رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجموعة السلطان قلاوون.. تحفة معمارية شاهدة على جمال الفن الإسلامى

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب: عبدالحميد الصياد

 

تزخر القاهرة بالعديد من الآثار والشواهد التى تحكى عظمة التاريخ الإسلامى، وتقف شامخة فى متحف مفتوح للزائرين والمهتمين بالآثار على مر العصور، وخاصة العصر المملوكى الذى ترك طرازاً فريداً فى العمارة الإسلامية، وما خلفه السلاطين من صروح دينية ومدنية مثال لجمال الزخرفة ودقة البناء وضخامته، بقيت علامات بارزة سجلت أسماءهم بأحرف من نور.

مجموعة السلطان قلاوون، التى تقع بشارع المعز لدين الله الفاطمى، أشهر شوارع القاهرة السياحية، تعد أعظم المنشآت المملوكية الباقية، وتمثل نمطاً مميزاً فى التصميم، وتضم مدرسة ومدفناً وسبيلاً وبيمارستان (مشفى)، وألحق بها ثلاثة حمامات، وتنسب هذه المجموعة إلى السلطان منصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى، واستغرق بناء هذه المجموعة أربعة عشر شهراً فقط.

والسلطان قلاوون، صاحب هذه المجموعة المعمارية الخالدة، هو الملك المنصور سيف الدين أبوالمعالى قلاوون، وهو سابع ملوك الترك بمصر، تولى عرش مصر سنة 678هـ (1276م) بعد أن عزل سلامس بن الظاهر بيبرس الذى كان «قلاوون» يقوم بالوصاية عليه، وهو أيضاً من مماليك الصالح نجم الدين أيوب، وأخذ يتقلد المناصب حتى ظفر بحكم مصر، ويعد المنشئ الثانى لدولة المماليك البحرية، كما يرجع إليه الفضل فى صد المغول عن العالم الإسلامى، فى الزحف الثانى الذى قام به «أبغا» وأخوه «منكوتمر» على الشام، فهزمهم هزيمة ساحقة فى حمص سنة 681هـ (1282م).

 

كتلة المدخل

يقع المدخل الرئيسى فى وسط المجموعة، وعلى يمينه واجهة قبة الدفن، وعلى يساره واجهة إيوان قبلة المدرسة الذى يبرز عن واجهة القبة بمقدار (10 أمتار)، وتصميم هذه الواجهة من التصاميم الغريبة فى العمارة الإسلامية بمصر، وتمتد هذه الواجهة من الشرق إلى الجنوب، فمن الشرق نجد المئذنة يليها إلى الجنوب واجهة القبة.

 

واجهة القبة

تتكون من مستطيلات رئيسية تتوجها عقود مدببة المستويات ترتكز على أكتاف بارزة، أسفل كل كتف منها عمود رخامى، يحتوى كل منها على (3) صفوف من الشبابيك فوق بعضها البعض، السفلية مستطيلة والوسطى قمرية ذات حجاب من الجص المعشق بالزجاج، والعلوية على هيئة قندليات بسيطة من الجص المعشق بالزجاج الملون، ويتوج هذه الواجهة صف من الشرفات المسننة، زخرف وجهها بالزخارف النباتية البارزة، ويتخلل الواجهة أعلى الشبابيك الطراز الكتابى الذى يحوى تاريخ البناء واسم المنشئ وألقابه.

 

القبة من الداخل

يُدخل إلى القبة عبر بابين على يمين الممر الرئيسى للمجموعة، يقابلهما بابان يؤديان إلى المدرسة، يؤدى الباب الأول إلى داخل القبة مباشرة، ويؤدى الثانى إلى صحن مكشوف يحيط به من ثلاث جهات رواق مسقوف بقباب ضحلة، ويتوسط الجدار الجنوبى من الصحن مدخل القبة، وهذه القبة لم تكن مشيدة لغرض الدفن، وإنما لتكون مسجداً ومدرسة، ولم تجهز لغرض الدفن إلا بعد وفاة المنصور قلاوون نفسه، حيث دفن بالقلعة إلى أن تم إعداد مكان لدفنه بقبته بعد شهرين من وفاته سنة 69هـ، وقام عبدالرحمن كتخدا بهدم القبة الأصلية سنة 1175هـ - 1761م نظراً لخطورتها على الطريق.

