عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكايات من تاريخ الظلم : عاشق الدماء

بوابة الوفد الإلكترونية

مصطفى عبيد

امتلأت كُتب السير بلعنات صُبت على الرجل باعتباره من أشهر الظالمين الذين خدموا فى بلاط الخلافة الأموية. هو الحجاج بن يوسف الثقفى الذى كان يعشق سفك الدماء حتى قال عنه الإمام الذهبى» كان ظلوماً غشوماً». وقال عنه الحسن البصرى «الحجاج عذاب الله فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم».

الغريب أن الوحيد الذى حاول إنصاف الحجاج كان ابن تيمية عندما تحدث عن جهاده وفتوحاته وحاول تبرئته من تهمة رمى الكعبة الشريفة بالمنجنيق عند حصار عبدالله بن الزبير.

لمع الرجل بعد أن نجح فى دحر عبدالله بن الزبير وشراء رجاله حتى انتهى به الحال مُحاصراً فى الكعبة بمكة الكريمة وسط عدد قليل من أهله ومحبيه. انتصر الحجاج وقتل ابن الزبير وأعاد الخلافة مرة أخرى إلى بنى أمية، مما دفع الخليفة عبدالملك بن مروان أن يُكرمه ويعظمه ويقدمه على كل رجال دولته. وهكذا صار الرجل والياً على الحجاز، ثُم تولى العراق، وصارت له سلطات واسعة حتى إنه كان يختار قادة الجيوش إلى كل مكان.

عُرف الرجل بحب سفك الدماء، ولم يكن يكترث بقطع رقبة إنسان بمجرد الشك، حتى أن عُمر بن عبدالعزيز، قبل توليه الخلافة، كان يتجنب الاجتماع معه فى مكان واحد بغضاً لظلمه. وصح أنه قال عنه «لو جاءت كل أمة بأشرارها وجئنا بالحجاج لكفانا».

وقد وردت حكايات عديدة حول ضحايا الحجاج، لكن أكثرهم كانوا من شيعة على بن أبى طالب، وكان واضحاً أن الرجل تفوق على الأمويين أنفسهم فى كراهية رابع الخلفاء الراشدين. وكلما سمع الرجل بمُحب لعلى بعث إليه ليمتحنه، وغالباً ما تكون نتيجة الامتحان الحكم بإعدام المُمتحن، الذى يرفض لعن على أو سبه.

وأشهر ضحايا الحجاج كان سعيد بن جبير، أحد العلماء التابعين، والذى دارت بينهما محاورات عجيبة كان منها أن الحجاج سأل سعيداً عن على إن كان فى الجنة أم

النار، فأجاب بأنه لو دخل الجنة لعرف. ثُم سأله عن أى الخلفاء يحب فقال: أتقاهم لله. وأبدى الحجاج تشككه فى أن يكون الرجل من شيعة على فقال له: هل تطلب العفو منى، فرد سعيد بشجاعة: منك لا، وإنما من الله. ولم تعجب الحجاج جرأة سعيد فقال له: اختر قتلة أقتلك بها، فجاءت إجابة سعيد أكثر جرأة وهو يرُد: بل اختار أنت قتلة أقتلك بها يوم القيامة. فاغتاظ الحجاج وأمر بذبحه.

وتُجمع القصص المتداولة على أن سعيد بن جبير دعا الله ألا يسلط الحجاج على أحدِ بعده، فلم يمر سوى خمسة عشر يوماً، حتى مرض الحجاج مرض مفاجئ يسمونه فى الكتب التاريخية داء البطن ومات سريعاً بعد ذلك.

الطريف فى قصة هذا الجلاد الطاغى أنه دعا الله قبل موته قائلاً «اللهم اغفر لى، فإنهم زعموا أنك لا تفعل» وقد قيل إن عمر بن عبدالعزيز بلغه ذلك فقال «ما أحسده إلا على ذلك»، وبلغ الحسن البصرى الأمر، فقال «والله إنى أخشى أن يغفر الله له».

والمؤسف أن كتب كثير من السلفيين تحاول تبرئته باعتباره حارب الشيعة ووأد الثورات ورد الفتن، بل إن بعضهم اعتبره مجاهداً وفاتحاً وحافظاً للقرآن الكريم. ولله فى خلقه شئون.

 

[email protected]