رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكايات من تاريخ الظُلم.. من فنون إزهاق الأرواح

بوابة الوفد الإلكترونية

مصطفى عبيد

كان للجبابرة والطغاة أساليب عديدة فى التخلص من ضحاياهم، ويمكن القول إن ضرب العُنق كان أشهر وسائل تنفيذ حُكم الإعدام خلال عهد الخلافة الأموية والعباسية.

هذه القتلة كانت رغم دمويتها سريعة حاسمة، أقل عذاباً، وأقصر ألماً لدى الضحايا، غير أن بعض الخلفاء انفردوا بفنون قتل أخرى موغلة فى الحقد والقسوة.

القصة التى يُقدمها لنا أبوالفرج الأصفهانى فى بيان ترجمته للشاعر وضاح اليمن فى كتاب «الأغانى» تشير إلى قسوة الخليفة الوليد بن عبدالملك فى معاقبة شاعر منفلت اللسان أصاب شعره بيت الخلافة.

كان الشاعر عبدالله بن إسماعيل بن كلال من أجمل شعراء اليمن، واشتهر بحبه لفتاة فارسية، وكتب فيها أشعاراً عديدة حتى كاد عقله أن يذهب، ولقّب الناس الشاعر بوضاح اليمن نظراً لجماله.

وكان الشاعر منفلتاً، كلما رأى فتاة أو سيدة كتب فيها شعراً مُتخيلاً أنها حبيبته، مما كان محط تهديد وتوعد كثير من الناس، غير أنهم كانوا يرجعون فى النهاية إلى تجاهله بعد ذلك مُعتبرينه شاعراً مهووساً.

وفى خلافة الوليد بن عبدالملك حجت زوجته المُلقبة بأم البنين، وحذر الخليفة كافة شعراء الحجاز من أن يذكرها أحدهم بشعر أو أى شىء خلال زيارتها إلى مكة. ولما كان وضاح مهووساً، فقد شاهد أم البنين وموكبها خلال الحج، وقيل إنها عرفت أنه وضاح فطلبت منه أن يقول فيها شعراً خيالياً، وكتب وضاح قصيدة طويلة قال فيها:

«حتام نكتم حبنا حتاما/ وعلام نستبقى الدموع علاما

إن الذى بى قد تفاقم واعتلى/ ونما وزاد وأورث الاسقاما

قد أصبحت أم البنين مريضة/ نخشى ونشفق

أن يكون حماما

يارب أمتعنى بطول بقائها/ واجبر بها الأرمال والأيتاما».

وبلغت تلك الأبيات الخليفة الوليد، واعتبرها كسراً لمقام الخلافة، وخروجا عن الأدب، فبعث مَن يقبض على الشاعر المنفلت، ولم يستمع لنصيحة ابنه عبدالعزيز الذى طلب منه تجاهل الأمر حتى لا يشتهر بين الناس.

وأحضر الشاعر وضاح بين يدى الوليد، الذى قال له : أيها الكلب لن تزدجر حتى تُدفن حياً.

ولم يصدق الشاعر تهديد الخليفة، حتى رأى تابوتاً كبيراً أمروه أن ينام فيه. ولم يلبث أن أغلق التابوت عليه ثُم رُبط بحبل ليتدلى فى بئر عميق داخل قصر الخلافة ثُم أغلق البئر تماما.

وظل الشاعر المدفون حياً حبيساً تابوت الوليد حتى زمن الدولة العباسية عندما تهاجا اثنان أحدهما من نسل الوليد، فقال له الآخر أبيات شعر وضاح فى أم البنين، وقال له إنه مدفون فى تابوت فى القصر القديم. وذهب حفيد الوليد إلى القصر وبحث ليجد البئر وأخرج منه التابوت كما كان، ثُم أخرج جثمان الشاعر فدفنه.

لكن رغم ذلك وصلتنا أبيات شعره.

 

[email protected]