 

المئذنة

تعتبر أضخم مئذنة بنيت فى مصر، وتقع بالطرف الشرقى من الواجهة، وتتكون من ثلاثة طوابق، الأول والثانى مربعان، والثالث أسطوانى، ويتوج المئذنة قمة ترجع إلى أعمال التجديد التى قام بها الناصر محمد بن قلاوون بعد زلزال عام 702هـ، ويزخرف المئذنة فى الطابق الأول والثانى عقود على هيئة حدوة الفرس، أما الطابق الثالث فمزخرف بعقود ذات زخارف بارزة.

 

المحراب

جاء المحراب مزخرفاً بالفسيفساء الرخامية، واكتشف حديثاً أن المادة التى استخدمت فى لصق هذه الفسيفساء هى

اللبان حتى يصدر رائحة حسنة.

أما السقف فهو عبارة عن سقف خشبى مزخرف بطريق القصع ومذهب وملون باللازورد.

 

المدرسة

تتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به عدة إيوانات أكبرها إيوان القبلة الذى يقع بالجهة الجنوبية الشرقية، ويتكون من مستطيل مقسم إلى ثلاثة أروقة، والإيوان الشمالى الغربى إيوان ضخم فقدت واجهته المعقودة، وعلى يمينه فتحة باب كانت تؤدى لممر منكسر يوصل للدهليز الكبير، وبهذا الممر سلم موصل لخلاوى الطلاب، والإيوان الشمالى الشرقى كان بصدره مدخل فرعى تحول الآن إلى المدخل الحالى للمدرسة.

 

البيمارستان

«البيمارستان» كلمة فارسية الأصل تعنى (مستشفى) ومعناها «محل المریض»، يدخل إليه من نهاية الممر الرئيسى المنكسر للمجموعة، واشتمل على أقسام خاصة بالرجال وأخرى بالنساء، وأقسام للجراحة والتجبير وأمراض العيون والأمراض النفسية والعقلية، وقاعات لعزل المرضى ذوى الحالات الخطيرة، كما قام البيمارستان بوظيفة المستشفى التعليمى، حيث اشتمل على قاعات المناقشات العلمية بين الطلبة والأطباء، ومكتبة وصيدلية، وقد اختفى الإيوان الجنوبى الغربى، وحل محله مستشفى الرمد.

أما سبب بناء البيمارستان فإن الملك المنصور لما توجه وهو أمير إلى غزو الروم إبان عهد الظاهر بيبرس، أصابه بدمشق مرض عظيم فعالجه الأطباء بأدوية من البيمارستان الكبير هناك فبرئ، فنذر إن أتاه الله الملك أن يبنى (بيمارستان) فى مصر، وبالفعل بناه على غرار البيمارستان الغورى بدمشق، وكان السلطان قلاوون قد أوقف العديد من الأسواق والحمامات وغيرها، لتخصص أجرتها للبيمارستان المنصورى، ومن مشاهير علماء الطب الذين عملوا به الطبيب العربى علاء الدين بن النفيس، الذى أوقف كل ما يملكه من مال وعقار على البيمارستان المنصورى.

 

السبيل

شيده جمال الدين أقوش عندما تولى نظر البيمارستان فى عصر الناصر محمد بن قلاوون 726هـ - 1325م، وقد ألحق بواجهة المدرسة، وذلك عوضاً عن حوض سقى الدواب الذى كان بنفس المكان من الواجهة، وللسبيل قبة محمولة على رقبة مغطاة بالبلاطات الخزفية، ويعتبر الأول من نوعه فى العصر المملوكى البحرى.

وقد عنيت لجنة حفظ الآثار بترميم مجموعة السلطان قلاوون، واستغرقت أعمال الترميم تسع سنوات، ومن أعمال الترميم التى قامت بها مثلاً أن عادت القبة سنة (1908م) على شكل قبة الأشرف خليل بن قلاوون وغيرها من أعمال الترميم، حيث ظهرت هذه المجموعة فى ثوب جديد بعد الترميم لتعكس عراقة الآثار المملوكية الباقية حتى الآن.