عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عزيزى الإنسان.. لماذا لا يتم إقصاء الدين بعيدًا عن العلم حتى نتقدم؟

بوابة الوفد الإلكترونية

 

د. محمد داود

عزيزى... بين الحين والحين تقوم معارك فكرية بسبب محاولة بعضهم إقصاء العلم عن الدين (الإسلام)، ويحتدُّ النقاش دون محاولة جادة لأن يفهم بعضنا بعضًا، وتتباعد المسافات، وقد يصل الأمر إلى العناد وتبادل الاتهامات، ونحن الآن نريد أن نعود بالمسألة إلى ساحة الفكر والعلم فى مناقشة فكرية علمية لا تنال من الأشخاص بل تكون حريصة عليهم، وفى ظلالها حب الخير لهم، ونسأل الله تعالى العون فى الوصول إلى بر الأمان، حيث الإقناع وليس الإكراه.

فالقرآن الكريم هو الذى أدان كل اتباع أعمى يُلقى بزمامه إلى سلطة لا تستند إلى العقل وإلى العلم «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ» (البقرة: 170).

إننا هنا لا ندافع ولا نهاجم وإنما نبين الحق والصواب، وسبيلنا فى هذا البيان أن نقارع حُجة بِحُجَّة ورأيًا برأى، فالآراء يقدح بعضها بعضًا، ملتزمين فى كل ذلك بهدْى القرآن الكريم فى أدب الحوار مع المخالف بالجدال بالتى هى أحسن.

وما أروع هذه العظمة وهذا التسامى، بإتاحة الفرصة كاملة للعقل كى يتأمل ويتدبَّر، دون نية مُبَيَّتة بافتعال المواقف أو تشويه الصورة أو إلصاق العيب بالمخالف.

وإنما هى الرغبة فى الحق، والحق وحده، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! ذلك الذى دعا إليه القرآن الكريم فى حــوار المخالفين وجـدالهم، قال الله تعالى: «قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» (سبأ: 24).

أسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا جميعًا إلى الحق والصواب.

ولنبدأ الرحلة:

ومن المهم بداية بيان فكرة الذين ينادون بفصل الدين عن العلم، وتحديد حجتهم فى ذلك، فهذا من الإنصاف ومن ثوابت المنهج العلمى وأمانته.

الفكرة العلمانية:

إن فكرتهم فى فصل الدين عن العلم تقوم على حجة عقلية هى:

(أن الدين ثابت والعلم متغير، والربط بين الثابت الدينى والمتغير العلمى ليس فى صالح الدين، بل يقودنا إلى صدام بينهما).

ونحن بحاجة إلى ضبط مصطلحات مهمة فى المسألة:

أولاً: ضبط مصطلح العلم (المتغير) الوارد فى حجتهم:

المتغير هو النظريات العلمية التى لا تزال فى طور البحث والاختبار العلمى والتصحيح والتصويب، هنا يكون علميًّا لا يتدخل فيه رجل الدين ولا الدين

فى هذه المرحلة؛ لأن القرآن الكريم هو الذى اعتمد الدليل العلمى، وسيأتى بيان ذلك.

أما بشأن الحقائق العلمية التى استقرت وأقام البشر على نتائجها صناعات فى المجال التطبيقى كطيران الطائرة وطفو السفينة... إلخ ذلك، فهذه الحقائق العلمية تأكدت.

إذن علميًّا الإطلاق والعموم فى استعمال عبارة (العلم متغير) دون تمييز بين النظرية والحقيقة غير صحيح، وينبغى أن يراجعوا أنفسهم؛ لأن فيه خلطًا يرفضه العلم والعلماء، فبين النظرية العلمية والحقيقة العلمية فرق واضح.

ثانيًا: ما موقف القرآن والدين الإسلامى عامة من العلم؟.. هل بينهما تصادم؟!

الحقيقة أن القرآن الكريم هو الذى استشهد بالعلم من أول آية من آياته: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)» (العلق).

ومسألة خلق الإنسان من علق حقيقة علمية استشهد بها القرآن، وما كان لأحد من البشر أى معرفة بهذه الحقيقة وقت نزول القرآن الكريم.

أيضًا لقد اعتمد القرآن الدليل العلمى، قال تعالى: «سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِى الْآَفَاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد» (فصلت: 53).

فعلوم الآفاق علم تطبيقى: (فى الفلك، فى البحار، فى الطب، فى الهندسة... إلخ).

ولأن القرآن الكريم اعتمد الدليل العلمى، نجد مئات الآيات التى فيها استشهاد القرآن الكريم بالأدلة العلمية والحجة العلمية أمام المنكِر والمخالف.

إذن فكرة إقصاء العلم عن الدين (الإسلام) تحت زعم وَهْم التعارض، فكرة لا تتوافق مع حقيقة القرآن، بل تسلبه خصيصة من أهم خصائصه التى اختص الله بها هذا الكتاب.