرسل من هو حقيق بتبليغ ذلك للناس: ( اللَّهُ

أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) «الأنعام: 124».

دعوة الرسل تقوم على التوحيد:

ودعوة الرسل جميعًا تقوم على التوحيد الخالص لله تعالى، إلا أن كل رسول يختص بتقويم الانحراف الحادث فى عصره وموطنه، ذلك أن الانحراف على الصراط المستقيم يختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان، ولما كان النبىُّ محمد  خاتم الأنبياء والمرسلين، فقد جاءت رسالته عامة شاملة لكل أسس التقويم والهداية التى جاءت فى الكتب السماوية وزائدة عليها حتى تكون صالحة لكل زمان ومكان.

وسبب آخر لختم الرسالات بالإسلام هو أن الأمم على عهد الرسل الأولين كانت تعيش فى عزلة لا تقارب بينها ولا اتصال إلا على الوسائل البدائية، لكن الوضع تغير كثيرًا بعد رسالة محمد ، فأصبحت المسافات مطوية والاتصال الأممى واقعًا لا سيما فى العهود المتأخرة مما جعل حمل الرسالة إلى جميع من فى الأرض متاحًا؛ فاقتضت حكمة الله تعالى ختم الرسالات بالإسلام، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) «المائدة: 3».

ولذلك حينما نُسأل نحن المسلمين: لماذا أنتم مسلمون؟! نقول: لأننا نؤمن بالأديان كلها.. ونحن مأمورون بذلك.. ولكن لما كان الدين الإسلامى هو آخر هذه الأديان، كان هو واجب الاتباع دون غيره..